القوات العراقية تهاجم الموصل القديمة من 3 محاور

مقتل أحد أبرز القادة الميدانيين الإيرانيين في غرب المدينة

شاب يمسك بيد امرأة مسنة وهما يحاولان الهرب من معارك غرب الموصل أمس (رويترز)
شاب يمسك بيد امرأة مسنة وهما يحاولان الهرب من معارك غرب الموصل أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تهاجم الموصل القديمة من 3 محاور

شاب يمسك بيد امرأة مسنة وهما يحاولان الهرب من معارك غرب الموصل أمس (رويترز)
شاب يمسك بيد امرأة مسنة وهما يحاولان الهرب من معارك غرب الموصل أمس (رويترز)

شنت القوات العراقية، أمس، عملية عسكرية لاستعادة ما تبقى من الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم داعش في الجانب الغربي لمدينة الموصل، بما فيها المدينة القديمة. ويعد هذا الهجوم الأخير في المعركة التي استمرت أكثر من سبعة أشهر لاستعادة الموصل التي شكلت محوراً في جهود تنظيم داعش لإقامة دولة «الخلافة» عبر الحدود.
وقال قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، في بيان: «على بركة الله، انطلقت جحافل القوات المشتركة لتحرير ما تبقى من الأحياء غير المحررة في الساحل الأيمن (الغربي)». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أن «قوات الجيش اقتحمت حي الشفاء والمستشفى الجمهوري، وقوات الشرطة الاتحادية اقتحمت حي الزنجيلي وقوات مكافحة الإرهاب اقتحمت حي الصحة الأولى». وتحيط هذه الأحياء الثلاثة بالمدينة القديمة من الجهة الشمالية الغربية.
ومنذ أشهر عدة تحاصر، القوات العراقية المدينة القديمة، حيث المباني لصيقة والشوارع ضيقة من الجهة الجنوبية، لكنها لم تتمكن من التوغل بسبب صعوبة دخول الآليات هذه الأزقة. وبذلك التقدم من المحور الشمالي، ستطبق القوات العراقية التي تخوض معارك شرسة الخناق على المتطرفين في المدينة القديمة، حيث من المتوقع أن يستخدم تنظيم داعش كل إمكاناته العسكرية.
بدوره، قال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، إن «قطعات الشرطة الاتحادية والفرقة الذهبية والجيش اقتحمت منطقة الزنجيلي، واجتازت شارع الجسر الثالث من شمال الزنجيلي باتجاه الموصل القديمة».
وقامت قوات الشرطة المتمركزة في المحاور الجنوبية والشمالية بقصف مكثف بصواريخ غراد والمدفعية، في حين استهدف الطيران المسير مقرات المتطرفين ودفاعاتهم في باب الطوب وباب جديد والفاروق والزنجيلي.
وقال جودت: «قواتنا قادرة على حسم معركة المدينة القديمة واستعادة جامع النوري. (داعش) يفقد سيطرته على المناطق الحيوية القريبة من الحدباء». ويحظى جامع النوري، حيث أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي «دولة الخلافة»، بدلالة رمزية، وستشكل سيطرة القوات العراقية عليه انهيار التنظيم في الموصل.
من جهة أخرى، كشفت مصادر عراقية مطلعة أمس أن القيادي البارز في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال شعبان نصيري، قتل خلال اشتباكات مباشرة ضد مسلحي تنظيم داعش خلال معركة تحرير المناطق الواقعة بين ناحية القيروان وقضاء البعاج باتجاه منطقة العدنانية غرب الموصل قرب الحدود مع سوريا. وبينت أن عدداً آخر من الجنود والضباط الإيرانيين قتلوا معه أثناء تلك المعارك.
ويعد الجنرال نصيري أحد أبرز قادة «الحرس الثوري» الإيراني، الذي نعاه في بيان. وانضم نصيري لـ«الحرس» قبل 38 عاماً، وشارك في الحرب الإيرانية - العراقية، وهو أحد مؤسسي منظمة بدر التي يقودها القيادي الشيعي العراقي هادي العامري، وهو من كبار قادة الحشد الشعبي. وكان لنصيري دور بارز في قيادة الميليشيات الإيرانية في سوريا ولبنان، ومع انطلاقة عملية تحرير الموصل واكب الحشد الشعبي، وكان من أبرز المخططين للعمليات والمعارك التي خاضها الحشد في غرب الموصل وجنوبها.
وقال المتحدث الرسمي باسم العشائر العربية في محافظة نينوى، الشيخ مزاحم الحويت، لـ«الشرق الأوسط» إن الجنرال نصيري «كان من ضمن القادة الإيرانيين الميدانيين الذين يقودون معارك الحشد الشعبي في غرب الموصل ويشرفون على الكتائب الإيرانية المكونة من جنود ومراتب الحرس الثوري الإيراني المندمجين مع مسلحي الحشد ويشاركون في المعارك ضد (داعش) منذ انطلاقة عمليات تحرير الموصل وحتى الآن». وأضاف أن «عناصر الحرس الثوري مهمتها إطلاق الصواريخ والقصف بالمدفعية الثقيلة والإشراف المباشر على الطائرات المسيرة (الدرون) وتنفيذ عمليات اقتحام المدن والقرى، وخوض معارك الشوارع والقنص».
وحسب مصادر أمنية عراقية مطلعة، ازداد وجود عناصر الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية في الآونة الأخيرة، خصوصاً مع اقتراب معارك الحشد الشعبي من القيروان والبعاج والمناطق الأخرى القريبة من الحدود العراقية - السورية التي تسعى إيران إلى السيطرة عليها وفتح الطريق البرية الممتدة من حدودها عبر سنجار والموصل إلى سوريا لنقل الجنود والأسلحة إلى النظام السوري وحزب الله والميليشيات الأخرى التابعة لها في سوريا لإدامة المعركة وتنفيذ مشروع الهلال الشيعي.
بدوره، تحدث مسؤول في الحشد الشعبي، لـ«الشرق الأوسط»، مفضلاً عدم ذكر اسمه، عن زيادة في عدد الجنود والضباط الإيرانيين من عناصر فيلق القدس في صفوف الحشد، مضيفاً أن «قواتنا تشهد باستمرار وصول دفعات جديدة وكبيرة منهم، وهؤلاء يتمركزون في الخطوط الأمامية للجبهات ويأتون دائماً مدججين بأسلحة ثقيلة وطائرات مسيرة، وقد كان لهم دور بارز في معارك الحضر والقيروان، وكذلك في المعارك التي نخوضها منذ أيام ضد (داعش) قرب البعاج».
وأكد المسؤول أن الجنرال نصيري «كان مستشاراً لقائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وكان موجوداً مع الجنود الإيرانيين بشكل مستمر في ساحة المعركة»، مضيفاً أنه قتل أول من أمس «في معركة مباشرة ضد مسلحي (داعش) في المنطقة الواقعة بين القيروان والبعاج باتجاه منطقة العدنانية الواقعة على الحدود العراقية - السورية غرب الموصل، وقُتل معه خلال تلك المعركة مجموعة أخرى من الضباط والجنود الإيرانيين بينهم عناصر من الاستخبارات».
ويسعى الحشد الشعبي حالياً إلى محاصرة قضاء البعاج من كل الاتجاهات، وتحرير منطقة العدنانية الاستراتيجية التي تشهد حالياً اشتباكات عنيفة بين الحشد ومسلحي «داعش»، وبعد تحريرها ستتمركز فصائل الحشد على الحدود مع سوريا مؤمنة الطريق إلى سوريا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.