النظام يسابق «قسد» إلى البادية وتقليص المسافة مع دير الزور

أهميتها استراتيجية بسبب آبار النفط والرابط الجغرافي مع عدة دول

صورة ملتقطة في العاشر من الشهر الجاري لمخيم نازحين في بلدة الكرامة قرب مدينة الرقة معقل تنظيم داعش (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة في العاشر من الشهر الجاري لمخيم نازحين في بلدة الكرامة قرب مدينة الرقة معقل تنظيم داعش (أ.ف.ب)
TT

النظام يسابق «قسد» إلى البادية وتقليص المسافة مع دير الزور

صورة ملتقطة في العاشر من الشهر الجاري لمخيم نازحين في بلدة الكرامة قرب مدينة الرقة معقل تنظيم داعش (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة في العاشر من الشهر الجاري لمخيم نازحين في بلدة الكرامة قرب مدينة الرقة معقل تنظيم داعش (أ.ف.ب)

قلصت قوات النظام السوري المسافة التي تفصلها عن مسكنة، آخر معاقل تنظيم داعش بريف حلب الشرقي، بموازاة تصعيد عسكري في ريف حماة الشرقي، ما يشير إلى أن النظام يسعى للتمدد في البادية السورية في خطة تبدأ بعد استكمال السيطرة على ريف حلب الشرقي.
ويفتح هذا المسعى سباقاً بين قوات النظام وقوات «سوريا الديمقراطية» للسيطرة على البادية السورية، في مرحلة ما بعد معركة الرقة، بحسب ما قال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن حسم معركة الرقة «سيفتح السباق بين النظام والقوات الكردية على معركة دير الزور» أبرز المدن في شرق سوريا التي بدأت جميع الأطراف المعنية بالحرب على «داعش» بالانطلاق ناحيتها، عبر توسيع نقاط سيطرتها في البادية من الجنوب والغرب والشمال، في محاولة لتقليص المسافة نحو دير الزور. وتكتنف البادية السورية أهمية استراتيجية كونها تتضمن حقول النفط وتشكل رابطاً جغرافياً بين سوريا والعراق وتركيا والأردن جنوباً، وهي مناطق خالية يشغلها «داعش» في الوقت الحالي، في حين تسعى كل أطراف النزاع في سوريا لتثبيت نقاط تواجد جديدة على الخريطة.
وقال مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام السوري «يحاول إشغال المناطق الصحراوية في البادية ويسابق (قوات سوريا الديمقراطية) إلى منطقة البادية المحاذية للريف الجنوبي لمدينة الرقة»، مشيراً إلى أن «النظام وروسيا وإيران يسعون لمنع تمدد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي إلى المنطقة التي تتيح لمن يشغلها التقدم أكثر باتجاه دير الزور». وتابع: «من يحرر الرقة، ستكون له الكلمة الفصل في مستقبل سوريا».
وواصل النظام التقدم في ريف حلب الشرقي على حساب تنظيم داعش، حيث سيطر على مجموعة من القرى والبلدات الواقعة غربي بلدة مسكنة، آخر معاقل تنظيم داعش في ريف حلب الشرقي، بالتزامن مع استهداف البلدة بالقصف المدفعي، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا» الرسمية. وأفادت الوكالة بـ«استعادة السيطرة على عشرات القرى»، استكمالاً لحملة عسكرية استؤنفت الأسبوع الماضي، وأسفرت على السيطرة على قرى غرب مسكنة بـ3 كم بعد السيطرة على مطار الجراح العسكري.
كما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطائرات المروحية واصلت إلقاء براميلها المتفجرة على مناطق في بلدة مسكنة وريفها بالريف الشرقي لحلب، بالتزامن مع غارات نفذتها الطائرات الحربية على المناطق ذاتها.
وفي حال سيطرت قوات النظام على مسكنة، والقرى الواقعة تحت سيطرة «داعش» في ريف حلب الشرقي، ستصبح قوات النظام على تماس مع القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية التي سيطرت على مدينة الطبقة الشهر الماضي، في جنوب غربي مدينة الرقة. كما تتيح لقوات النظام الانطلاق جنوباً على خط خناصر – أثريا الصحراوي في ريف حماة، وتمكنها من الانطلاق في المعركة نحو عمق البادية باتجاه مدينة عقيربات، أبرز معاقل «داعش» في ريف حماة الشرقي.
وتشير الوقائع الميدانية إلى أن النظام بدأ التمهيد للمعركة عبر القصف الجوي، إذ أفاد ناشطون معارضون بأن طائرات النظام نفذت غارات جوية في منطقة سبخة الجبول القريبة من خناصر، كما نفذت غارات بمحاذاة طريق أثريا – خناصر، وهو طريق صحراوي يبلغ طوله نحو 80 كيلومترا، تستخدمه قوات النظام لنقل إمدادات السلاح إلى مدينة حلب، بعد إقفال طريق حلب – حماة الدولي وسيطرة قوات المعارضة عليه.
وبالموازاة، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الطائرات الحربية نفذت عدة غارات على مناطق في ناحية عقيربات وقرية حمادة عمر بريف حماة الشرقي والخاضعة لسيطرة تنظيم داعش.
وتعد عقيربات، مدينة استراتيجية يسيطر عليها «داعش» بريف حماة الشرقي، وتسعى جميع فصائل المعارضة والنظام للسيطرة عليها منذ أن سيطر عليها «داعش» وطرد «جبهة النصرة» منها. وتكمن أهميتها في كونها منطقة اتصال بين الرقة ودير الزور والبادية السورية، كونها تقع في منطقة وسطى بين تلك المناطق، بحسب ما يقول مدير مركز «فرات بوست» أحمد الرمضان لـ«الشرق الأوسط»، مؤكداً أنه «من يسيطر على المدينة ومحيطها، يتحكم بطرق الإمداد بين وسط وشمال وشرق سوريا، وقد استخدمت كممر لتهريب السلاح».
وتحاول قوات النظام السيطرة على المنطقة عبر التقدم إليها من ريف السلمية غرباً، ومن ريف تدمر الشمالي جنوباً، وتبعد عقيربات عن ريف الرقة الجنوبي نحو 80 كيلومتراً، وتعد ميدان عمليات واحد مع ريف حلب الشرقي ومدينة إثريا بريف حماة الشرقي بالنسبة لقوات النظام.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.