مطعم الاسبوع : «سود»... إطلالة على أزقة مار مخايل بشهية مفتوحة

تملكه عائلة تضع مواهبها تحت تصرفك

حدائق معلّقة وديكورات مريحة تطالعانك في مطعم «سود»
حدائق معلّقة وديكورات مريحة تطالعانك في مطعم «سود»
TT

مطعم الاسبوع : «سود»... إطلالة على أزقة مار مخايل بشهية مفتوحة

حدائق معلّقة وديكورات مريحة تطالعانك في مطعم «سود»
حدائق معلّقة وديكورات مريحة تطالعانك في مطعم «سود»

إذا كنت من هواة التعرف إلى أحياء بيروت القديمة والتجول في أزقتها الضيقة، ما عليك سوى التوجه إلى واحد من أشهرها، ألا وهو شارع مار مخايل.
هناك وفي إحدى عماراته القديمة يقع مطعم «سود» (Sud) الذي تصله من خلال تسلقك لدرجات سلالم حجرية قليلة مفتوحة على دار واسعة متدرجة المستويات. في أي مكان أجلس وأي طاولة أختار؟ هو السؤال البديهي الذي ستطرحه على نفسك عندما ستطالعك باقة من الجلسات الحلوة في هذا المكان.
ففي الطابق السفلي لديك الخيار في تمضية جلسة هادئة مع الأصدقاء داخل المطعم أو خارجه، وذلك حسب رغبتك، أما في الطابق العلوي الذي تعرف عنه موظفة الاستقبال بـ«روف توب» والمطل على أزقة مار مخايل القديمة، فتنتظرك جلسة في الهواء الطلق يصلح عنونتها بمكان «الضحك واللعب والجد» لما تتضمن من تنوع في أقسامها.
فقد أخذ أصحاب المطعم على عاتقهم بأن يقدموا لك جلسة لا تشبه غيرها؛ إن في أطباقها المختارة من مطابخ عدة تحضرها الشيف ريتا يزبك (شقيقة صاحب المطعم) أو من خلال الأجواء الشبابية الديناميكية التي تسوده من ناحية ثانية، إضافة إلى خيار ثالث يخرج فيه هذا المطعم عن المألوف، إذ يوفر لك فرصة التسلية بألعاب رياضية كالبلياردو و«بيبي فوت». فاجتماع آل يزبك (الشقيقان ميشال وريتا) تحت سقف هذا المطعم أرخى بظلاله الدافئة على طبيعة الجلسات فيه بعد أن تقاسما مهمتي الضيافة وتحضير الطعام.
شرفتان على المستوى نفسه يتألف منها سطح مطعم «سود» (Sud)، حيث تتوزع في أرجائهما جلسات مريحة تحت سماء بيروت المضيئة ونفحات النسيم العليل تلفح وجهك المبتسم. وتنطبع الشرفتان بالخصائص نفسها؛ إن من ناحية طبيعة الجلسات التي تتضمنها أو الديكورات المحيطة بها كحدائق معلقة. ولعل لطافة النادل الذي يقف على جميع طلباتك بسرعة هو ما يسهم في تجاوزك الوقت المحدد لجلستك تلك التي ستتمنى في قرارة نفسك ألا تنتهي.
وفي لائحة الطعام التي حضرتها إدارة المطعم تحت عناوين مختلفة (تاباس وستارترز وسلطات وغيرها)، ستلاحظ أنها تحمل في أطباقها طابع المطبخ الشرق أوسطي بامتياز. ومعها ستكتشف خلطات جديدة تجمع بين الحداثة والأصالة بعد أن وضعت فيها الشيف ريتا يزبك خبرتها العالمية في عالم الطهي، وهي التي تدرجت في هذه المهنة لدى أحد أهم الطهاة في العالم الشيف آلان دوكاس. فاختصاصها في عالم مطاعم الـ«بيسترو» جعلها واحدة من رائديه بعد أن استندت في إعداد أطباقها على استخدام المكونات الطازجة ونسيجها الغريب لتقدم لك طبقاً مطرزاً بالألوان تستمتع في مشاهدة تفاصيله لبرهة قبل أن تتذوقه بتأنٍ مكتشفاً نكهاته المختلفة. طعام مقرمش وطازج فيه نكهة البرية النابعة من الطبيعة ومعطر بالبهارات والنباتات في الوقت عينه هي باختصار مواصفات أطباق الشيف ريتا في مطعم «سود».
متعة اختيار الطبق بعد حيرة كبيرة ستجعلك تقوم بجولة دقيقة لتتخذ قرارك في هذا الشأن. هل أطلب كمقبلات رقائق الذرة بالدجاج؟ أو أجنحته المشوية والمتبلة بالكمون؟ أم من الأفضل أن أستهل طعامي بطبق سمك التونا مع الأفوكادو وزيت السمسم؟ هي نوعية الأسئلة التي تجتاح تفكيرك بعيد إلقائك النظرة الأولى على لائحة طعام «سود». وهذه الحيرة ترافقك أيضاً في خياراتك الأخرى مع أطباق السلطات (الربيان مع فاكهة الغريب فروت الزهرية أو جبن الحلوم والباذنجان المشويان مع صلصة عصير الرمان أو سلطة العدس مع الفطر والبندورة الكرزية مع صلصة خل البلسميك وغيرها). ولم ينسَ المطعم أن يلبي أيضاً أذواق هواة تناول الوجبات السريعة أو الإيطالية من همبرغر وبيتزا وباستا وريزوتو. وتتميز جميعها بنكهات خارجة عن المألوف حضرت بأنامل سيدة لا ترضى إلا بأن يستمتع ضيوفها بما تعده لهم، وانطلاقاً من مبدأ «أكل البيت» الذي يضاهي بطعمه وتحضيره أفخم المطاعم وأشهرها. زيارتك لهذا المطعم الملونة بجولات رياضية (بلياردو وبيبي فوت) تقوم بها مع أصدقائك لأخذ فترة استراحة بين تناولك لطبق وآخر، ستزيد من فتح شهيتك لتناول الطبق الرئيسي دون تردد. فعندما سيأتيك طبق شرائح لحم الضأن المتبل مع الزعتر البري والثوم المجفف أو لفائف السمك المطهوة مع صلصة البندورة أو طبق الدجاج المغمس بصلصة الصويا، فإنك لن تتوانى عن التهامها بنهم إثر اشتمامك روائحها المعطرة بشكل متوازن.
وفي قسم الحلويات حدث ولا حرج عن أنواعها التي يسيل لها اللعاب من نظرتك الأولى مع «الفاشران» المرفق بـ«مورينغ الليمون وقطع الفراولة الطازجة» أو مع الحلوى الفرنسية ذائعة الصيت (pain perdu) مع المثلجات بالكراميل أو قطع البسكويت الشرقية المحشوة بالفستق الحلبي مع قطعة من بوظة الحليب على نكهة المسك. جلسة «بيتوتية» ضمن أجواء رياضية وصحية وشبابية هي طبيعة الأوقات التي تمضيها في مطعم «سود»، يشدك إليها موقعه في شارع مار مخايل الذي يحمل رمزية بيروت؛ العراقة والتراث.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».