خروج الدفعة الأخيرة من مهجري برزة إلى الشمال السوري

النظام يتذكر للمرة الأولى استشهاد حامية البرلمان على يد الانتداب الفرنسي

سرية فرسان ورياضيي الشرطة التابعة للنظام السوري تجوب الشوارع في عرض احتفالي غير مألوف (مواقع سورية)
سرية فرسان ورياضيي الشرطة التابعة للنظام السوري تجوب الشوارع في عرض احتفالي غير مألوف (مواقع سورية)
TT

خروج الدفعة الأخيرة من مهجري برزة إلى الشمال السوري

سرية فرسان ورياضيي الشرطة التابعة للنظام السوري تجوب الشوارع في عرض احتفالي غير مألوف (مواقع سورية)
سرية فرسان ورياضيي الشرطة التابعة للنظام السوري تجوب الشوارع في عرض احتفالي غير مألوف (مواقع سورية)

بينما كانت تتجهز الدفعة الرابعة والأخيرة من مُهجّري حي برزة في دمشق صباح أمس، للمغادرة باتجاه الشمال السوري. كانت سرية الفرسان ومواكب السيارات التابعة لوزارة الداخلية في حكومة النظام السوري تجوب شوارع العاصمة حاملة الأعلام والرايات احتفالا بيوم قوى الأمن الداخلي الذي يتزامن مع ذكرى استشهاد حامية البرلمان من الشرطة والدرك على يد قوات الانتداب الفرنسي في التاسع والعشرين من مايو (أيار) عام 1945.
من جانبه أعلن محافظ دمشق بشر الصبان، أمس، عن بدء تنفيذ المرحلة الرابعة مما سماه «اتفاق المصالحة» في حي برزة بدمشق.
وشاهد سكان العاصمة، صباح أمس، أكثر من عشر حافلات وهي تدخل إلى حي برزة لنقل نحو 469 شخصا بينهم نساء وأطفال، يشكلون الدفعة الرابعة والأخيرة من مهجري حي برزة من المعارضين للنظام وذوي المسلحين في حيي برزة والقابون (شرق دمشق) إلى شمال البلاد، والتي سبقها ثلاث دفعات توزعت على عدة قرى شمال إدلب، إضافة إلى مخيمين بالقرب من مدينة «معرة مصرين» بالريف الشمالي. ويأتي ذلك تنفيذا لاتفاق بين قوات النظام وأهالي الحي، يقضي بإخراج المعارضين (المدنيين والمقاتلين وعائلاتهم) إلى مناطق سيطرة المعارضة في الرابع من شهر مايو الجاري. وبحسب مصادر في المعارضة فإن قوات النظام تركت الخيار مفتوحاً أمام هذه الدفعة، بين الخروج إلى إدلب أو إلى مدينة جرابلس بريف حلب. مع الإشارة إلى أن المرحلة الثالثة من اتفاق برزة انتهت في العشرين من الشهر الجاري بخروج 2672 شخصا بينهم 1076 مسلحاً.
إلى ذلك، فوجئ سكان العاصمة، يوم أمس، بسرية فرسان ورياضيي الشرطة يجوبون الشوارع في عرض احتفالي غير مألوف، إذ لا يذكر السوريون أن شرطة النظام سبق واحتفلت بيوم عيدها على هذا النحو، فقد انطلق مواكب السيارات ودراجات نارية من ساحة باب مصلى حيث مركز الأمن الجنائي وفرع شرطة المرور، متجها إلى نفق البعث فوزارة الداخلية ثم ساحة الأمويين وصولا إلى أوتوستراد المزة ثم العودة بالعكس. أما عروض الفرسان، فكان التجمع في مدينة المعارض القديمة والانطلاق باتجاه ساحة الأمويين ثم جسر فكتوريا فساحة المرجة وصولا إلى دوار المحافظة، والعودة بالعكس. وتضمن العرض رفع الإعلام والشعارات، الخاصة بالمناسبة والتي تحيي ذكرى استشهاد حامية البرلمان من الشرطة والدرك على يد قوات الانتداب الفرنسي في 29 من مايو عام 1945.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن رئيس الاتحاد الرياضي السوري للشرطة العميد حاتم الغايب، قوله إن العرض جاء احتفاء بيوم قوى الأمن الداخلي وتخليدا لشهداء الشرطة.
ولا يذكر السوريون أن نظام الأسد سبق واحتفى بذكرى شهداء حامية البرلمان من الشرطة رغم مطالبات المؤرخين الدمشقيين بإحياء تلك الذكرى الأليمة لما تمثله من معان وطنية، حين رفض رئيس المجلس النيابي سعدالله الجابري يوم 29 مايو 1945 إنذار الجنرال الفرنسي أوليغار روجيه وطلبه بأن تقوم حامية البرلمان بتحية العلم الفرنسي عند إنزاله مساء عن دار الأركان الفرنسية المواجهة لمبنى البرلمان، وأوعز الجابري إلى قائد الدرك العام بألا يستجيب للأمر الفرنسي. وخلال ساعات طوقت القوات الفرنسية البرلمان وقصفته بينما اجتاحته فرق المشاة من السنغال ونكلوا بالشرطة السوريين الذين دافعوا ببسالة عن البرلمان، وقتل منهم 28 شرطيا ودركيا بعد أن نفدت ذخيرتهم. ونجا منهم اثنان فقط، لتبقى ذكراهم في وجدان من عاصر تلك الفترة، إذ مهدت تلك المجزرة لتسريع عملية جلاء القوات الفرنسية عن سوريا وإنهاء الانتداب.
وفي عام 1957 وضع رئيس مجلس النواب آنذاك أكرم الحوراني لوحة رخامية سوداء كبيرة في صدر قاعة استراحة النواب (المكان الذي شهد المجزرة)، حملت أسماء الشهداء وأسماء مدنهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».