جدل حول تجاوزات «مليونية» في انتخابات الرئاسة الإيرانية

جدل حول تجاوزات «مليونية» في انتخابات الرئاسة الإيرانية
TT

جدل حول تجاوزات «مليونية» في انتخابات الرئاسة الإيرانية

جدل حول تجاوزات «مليونية» في انتخابات الرئاسة الإيرانية

دعا الرئيس المؤقت لمجلس تشخيص مصلحة النظام وخطيب جمعة طهران محمد علي كرماني، أمس، إلى إعادة فرز الأصوات في انتخابات الرئاسية الإيرانية، مؤكداً وجود تجاوزات مليونية قد تركت تأثيراً مباشراً على نتائج الانتخابات المعلنة.\
وتحدث كرماني عن «إمكانية» تغيير نتائج الانتخابات، وتراجع نسبة أصوات الرئيس المنتخب حسن روحاني من 23 مليون صوت إلى 21 مليوناً مقابل ارتفاع عدد أصوات المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي من 16 مليوناً إلى 19 مليوناً. ورغم حديثه عن تجاوزات انتخابية بملايين الأصوات، فإنه ذكر أنها «لن تؤثر على النتيجة النهائية للانتخابات».
وتواجه الحكومة الإيرانية انتقادات بسبب عدم نشرها إحصائيات شفافة حول الانتخابات، وكان وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي رفض إعلان النتائج الدقيقة في بعض المدن الإيرانية قبل تأييد صحة الانتخابات في «لجنة صيانة الدستور».
واعتبرت مشاركة إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية مجازفة كبيرة نظراً لارتفاع أسهمه بين المرشحين لخلافة المرشد الإيراني علي خامنئي بعد تقارير عن تدهور صحته، ويميل المحللون إلى أن المحافظين يتطلعون إلى خسارة بفارغ قليل لرئيسي لتعزيز ثقله السياسي للحفاظ على حظوظ خلافة المرشد الحالي.
أول من أمس، قال رئيس «لجنة صيانة الدستور» أحمد جنتي إنه «يؤكد سلامة الانتخابات الإيرانية»، لكنه بالوقت ذاته تحدث عن تجاوزات كبيرة وقعت على يد المسؤولين الإيرانيين. وقال: «التجاوزات الانتخابية على الصعيدين المالي والسياسي كانت لافتة، وكنا نتوقع العمل بالقانون من قبل الأجهزة التنفيذية لكنهم خرقوا القانون».
وبعد هزيمته، قال المرشح إبراهيم رئيسي إن الحكومة «لا يمكنها تجاهل مطالب 16 مليوناً بالتغيير». وأعلنت هيئة الانتخابات الإيرانية السبت الماضي فوز روحاني بأكثر من 23 مليوناً و500 ألف صوت مقابل 15 مليوناً و800 ألف صوت حصل عليها رئيسي.
وعززت مطالب كرماني الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران، أمس، بعدما أعربت الأطراف المشاركة في الانتخابات عن احتجاجها على طريقة تنفيذ الانتخابات، وخلال الأيام الماضية قال روحاني إن ما يقارب أربعة ملايين لم يتمكنوا من المشاركة منتقداً «لجنة صيانة الدستور» ووزارة الداخلية على «عدم تمكينهما ملايين الإيرانيين من الإدلاء بأصواتهم خلال الساعات الأخيرة».
ولم يصدر تعليق رسمي من لجنة صيانة الدستور على تصريحات كرماني، إلا أن كرماني قال إن المحافظين قبلوا بنتائج الانتخابات، لكنه طالَبَ بالوقت ذاته «لجنة صيانة الدستور» بالتحقيق في التجاوزات وإعلان النتائج. وفي الوقت ذاته، قال موحدي كرماني إنه أجرى مشاورات، أول من أمس، مع رئيس لجنة صيانة الدستور أحمد جنتي حول التجاوزات الانتخابية، موضحاً أن اللجنة تناقش تلك التجاوزات. ونقلت وكالة «تسنيم» عن كرماني قوله: «أنتظر من لجنة صيانة الدستور أن تنظر بشكل صحيح لأحداث الانتخابات، وأن تدرس التجاوزات التي وصلت إليها».
وكان كرماني يتحدث خلال أول مؤتمر لائتلاف المحافظين (جمنا)، أمس، بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، ودعمت الجبهة المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، بعدما أعلن مرشحها الآخر محمد باقر قاليباف انسحابه من الانتخابات.
بدوره رد المتحدث باسم «لجنة صيانة الدستور» عباس كدخدايي، أمس، على تصريحات روحاني حول عدم مشاركة عدد كبير في الإيرانيين بسبب الإهمال، وقال إن روحاني حصل على تقارير خاطئة حول مجرى الانتخابات.
وحاول كدخدايي توجيه أصابع الاتهام ضمناً لوزارة الداخلية بقوله: «لماذا بدأت عملية الاقتراع بتأخير في كثير من الدوائر الانتخابية؟! ولماذا كانت الأجهزة تواجه نقصاً فنياً باستمرار وما هو تأثيرها في عملية الاقتراع؟!».
وتشرف «لجنة صيانة الدستور» على عملية الاقتراع، بينما تعد وزارة الداخلية المسؤولة عن تنفيذ الانتخابات.
وقال كدخدايي الأربعاء إن «لجنة صيانة الدستور» حصلت على تقارير كثيرة حول تجاوزات انتخابية من قبل المرشحين، مضيفاً أنها «فتحت تحقيق لتقييم التجاوزات»، مضيفاً أن خبراء الجنة «سيعلنون النتائج بعد التقييم الدقيق».
وبعد الإعلان نتائج الانتخابات الرئاسية يجب أن تعلن لجنة صيانة الدستور صحة الانتخابات الإيرانية تمهيداً لـ«تنفيذ» حكم الرئيس الجديد من قبل المرشد الإيراني، وفق الفقرة التاسعة من المادة 110 في الدستور الإيراني، وهي خطوة دستورية تسبق أداء الرئيس المنتخب للقسم الدستوري تحت قبة البرلمان.



ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خيارات لمنع إيران من إنتاج سلاح نووي، بما في ذلك إمكانية شن غارات جوية استباقية، مما يشكل خرقاً للسياسة الأميركية القائمة على احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن فريق ترمب الانتقالي يناقش تداعيات ضعف موقف إيران الإقليمي وسقوط نظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى تدمير إسرائيل لميليشيات مثل «حزب الله» و«حماس».

وقال مسؤولون انتقاليون إن ضعف موقف إيران الإقليمي، والكشف عن تقدم الجهود النووية لطهران، قد أديا إلى تفاقم المناقشات الداخلية الحساسة. ومع ذلك، لا تزال جميع المداولات حول هذه القضية في المراحل المبكرة.

تساؤلات حول نوع الضغوط التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وقال شخصان مطلعان على محادثاتهما، إن ترمب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمات هاتفية حديثة، بأنه قلق بشأن اندلاع حرب نووية إيرانية في عهده، مما يشير إلى أنه يبحث عن مقترحات لمنع هذه النتيجة.

ويريد ترمب خططاً تتوقف عن إشعال حرب جديدة، خصوصاً تلك التي يمكن أن تجرَّ الجيش الأميركي، حيث إن الضربات على المنشآت النووية في طهران لديها القدرة على وضع الولايات المتحدة وإيران على مسار تصادم.

وتمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب وحده لبناء 4 قنابل نووية، مما يجعلها الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج 60 في المائة من المواد الانشطارية التي تقترب من درجة الأسلحة، ولن يستغرق الأمر سوى بضعة أيام لتحويل هذا المخزون إلى وقود نووي صالح للأسلحة.

وقال مسؤولون أميركيون، في وقت سابق، إن الأمر قد يستغرق من إيران أشهراً عدة لنشر سلاح نووي.

وقال أشخاص مطلعون على التخطيط إن الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب يبتكر ما يطلق عليها استراتيجية «الضغط الأقصى 2» ضد النظام الإيراني، وهي استكمال لنهجه في فترة ولايته الأولى، الذي ركز على العقوبات الاقتصادية الصارمة.

وهذه المرة، يقوم الرئيس المنتخب ومساعدوه بوضع خطوات عسكرية يمكن أن تكون محوريةً لحملته المناهضة لطهران، وإن كانت لا تزال مقترنةً بعقوبات مالية أكثر صرامة.

قال 4 أشخاص مطلعون على التخطيط إن خيارين ظهرا في المناقشات، بما في ذلك في بعض المحادثات التي جرت مع ترمب.

وأحد المسارات، الذي وصفه شخصان مطلعان على الخطة، يتضمَّن زيادة الضغط العسكري من خلال إرسال مزيد من القوات الأميركية والطائرات الحربية والسفن إلى الشرق الأوسط، ويمكن للولايات المتحدة أيضاً بيع أسلحة متقدمة لإسرائيل، مثل القنابل الخارقة للتحصينات، مما يعزز قوتها الهجومية لإخراج المنشآت النووية الإيرانية عن الخدمة.

والتهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والتي تنجح في شلِّ الاقتصاد الإيراني، قد يقنع طهران بأنه لا يوجد خيار سوى حل الأزمة دبلوماسياً.

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

والمسار البديل هو السعي إلى استخدام التهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة؛ لدفع طهران إلى قبول حل دبلوماسي، وهذه هي الاستراتيجية التي استخدمها ترمب مع كوريا الشمالية في ولايته الأولى، على الرغم من تعثر الدبلوماسية في نهاية المطاف.

وليس من الواضح أي خيار سيختاره ترمب، الذي تحدَّث عن تجنب حرب عالمية ثالثة، والتوسط في صفقات مع طهران.

في حين أصرَّ ترمب على أنه يسعى إلى تجنب التصعيد الهائل في الشرق الأوسط، فإنه قال لمجلة «تايم»، في مقابلة نُشرت يوم الخميس، إن هناك فرصةً لأن تخوض الولايات المتحدة حرباً مع إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن طهران خطَّطت لاغتياله، وقال: «أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلب للغاية».

ولم يقم بعض المسؤولين الجدد في الإدارة بعد بإبداء رأيهم الكامل في هذه القضية، وقد تتغير المقترحات المتعلقة بإيران مع تولي المسؤولين الحكوميين مناصبهم، وتوافر المعلومات السرية، وعقد المناقشات مع الحلفاء الإقليميين مثل إسرائيل.

والأمر الحاسم هو أن ترمب نادراً ما يخوض بعمق في التفاصيل المتعلقة بمسائل السياسة الخارجية حتى يتم تقديم خيارات نهائية له ويجب اتخاذ قرار، كما يقول مسؤولون سابقون في إدارة ترمب.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد إجراء 3 مكالمات مع ترمب، قال نتنياهو إنهما «يتفقان على التهديد الإيراني في جميع مكوناته، والخطر الذي يشكِّله».

وقال مسؤولون سابقون إن ترمب درس فكرة توجيه ضربات استباقية للبرنامج النووي الإيراني نحو نهاية ولايته الأولى، بعد وقت قصير من كشف المفتشين الدوليين عن نمو مخزون إيران من المواد النووية لكن ترمب، الذي كان من بين القادة الذين عارضوا بشدة، لم يعلق على هذا الأمر.

وبعد أن ترك منصبه، نفى منذ ذلك الحين أنه فكَّر في العمل العسكري بجدية، مدعياً أن كبار مساعديه وضعوا خطط حرب ودفعوه إلى تفويض ضربة.

وقال مساعدو ترمب والمقربون منه، الذين يدعمون الخيارات العسكرية لولايته الثانية، إن الفكرة الرئيسية ستكون دعم الضربات الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية؛ مثل «فوردو» و«أصفهان»، وربما حتى مشاركة الولايات المتحدة في عملية مشتركة.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

يقول كثير من المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين إن هناك شكوكاً كبيرة حول مدى نجاح إسرائيل في شن هجوم منفرد على المنشآت النووية الإيرانية، وبعضها مدفون عميقاً تحت الأرض.

ومع ذلك، يصرُّ بعض حلفاء ترمب على أن الأشهر الأولى من عودته إلى منصبه تُقدِّم له فرصةً نادرةً لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، بينما النظام في وضع ضعيف.

وفكرت إسرائيل لسنوات في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكنها لم تفعل ذلك، جزئياً؛ بسبب الحذر الأميركي ضدها.

وفي عام 2012، حذَّرت إدارة أوباما نتنياهو من شن هجمات، بينما كانت إيران تبني برنامجها النووي قبل الاتفاق النووي لعام 2015. وقالت إدارة بايدن باستمرار إنها تسعى إلى حل دبلوماسي للتقدم النووي الإيراني.

ستكون المناقشات حول ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية مختلفًة هذه المرة.

وقال غابرييل نورونها، الذي عمل على ملف إيران في وزارة الخارجية خلال إدارة ترمب الأولى: «هناك دعم قوي لإسرائيل لاتخاذ إجراء عسكري كما تراه في مصلحتها، ولا تملك إيران مساحةً كبيرةً قبل أن تصل إلى الخطوط الحمراء لإسرائيل، ولا تزال تبدو عازمة على التصعيد أكثر».

ويقول المسؤولون في فريق ترمب إنهم ينوون فرض العقوبات الحالية وفرض عقوبات جديدة، بما في ذلك إعادة تصنيف الحوثيين المدعومين من طهران في اليمن «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً»، ومنع الدول التي تشتري النفط الإيراني من شراء الطاقة الأميركية.

لكن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود أكثر من زيادة الضغوط الاقتصادية والمالية؛ لأن إيران «تحاول بنشاط قتل الرئيس ترمب، وهذا يؤثر بالتأكيد في تفكير الجميع عندما يتعلق الأمر بما ستكون عليه العلاقة في المستقبل».

وقدمت إيران للولايات المتحدة تأكيدات بأنها لن تغتال ترمب رداً على أمره الصادر في عام 2020 بقتل الجنرال قاسم سليماني، وهو العمل العسكري الأكثر عدوانية من قبل الولايات المتحدة ضد إيران منذ سنوات.

وأشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أنه منفتح على المحادثات الدبلوماسية مع إدارة ترمب المقبلة، التي تصرُّ على أنه لا يمكن مواجهة شبكة وكلاء طهران بالكامل ما لم يتم حرمان إيران من الموارد الاقتصادية والعسكرية. وقال مسؤول: «إنها رأس الأخطبوط. لن نحلَّ كل هذه القضايا حيث هي. سنحلها في كيفية تعاملنا مع طهران».

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

ويبدو أن الرئيس الإيراني الجديد يستجيب لرغبة ترمب في إبرام اتفاقات رفيعة المستوى، فقد كتب جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في مجلة «فورين أفيرز»، الأسبوع الماضي: «بزشكيان يأمل في إجراء مفاوضات بشأن الاتفاق النووي... وربما أكثر».

ولكن النهج الدبلوماسي له عيوبه. يقول المسؤولون الإيرانيون إنهم لن يتفاوضوا مع الولايات المتحدة تحت الضغط، وأخبروا المسؤولين الأوروبيين في جنيف، الشهر الماضي، بأنهم لن يتخذوا أي خطوات أحادية الجانب لتقليص برنامجهم النووي.

وفقاً لتقديرات استخباراتية أميركية، صدرت الأسبوع الماضي، تمتلك طهران بالفعل ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج أكثر من 12 قنبلة نووية، وعلى الرغم من أن إيران لا تبني قنبلة حالياً، فإن التقرير قال إنها مستعدة بشكل أفضل للقيام بذلك بفضل الأبحاث التي أجرتها في الأشهر الأخيرة.

لقد أوضح المسؤولون الإيرانيون، منذ فترة طويلة، أن رد فعلهم على أي ضربة سوف يكون طرد مفتشي الأمم المتحدة، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تلزم إيران بوقف برنامجها النووي.

والدولة الوحيدة التي فعلت ذلك هي كوريا الشمالية، التي بدأت في إنتاج الأسلحة النووية سراً، وهو المسار الذي لمَّحت طهران إلى أنها قد تسلكه.