حذرت موسكو أمس من تصاعد التوتر شمال شرقي سوريا في ضوء تهديدات تركية بشن عملية عسكرية واسعة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية التي تقاتل تنظيم داعش بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا.
وأشارت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية إلى القصف الأميركي على التنف شرق سوريا. وقالت إن «محاولات القيادة العسكرية الأميركية تبرير الحادثة، بأن الوحدات التي استهدفها القصف شكلت تهديداً على قوات المعارضة السورية المتعاونة مع التحالف الدولي وعلى العسكريين الأميركيين هناك، محاولات لا يمكن تقبلها». وكررت زاخاروفا وصف قصف التنف بأنه «انتهاك فاضح للقانون الدولي»، متهمة الشركاء الغربيين بأنهم «لا يريدون حتى الآن إدراك ضرورة حشد جهود جميع اللاعبين، في الأجواء وعلى الأرض، للتصدي للإرهاب في سوريا».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا في خريف عام 2015 إلى تشكيل تحالف دولي للتصدي للإرهاب رغم وجود تحالف يقوم بتلك المهمة تقوده الولايات المتحدة. وتواصل روسيا منذ ذلك الوقت جهودها لإطلاق تعاون في سوريا تحت شعار «التصدي للإرهاب»، ويطالب الغرب روسيا بوقف دعمها للنظام السوري بداية، للتعاون معها في هذا المجال. ويقتصر التعاون بين الجانبين حالياً على اتصالات بين العسكريين في إطار التفاهمات لتفادي الصدام بين القوات في الأجواء وعلى الأراضي السورية.
في سياق متصل، أشارت مصادر إلى جهود لتفعيل العمل بموجب مذكرة «تفادي التصادم» بين القوات الأميركية والروسية في الأجواء والأراضي السورية. وكشفت قيادة القوات الأميركية عن اعتراض مقاتلات روسية طائرة أميركية في الأجواء السورية، كانت تحلق في مهمة تزويد بالوقود. وقال جيفري هاريغان قائد القوات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط وجنوب - غرب آسيا، في حديث للصحافيين، إن «حادثة واحدة وقعت (في الأجواء السورية)، جرى خلالها اعتراض (طائرة أميركية)، بوسعي وصفه بأنه اعتراض غير مهني. اتصلنا على الفور معهم (مع الجانب الروسي) بهذا الخصوص وعبرنا عن قلقنا، وتعاملوا مع الأمر بشكل طبيعي، واعتذروا عن حادثة الاعتراض هذه تحديداً». وأوضح الجنرال الأميركي أن الحديث يدور حول اعتراض مقاتلة روسية من طراز «سو - 22»، أو من طراز «سو - 30» لطائرة وقود أميركية، دون أن يكشف متى جرت الحادثة.
ويتمكن العسكريون الروس والأميركيون من تفادي الصدام إن كان في الأجواء أو على الأراضي السورية بفضل قنوات اتصال بينهم جرى تأطيرها رسمياً، بعد شهر تقريباً على التدخل العسكري الروسي في سوريا وإرسال موسكو قوة جوية لدعم النظام السوري. حينها وقع الجانبان في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 «مذكرة تفاهم بشأن السلامة الجوية خلال تنفيذ العمليات في الأجواء السورية». وفي 7 أبريل (نيسان) الماضي أعلنت روسيا تجميد العمل بتلك المذكرة احتجاجا منها على القصف الأميركي لقاعدة الشعيرات الجوية، التي استخدمها النظام السوري في قصف خان شيخون بالسلاح الكيميائي. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن «العمل بموجب المذكرة فقد معانيه»، لكنه أكد في الوقت ذاته بقاء إمكانيات تقنية لتبادل المعلومات بين الطرفين حول الضربات التي ينوي كل منهما توجيهها.
وفي 14 أبريل، أكد سيرغي ريباكوف نائب وزير الخارجية الروسي استمرار الاتصالات بين العسكريين الروس والأميركيين والتنسيق خلال العمليات في سوريا، وأشار إلى أن «العمل بمذكرة السلامة الجوية لم يستأنف رسمياً». وأخيراً في 6 مايو (أيار) الجاري، أجرى رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف ونظيره الأميركي جوزيف دانفورد، محادثات في اتصال هاتفي، أعربا خلاله عن تأييدهما لاستئناف العمل بموجب المذكرة، واتفقا على الحفاظ على قنوات الاتصال العسكرية. وأول من أمس أكد الجنرال هاريغان أن الاتصالات بين الجانبين عبر قنوات «تفادي التصادم» أصبحت أكثر كثافة في الأيام الأخيرة، على ضوء العمليات في الرقة.
إلى ذلك، حاولت روسيا الدفع نحو انتخابات رئاسية في سوريا يشارك فيها رأس النظام السوري، غير أن تلك المحاولات ترتطم بالرفض الأميركي، بحسب مصدر دبلوماسي لصحيفة «إزفستيا» الروسية. وقال إن «روسيا عرضت أكثر من مرة، خلال اللقاءات المغلقة مع الأميركيين اقتراحا بإجراء انتخابات رئاسية في سوريا، وفي كل مرة ترفض الولايات المتحدة هذا الاقتراح». وقال مصدر دبلوماسي آخر إن «الولايات المتحدة توضح للجانب الروسي أنها تنوي، بشكل أو بآخر، تحقيق خروج الأسد، وأن الغرب لن يوافق على بقائه في السلطة»، وأشار إلى أن موسكو ترى في القصف الأميركي لمنطقة التنف على الحدود السورية مع الأردن في 18 مايو الجاري، تجسيداً عملياً للموقف الأميركي في هذا الشأن.
موسكو تحذر من صدام تركي ـ كردي... وتطلب «منع اشتباك» جوي مع أميركا
موسكو تحذر من صدام تركي ـ كردي... وتطلب «منع اشتباك» جوي مع أميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة