عبيدي عاد من ليبيا «قبل أيام» من تنفيذ العملية الانتحارية

مستشار مركز «كويليام» لمكافحة التطرف لـ «الشرق الأوسط»: المشتبه به كان كثير التردد على بلده الأم

عوائل الضحايا يضعون أكاليل الورد في ميدان سانت آن بوسط مانشستر على أرواح الضحايا ... وفي الإطار الانتحاري سلمان عبيدي (أ.ب.أ)
عوائل الضحايا يضعون أكاليل الورد في ميدان سانت آن بوسط مانشستر على أرواح الضحايا ... وفي الإطار الانتحاري سلمان عبيدي (أ.ب.أ)
TT

عبيدي عاد من ليبيا «قبل أيام» من تنفيذ العملية الانتحارية

عوائل الضحايا يضعون أكاليل الورد في ميدان سانت آن بوسط مانشستر على أرواح الضحايا ... وفي الإطار الانتحاري سلمان عبيدي (أ.ب.أ)
عوائل الضحايا يضعون أكاليل الورد في ميدان سانت آن بوسط مانشستر على أرواح الضحايا ... وفي الإطار الانتحاري سلمان عبيدي (أ.ب.أ)

في حين كشفت مصادر وزارة الداخلية الفرنسية ونظيرتها البريطانية، أمس، عن أن المشتبه فيه في اعتداء مانشستر الدامي سلمان عبيدي (22 عاما) كان قد تنقل بين دولتين عربيتين قبل العودة إلى المملكة المتحدة. وقالت الداخلية الفرنسية إن منفذ اعتداء مانشستر سافر «على الأرجح» إلى سوريا التي تشهد نزاعا داميا، وكانت لديه صلات «مثبتة» بتنظيم داعش الإرهابي.
إلا أن مصادر الأصوليين في مانشستر أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الانتحاري سلمان عبيدي سافر إلى ليبيا لمدة ثلاثة أسابيع، وعاد قبل أيام من تنفيذه العملية الانتحارية، وأن والده رمضان، بوالقاسم العبيدي، على الأرجح موجود خارج بريطانيا في ليبيا، في حين أن الشرطة البريطانية اعتقلت شقيقه أول من أمس. وقالت مصادر الأصوليين إن مانشستر تستضيف منذ سنوات جالية كبيرة من الإسلاميين الليبيين، من أبرزهم أبو أنس الليبي، أحد أبرز المطلوبين في العالم بشبهة الإرهاب والانتماء إلى تنظيم القاعدة. وكان أبو أنس، واسمه الحقيقي نزيه عبد الحميد الرقيعي، منح حق اللجوء إلى بريطانيا في عام 2005، رغم الشبهات في ضلوعه بتفجيري سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام عام 1998، اللذين قتل فيهما 224 شخصا. وتوفي أبو أنس الليبي العام الماضي في مستشفى في نيويورك الجمعة قبل أيام من بدء محاكمته بتهم الإرهاب.
وأبو أنس الليبي، وهو مهندس كومبيوتر، تدهورت صحته قبل وفاته بسبب إصابته بسرطان في الكبد إلى حد كبير العام الماضي.
وبحسب أحد ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي، تم استجواب هذا الشخص من قبل الشرطة في مدينة مانشستر البريطانية.
من جهته، قال الشيخ صلاح الأنصاري، مستشار مؤسسة كويليام لمكافحة التطرف في بريطانيا لـ«الشرق الأوسط»، أن رمضان والد المشتبه فيه في اعتداء مانشستر كان قد سافر إلى ليبيا للقتال في صفوف الإسلاميين ضد قوات القذافي. وأوضح أن «المنفذ سلمان كان كثير التردد على ليبيا». وعن سبب تطرف سلمان عبيدي، الذي درس من قبل في جامعة سالفورد، ولجوئه للعمل الانتحاري، أعرب الشيخ صلاح عن اعتقاده أن المشتبه فيه سافر إلى مناطق النزاع. ويعيش في مانشستر أكبر عدد من الليبيين، ويبلغ عددهم نحو 16 ألفا.
وقال ايان هوبكينز، رئيس شرطة مانشستر: «نعرف أن الجرح لا يزال مؤلما في الوقت الحالي والناس يبحثون عن أجوبة». وأضاف: «من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن تتوحد مختلف المجتمعات في مانشستر، وألا تتسامح مع الكراهية». واجتمع الكثير من سكان مانشستر من مختلف الأديان والأصول، مساء أمس، ووقفوا دقيقة صمت أحياء لذكرى القتلى. يذكر، أن الشرطة البريطانية أعلنت أن منفذ الهجوم الذي تعرضت له مدينة مانشستر هو سلمان عبيدي، الذي يعيش في بريطانيا لأب وأم من ليبيا.
وأعلن «داعش» مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف قاعة أرينا للحفلات في مانشستر، بينما كان الحضور وغالبيته من المراهقين يغادرون القاعة؛ مما أسفر عن مقتل 22 شخصا، بينهم أطفال.
وزيرة الداخلية البريطانية، أمبر راد، قالت إنها تعتقد أن منفذ الهجوم عاد مؤخرا من ليبيا، وقالت ردا على سؤال «نعم، أعتقد أن ذلك تأكد. عندما تنتهي هذه العملية نريد أن نبحث خلفيته، وكيف أصبح متطرفا وما هو الدعم الذي ربما حصل عليه».
وكانت الشرطة البريطانية أعلنت تحديد هوية الانتحاري الذي قتل في الهجوم، وقالت مصادر أمنية إنه يدعى سلمان عبيدي، وولد في مانشستر عام 1994 لأبوين مولودين في ليبيا.
ولد عبيدي في مانشستر ليلة رأس السنة عام 1994 لأبوين ليبيين، كان قد فرا من ليبيا بسبب معارضتهما نظام العقيد معمر القذافي. وقضت الأسرة سنوات قليلة في لندن، ثم انتقلت إلى مانشستر، حيث كان الأب يعمل مؤذنا في مسجد في ديدسبري، وتلقى عبيدي تعليمه في مدرسة في مانشستر، ثم التحق بجامعة سالفورد قبل أن ينقطع عن الدراسة، ويعمل في مخبز. ويتذكر أصدقاؤه أنه كان لاعب كرة قدم جيدا، ومشجعا شغوفا بنادي مانشستر يوناتيد.
وعاشت أسرة عبيدي في مناطق مختلفة في مدينة مانشستر، منها منزل في شارع «إلسمور روود» في منطقة فالوفيلد». التي دهمتها الشرطة، وفتشت الشرطة أيضا منزلا في منطقة والي رينج، وقبض على شخص في الثالثة والعشرين يعتقد أن له صلة بالتحقيق. ويوجد في مانشستر أكبر جالية ليبية في بريطانيا، وقال جيران أسرة عبيدي إنها كانت ترفع العلم الليبي على المنزل في بعض أوقات السنة. وأعلن تنظيم داعش تبنيه الاعتداء، وقال في بيان: «تمكن أحد جنود الخلافة من وضع عبوات ناسفة وسط تجمعات للصليبيين في مدينة مانشستر البريطانية، حيث تم تفجير العبوات في مبنى للحفلات الماجنة». وقال مفوض الشرطة، إيان هوبكينز، للصحافيين «أولويتنا تبقى معرفة ما إذا كان تصرف منفردا أم ضمن شبكة».
وصرح أحد الليبيين الذين يعيشون في مانشستر، بأن سلمان كان «صبيا هادئا، وكان دائما محترما جدا». وأضاف، أن «شقيقه إسماعيل كان منطلقاً، لكن سلمان كان هادئا جدا. ولم يكن يبدو عليه أنه يمكن أن يقوم بمثل هذا الأمر».
وذكرت الصحيفة، أن شقيق عبيدي معروف في أوساط الليبيين، ولم تكن له مهنة معينة، ولكن يعتقد أنه يعيش حاليا في طرابلس.
واجتمع الكثير من سكان مانشستر من مختلف الأديان والأصول مساء الثلاثاء، ووقفوا دقيقة صمت أحياء لذكرى القتلى.
ولكن مع العمليات الواسعة لمحاربة «داعش» وطردهم من مناطق عدة سيطروا عليها، فإن الكثير من المتطرفين ذوي الجنسية البريطانية عادوا إلى المملكة المتحدة، حيث تخشى السلطات أن يشاركوا في موجة جديدة من الهجمات الإرهابية. وعلى الرغم من أن أكثر من 100 من المتشددين البريطانيين قتلوا في صفوف «داعش»، فإن نحو نصف من انضموا إلى التنظيمات الإرهابية عادوا إلى بريطانيا مع خبرة في القتال وقدرة على استخدام المتفجرات والأسلحة النارية.
وتمكنت الأجهزة الأمنية البريطانية من إفشال 13 مخططا إرهابيا كبيرا في السنوات الأربع الماضية، حسبما نقلت صحيفة «ديلي ميل» عن مارك رولي، أكبر ضابط بريطاني في وحدة مكافحة الإرهاب. ويسلط هذا الرقم الضوء على حجم التهديد الإرهابي التي يحيط ببريطانيا جراء هؤلاء المتطرفين. وعلاوة على الهجمات الإرهابية المعقدة التي تستهدف المواصلات العامة والمراكز التجارية، يتم إعداد متطرفين في بريطانيا، عبر الإنترنت خصوصا، لتنفيذ هجمات «الذئاب المنفردة» باستخدام السكاكين أو عمليات الدهس.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.