الأوقاف تدعو إلى ترتيب دخول اليهود للأقصى

الحكومة الإسرائيلية تعقد جلستها الأسبوعية قرب «حائط المبكى»

الأوقاف تدعو إلى ترتيب دخول اليهود للأقصى
TT

الأوقاف تدعو إلى ترتيب دخول اليهود للأقصى

الأوقاف تدعو إلى ترتيب دخول اليهود للأقصى

دعا الشيخ عزام التميمي، مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في الحرم القدسي، إسرائيل إلى فتح مفاوضات من أجل إعادة الوضع الراهن الذي ساد في الحرم حتى عام 2000، والذي أتاح دخول اليهود إلى باحات الأقصى مثل بقية البشر، ولكن من دون أداء صلوات تمس بقدسيته الإسلامية. وقد اختارت الحكومة الإسرائيلية الرد على الدعوة بعقد جلستها العادية أمس، في قاعة قرب حائط المبكى (البراق)، تحت هذه الباحة.
وكان التميمي قد أعلن أن ما تطرحه الأوقاف يسمح لكل من يرغب في أن يزور الحرم، بمن في ذلك أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) والحركات الدينية اليهودية، ويدخل المساجد أيضاً، ولكن حسب شروط دائرة الأوقاف. وقال التميمي: «يجب أن يفهم الجميع بأنهم يزورون مسجداً ولا يحق لليهود الصلاة فيه». وأوضح التميمي أن «كل الـ144 دونماً التي تضمها منطقة الحرم الشريف هي مسجد. النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) صلى هناك. هذا هو إيماننا. لم يعارض أحد ذلك منذ مئات السنين، ولا يمكن تغيير تاريخ الـ1500 سنة الأخيرة».
والوضع الراهن الذي يتحدث عنه التميمي، هو الاتفاق الذي ساد في الحرم القدسي بين سنوات 1967 و2000، والذي حدده وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه ديان، بعد أيام من انتهاء حرب الأيام الستة. وفي إطار ذلك الاتفاق، كانت الشرطة مسؤولة عما يحدث على أبواب الحرم ومن حوله، بينما أدار المجلس الإسلامي (الوقف) كل ما حدث داخل الحرم وحدد جدول الزيارات فيه. وكان الوقف يبيع بطاقات دخول سمحت لغير المسلمين بزيارة قبة الصخرة والمسجد الأقصى والمنشآت الأخرى في الحرم، وكان هناك تنسيق بين الشرطة والوقف بشأن حجم المجموعات وإجراءات الزيارة والحراسة في المكان. وقد انهار ذلك الوضع في أعقاب زيارة أرئيل شارون، عندما كان زعيماً للمعارضة الإسرائيلية إلى المكان في سبتمبر (أيلول) 2000، واندلاع الانتفاضة الثانية، ووقف زيارات غير المسلمين إلى المكان. وقد توقفت زيارات المواطنين الإسرائيليين والسياح إلى الحرم حتى عام 2003، إلا أن وزير الأمن الداخلي، في حينه، تساحي هنغبي، قرر فتح الحرم أمام الزيارات من جهة واحدة؛ من دون تنسيق مع الأوقاف، ومن دون دخول المباني نفسها. وحتى اليوم تجري الزيارات وفقاً لذلك القرار، خلافاً لموقف الأوقاف.
يشار إلى أن التميمي تم تعيينه بشكل شخصي من ملك الأردن عبد الله الثاني، والمجلس الذي يقوده خاضع لمسؤولية وزارة الأوقاف الأردنية، لكنه ينسق نشاطاته مع السلطة الفلسطينية. وهو يتهم الحكومة الإسرائيلية بمحاولة تغيير الوضع القائم في إطار سياسة تهويد زاحف. وعلى الرغم من أن الشرطة الإسرائيلية تنفذ عمليات اعتقالات للمستوطنين اليهود الاستفزازيين، الذين يحاولون إقامة الصلوات اليهودية في الحرم، بحجة الصلاة في المكان، فإن التميمي يؤمن بأن الحكومة هي التي تسمح بذلك وتشجعه عملياً. ولإثبات ذلك، عرض مجموعة من الصور التي تم التقاطها بواسطة الهاتف، والتي يظهر فيها يهود يصلون في باحات الحرم بحراسة الشرطة.
تجدر الإشارة إلى أنه في إطار مفاوضات ثلاثية بين إسرائيل والأردن والولايات المتحدة، اعترفت إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، بأن اليهود لا يملكون حق الصلاة في الحرم، بل إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، صرح بذلك كجزء من التفاهمات مع الأردن. ولكن شرطته تواصل السماح بزيارات استفزازية خصوصاً في المناسبات اليهودية. وفي الأسبوع الماضي، في «يوم القدس» نظم «نشطاء الهيكل»، زيارة لنحو ألف يهودي دخول الحرم، وهو أكبر عدد من «الزوار» في يوم واحد منذ عشرات السنين. ويشعرون في دائرة الأوقاف بالقلق من هذا التوجه، ويقول التميمي: «نحن لسنا ضد اليهود ولا نكره اليهود. اليهود هم شعب الكتاب، ولكننا ضد المتطرفين المتدينين الذين يريدون تدمير المساجد. اليهود الذين يدخلون لا يفعلون ذلك ببراءة، إنهم ليسوا سياحاً، بل إنهم متطرفون، متزمتون، يقودهم اليمين». وحسب التميمي، فإن «الحكومة الإسرائيلية تعمل من أجل إثارة حرب دينية في الشرق الأوسط، لا يمكن توقع نتائجها. هذا استفزاز لمليار و700 مليون مسلم، وعملية تفريغ لاتفاق السلام مع الأردن من مضمونه».
المعروف أن هدوءاً نسبياً يسود في الشهور الأخيرة داخل الحرم، إذ لم تقع تقريباً مظاهرات حاشدة أو أعمال رشق للحجارة في المكان. وتنسب الشرطة ووزارة الأمن الداخلي ذلك، إلى الخطوات التي تم اتخاذها ضد المرابطين ونشطاء الحركة الإسلامية في المكان، الذين منعتهم أو اعتقلتهم. لكن التميمي يقول إن الوقف هو الذي قاد إلى تهدئة الأوضاع. وأوضح: «لسنا معنيين بحدوث مظاهرات، هذا يمس بقدسية المكان». وحسب رأيه، فإن الشرطة هي التي تسبب العنف في الأقصى. وحسب التميمي، فإن الحكومة تمنع أعمال الترميم والصيانة في منطقة الحرم. «إنهم يتدخلون في كل شيء، حتى في استبدال مصباح. لقد استثمر الملك مئات آلاف الدولارات وكل شيء عالق، لأنهم لا يسمحون لنا بإدخال شيء إلى الحرم. وقاموا بإغلاق بنايتين في الحرم، الأولى ادعت الشرطة بأنه تم استخدامها من قبل تنظيم يرتبط بحماس، والثانية تم إغلاقها قبل سنة بعد بدء الوقف بإجراء ترميمات فيها بهدف تحويلها إلى مراحيض للزوار. وصدر أمر بإغلاق البناية، ولا تزال مغلقة حتى اليوم».
وكانت حكومة نتنياهو قد عقدت جلستها في نطاق الحرم القدسي (أنفاق حائط المبكى)، أمس، «بمناسبة إحياء الذكرى الـ50 لتحرير أورشليم ولإعادة توحيدها». وتم في الجلسة اتخاذ سلسلة قرارات بدعوى «مواصلة تعزيز أورشليم»، ومن ضمنها «زيادة الميزانيات المخصصة للخطة الخماسية لتطوير المدينة، مثل إقامة قطار هوائي يمتد من محيط محطة القطار القديمة إلى باب المغاربة، وتطوير حوض البلدة القديمة، وتحسين الخدمات الطبية والتربوية والرفاهية والتعليمية» في المدينة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.