قوات النظام وميليشيا إيرانية تحشد في «مثلث الجنوب» السوري

المعارضة تعلن النفير العام... وقصف مكثف على حماة

«الجبهة الجنوبية» تتصدى لحشود ضخمة من الميليشيات (الهيئة السورية للإعلام)
«الجبهة الجنوبية» تتصدى لحشود ضخمة من الميليشيات (الهيئة السورية للإعلام)
TT

قوات النظام وميليشيا إيرانية تحشد في «مثلث الجنوب» السوري

«الجبهة الجنوبية» تتصدى لحشود ضخمة من الميليشيات (الهيئة السورية للإعلام)
«الجبهة الجنوبية» تتصدى لحشود ضخمة من الميليشيات (الهيئة السورية للإعلام)

دفع النظام السوري بتعزيزات من قواته وميليشيا إيرانية إلى محاور «مثلث الموت» الذي يربط درعا بالقنيطرة ودمشق، تحضيراً لهجوم واسع على مناطق سيطرة المعارضة محاولا استعادة ما خسرته في جولات القتال الأخيرة، في وقت أعلنت فصائل المعارضة المسلّحة النفير العام، والاستعداد لمواجهة أي تقدّم لقوات النظام على هذه المحاور، وانسحب هذا التصعيد على جبهات القتال في ريفي حماة الشمالي والشرقي، التي كانت هدفاً لعشرات الغارات.
وأعلنت فصائل «الجبهة الجنوبية» في «الجيش الحر» في بيان «رفعِ جهوزيتها القتالية، واستنفار جميع تشكيلاتها، استعداداً لعملية عسكرية مُتوقَّعة للنظام، في (مثلث الموت) الذي يوصل أرياف درعا بالقُنيطرة ودمشق». وقال ناشطون معارضون في ريفِ درعا، إن النظام «أرسل تعزيزات عسكرية كبيرة إلى هذه الجبهة ضمت دبابات ومئات المقاتلين من (حزب الله)، اللبناني وصلوا إلى بلدتي قييطَة ودير العَدَس، بالتزامن مع قصف جوي ومِدفعيّ، طال كلاً من تل الحارة ومدينة الحارَّة وتل عنتر وكفْر شمس».
بدورها، كشفت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، عن «توجه حشود عسكرية كبيرة جداً، سواء بالجنود أو الآليات والمدرعات إلى مدينة درعا، في إطار خطة لإعادة احتلال حي المنشية، الذي سيطر عليه المعارضون قبل أيام، وربما ما بعد حي المنشية». وقالت إن «الحشود المشار إليها أصبحت في مدينة درعا»، مؤكدة أن «جميع مقاتليها هم من الميليشيات الشيعية الذين انتهت مهمتهم في السيطرة على مدينة حلب، وانتقلوا إلى معركة جديدة في الجنوب».
وأوضح قيادي عسكري معارض في درعا، أن «الحشود العسكرية الكبيرة والهائلة لقوات الأسد والميليشيات الشيعية، تسعى للسيطرة على أكثر من حي المنشية، وستحاول التقدم في درعا البلد».
وتدخل جبهة الجنوب، ضمن اتفاق خفض التوتر الذي وقع في اجتماعات الآستانة والذي يجعل من هذه المنطقة آمنة بحسب الاتفاق الروسي - التركي - الإيراني.
وبالتزامن مع الحشود على الأرض، نفذت الطائرات الحربية التابعة للنظام، غارات على أحياء درعا البلد وحي طريق السد في مدينة درعا، ومنطقة غرز بأطراف المدينة، في حين قصفت الطائرات ذاتها بلدة النعيمة بريف درعا الشرقي، فيما قصفت مدفعية النظام بعد منتصف ليل أمس، مناطق في السهول المحيطة ببلدة أم ولد في ريف درعا، ما أدى لأضرار مادية كبيرة، كما دارت اشتباكات أمس، بين قوات النظام، والفصائل المعارضة على محور بلدة اليادودة، بريف درعا الغربي، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.
تصعيد الجنوب، انسحب على ريف حماة أيضاً، وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «الطائرات الحربية نفذت 15 غارة على بلدات عقيربات، حمادة عمر، سوحا بريف حماة الشرقي، الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى». لكن المعارضة اتهمت النظام باستهداف المدنيين حصراً في هذه المناطق. وأعلن محمد رشيد الناطق الإعلامي باسم «جيش النصر» في ريف حماة الشمالي، أن النظام «يعتمد الآن سياسة استهداف المدنيين في ريفي حماة الشرقي والشمالي». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الغارات الجوية، تطال القرى والبلدات الخالية من مسلّحي «داعش» ومقاتلي الفصائل المعارضة. ورأى أن «النظام وداعش لديهم أجندة واحدة». وسأل «لماذا القصف يطال القرى الخالية من مقاتلي التنظيم، في حين أن (داعش) يتواجدون في ثكنات عسكرية مكشوفة، ولا تتعرض هذه الثكنات للقصف»، معتبراً أن النظام «يحاول استخدام المدنيين كورقة ضغط، لتأليب الرأي العام ضدّ الثوار».
وأعلن رشيد أن النظام «يستهدف بالمدفعية الثقيلة، وراجمات الصواريخ، بلدات اللطامنة وكفرزيتا وبيت زكا وريف إدلب الجنوبي، رغم أن هذه المناطق مشمولة بـ(مناطق تخفيف التوتر)»، كاشفاً أن فصائل الجيش الحر «تعمل على إعادة هيكلة تشكيلاتها العسكرية، تحضيراً لمعركة أوسع، وفي نفس الوقت تردّ على مصادر النيران».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».