تواجه الحكومة التي أعلن عنها، أول من أمس، في الجزائر، بقيادة رئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون، نوعين من التحديات عجزت أمامهما الحكومة السابقة بقيادة عبد المالك سلال خلال السنوات الثلاث الماضية. الأولى اقتصادية، سببها شح الموارد المالية بفعل انهيار أسعار النفط. والثانية أمنية تتمثل في تهديدات «دواعش» ليبيا بالحدود مع المشتركة مع هذا البلد، والتي يفوق طولها 900 كلم.
وصرح تبون للتلفزيون الحكومي، دقائق بعد تسلُّم مهامه، بأن «التحول الاقتصادي ضروري وعاجل، وسيكون أولوية الطاقم الحكومي الجديد حتى لا يبقى وضع الجزائر مرهوناً بتقلبات أسعار المحروقات»، مشيراً إلى أن «الأمر يتعلق ببناء اقتصاد متزن وبزرع العافية فيه، وسيكون فيه للقطاع الخاص مكانته الكاملة، بل مكانة ذات أولوية مع كل الضبط والرقابة التي يجب على الحكومة القيام بها باسم رئيس الجمهورية».
وتعهد تبون بعرض «مخطط عمل الحكومة بالتفصيل» على البرلمان المنتخب حديثاً. ويتضمن هذا «المخطط» عصارة برنامج رئيس الجمهورية الذي تطبقه الحكومة.
ولا ينص الدستور على أن الحزب الفائز بالأغلبية في انتخابات البرلمان هو مَن ينفذ برنامجه. كما أن الحكومة لا تشكلها الأغلبية، وإنما الرئيس هو الذي ينتقي أعضاءها ويكتفي فقط باستشارة الأغلبية البرلمانية بخصوص الشخص الذي اختاره لرئاسة الوزراء. ويعد النظام في الجزائر رئاسي بصلاحيات واسعة، وهامش البرلمان ورئيس الوزراء فيه ضيق إلى أبعد الحدود فيما يخص اتخاذ القرار.
وقال تبون في تصريحاته أيضاً: «سنواصل المهمة التي بدأها السيد سلال بنفس الأولويات التي حددها رئيس الجمهورية المتمثلة في القضاء نهائيّاً على أزمة السكن والأحياء العشوائية، واستكمال برنامجه في مجالات السكن والتعليم والصحة».
وأضاف تبون، الذي كان وزير السكن والعمران في الحكومة الماضية، موضحاً: «سنمنح السكن لكل من له حقه فيه، وسنواصل تنفيذ برنامج الوكالة الوطنية لترقية السكن وتطويره، مثلما تعهدنا به باسم رئيس الجمهورية، وذلك إلى نهاية سنة 2018، بالإضافة إلى بعث برنامج السكن الاجتماعي والريفي».
وتعاني البلاد من أزمة سكن قاهرة، ستزداد تعقيداً بحسب مراقبين، وذلك بسبب الانكماش المتواصل لمداخيل بيع النفط والغاز.
وتابع تبون بهذا الخصوص: «تواجه البلاد صعوبات مالية ولكن الأبواب ليست مسدودة، وقد تم توجيه بعض الموارد المالية لصالح الأولويات المسطرة من طرف رئيس الجمهورية». من دون ذكر ما هي هذه الأولويات.
وأطلقت حكومة سلال قبل 5 أشهر، مشروعا سمته «نموذجاً اقتصادياً جديداً»، قالت إنه «يهدف إلى تنويع الاقتصاد ويحد من التبعية المفرطة للنفط». غير أن خبراء الاقتصاد أشاروا إلى أن المشروع يتضمن وصفات قديمة عكست إرادة من السلطات للتخلص من اقتصاد الريع. غير أن كل السياسات التي اتبعت في فترة «البحبوحة المالية»، أثبتت عكس هذه الإرادة. وتراجع احتياطي العملة الصعبة من 190 مليار دولار عام 2014 إلى 110 دولارات في آخر عام 2016، بحسب أرقام البنك المركزي، مما دفع الحكومة إلى اعتماد خطة تقشف صارمة بدأت آثارها تظهر على الفئات المتوسطة والفقيرة.
على الصعيد الأمني، ستفرض المواجهة مع الإرهاب في الداخل وعلى الحدود مع مالي وليبيا، مزيداً من الإنفاق العمومي، ومزيداً من الجهود، التي سيطلب من الجيش والمخابرات وقوات الشرطة والدرك بذلها. وأقام الجيش في الأشهر الماضية نقاط مراقبة متقدمة بالحدود الجنوبية، بسبب تسريب كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، مصدرها ترسانة السلاح الليبي المفتوحة على الهواء منذ سقوط نظام القذافي عام 2011.
وصرَّح رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، مطلع الأسبوع الحالي، بأن الجيش «على أتم الاستعداد لكل من تسوَل له نفسه المساس بالأمن القومي للجزائر».
الأزمة المالية... أكبر تحديات الحكومة الجزائرية الجديدة
الأزمة المالية... أكبر تحديات الحكومة الجزائرية الجديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة