زيارات اللبنانيين الشيعة إلى السيدة زينب تنشط بعد تقدم قوات النظام جنوب دمشق

الرحلات أسبوعية.. ولا تتضمن برامج خارج المقام الديني

زوار داخل باحة مسجد السيدة زينب (نيويورك تايمز)
زوار داخل باحة مسجد السيدة زينب (نيويورك تايمز)
TT

زيارات اللبنانيين الشيعة إلى السيدة زينب تنشط بعد تقدم قوات النظام جنوب دمشق

زوار داخل باحة مسجد السيدة زينب (نيويورك تايمز)
زوار داخل باحة مسجد السيدة زينب (نيويورك تايمز)

نشط خط الرحلات الدينية من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، إلى مقام السيدة زينب في ريف دمشق، بشكل قياسي خلال الشهرين الماضيين، بعد استعادة القوات الحكومية السورية مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني ومقاتلين عراقيين، السيطرة على المناطق المحيطة بالسيدة زينب، وأجزاء واسعة من الخط الدولي الذي يربط بيروت بدمشق.
وينظم لبنانيون شيعة، رحلات أسبوعية إلى مقام السيدة زينب بريف دمشق الذي يشهد، بحسب هؤلاء، «زحمة كبيرة»، مؤكدين أن الرحلة لا تستغرق أكثر من يوم واحد «نظرا للظروف الأمنية المحيطة بسوريا، وتعذر (منامتنا) في فنادق لا يزال قسم منها مغلقا».
ويقول محمد (36 عاما)، وهو لبناني يواظب على زيارة السيدة زينب بشكل أسبوعي، إن الرحلة «تبدأ صباحا ولا نلبث أن نعود في آخر النهار»، مؤكدا أن الرحلة «تقتصر على زيارة السيدة زينب، خلافا لبرامج الزيارات السابقة التي كانت تتضمن زيارة مقام رقية بنت الحسين في دمشق القديمة (قرب الجامع الأموي) أو زيارة مقام سكينة» في داريا (جنوب غربي العاصمة) التي تشهد اشتباكات عنيفة في ظل حصار القوات الحكومية لها.
ويستقل اللبنانيون الشيعة حافلات نقل صغيرة، تنطلق من قرى جنوب لبنان، أو من الضاحية الجنوبية لبيروت التي تسكنها أغلبية شيعية. ويقول سائق حافلة لبناني فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الرحلات «تستقطب عددا كبيرا من الزوار، تتخطى قدرة الحافلة الاستيعابية»، مشيرا إلى أن ارتفاع الطلب على هذه الرحلات «قابله نشاط على خط بيروت - دمشق، مما أدى إلى تخفيض التكلفة على الراغبين بالزيارات إلى حدود 50 ألف ليرة (33 دولارا) للراكب الواحد، بدل الذهاب والإياب».
وشهدت الرحلات إلى السيدة زينب إقبالا كثيفا منذ مطلع شهر مارس (آذار) الماضي: «حين توافد الزوار بشكل كثيف لإحياء ذكرى مولد السيدة زينب»، بحسب السائق، الذي أشار إلى أن الرحلات منذ ذلك الوقت «لم تتوقف، ويزداد الطلب عليها أسبوعيا». وكان اللبنانيون الشيعة انقطعوا عن زيارة السيدة زينب، منذ 25 مايو (أيار) 2012. بعدما طالب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله منظمي الحملات الدينية التي تسلط طريق البر بالتوقف عن تنظيمها «لأن المرحلة حساسة قليلا وصعبة».
وأظهرت صور بثها لبنانيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خلوّ مقام السيدة زينب من الرواد في ذكرى عاشوراء، خلافا للصور التي يتناقلها العائدون من زيارة الموقع ديني نفسه في هذا الوقت، حيث يشهد إقبالا كثيفا، وخصوصا في المناسبات الدينية.
ويشير زائر عاد يوم الجمعة الماضي من دمشق، قدم نفسه باسم «أبو حسن»، إلى أن الحافلات تمر على تسعة حواجز، على الأقل، للقوات الحكومية السورية، بدءا من نقطة المصنع الحدودية مع سوريا، وصولا إلى مشارف السيدة زينب، مشيرا إلى أن المسافرين «يخضعون لإجراءات أمنية مكثفة على الحدود، وفي الداخل، يتخللها تدقيق بالهويات، كما يخضعون للإجراءات نفسها في طريق العودة». ويضيف أن التعليمات تقتضي بالتجوال في محيط منطقة السيدة زينب «كونها منطقة آمنة»، وتتضمن عدم الابتعاد عن الأسواق المحاذية لها.
وتشهد منطقة السيدة زينب، بحسب زوار عادوا إلى بيروت، حركة تجارية خفيفة، تخللها إعادة افتتاح مطاعم، لكن الفنادق التي كانت ناشطة قبل اندلاع الأزمة السورية «لم تفتح أبوابها حتى الآن»، بحسب ما يقول محمد لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن هذا السبب «يعيق المبيت في منطقة السيدة زينب». وبينما ينتشر بائعون جوالون سوريون وبعض العراقيين في محيط الحرم الديني، يشير الزوار إلى أن العراقيين «يوجدون بأعداد كبيرة»، إلى جانب العناصر الأمنية والعسكرية السورية النظامية، بينما لم يلمحوا وجودا مسلحا لمقاتلين من حزب الله.
ولا يتهيب المسافرون الرحلة إلى سوريا في ظل الظروف الأمنية المعقدة التي تعيشها منطقة ريف دمشق، وبينها مناطق محاذية للطريق الدولي الذي يربط السيدة زينب بالعاصمة السورية، أو بالخط الواصل إلى الحدود اللبنانية. وتقول فاطمة التي تنوي الزيارة مع ولديها قريبا: «كل الزوار قالوا إن الطريق مؤمنة، ولم تشهد اشتباكات»، نافية أن توصف زيارتها مع ولديها بـ«المغامرة». وتضيف: «إذا حصل شيء استثنائي، فإنه لن يعيق العودة إلى بيروت.. وفي أسوأ الأحوال، نبيت في اسليدة زينب حيث تشهد المنطقة هدوءا».
وبدأت موجة الهدوء في منطقة السيدة زينب، بعد سيطرة القوات الحكومية مدعومة بمقاتلين عراقيين، على منطقتي الذيابية والحسنية الواقعتين جنوب المنطقة، ومتاخمتين لها، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».