توقعات باتفاق لوقف إطلاق النار بين حكومة جنوب السودان وقوات التمرد

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: بداية متعثرة في لقاء كير ومشار

توقعات باتفاق لوقف إطلاق النار بين حكومة جنوب السودان وقوات التمرد
TT

توقعات باتفاق لوقف إطلاق النار بين حكومة جنوب السودان وقوات التمرد

توقعات باتفاق لوقف إطلاق النار بين حكومة جنوب السودان وقوات التمرد

كشفت مصادر في أديس أبابا عن أن نائب رئيس جنوب السودان السابق زعيم التمرد رياك مشار رفع سقف مطالب مجموعته بإنهاء الأزمة عبر حكومة انتقالية من دون مشاركة سلفا كير، وهناك توقعات بأن يجري اتفاق وقف إطلاق نار شامل في اللقاء المباشر الذي كان من المقرر عقده بين كير ومشار في ساعة متأخرة من مساء أمس. وكان جيمس غاديت داك، أحد المتحدثين باسم زعيم التمرد الذي وصل مساء الخميس الماضي إلى أديس أبابا، شكك في احتمال بدء محادثات مباشرة مساء أمس (الجمعة). وقال إن «رياك مشار سيلتقي رئيس الوزراء (الإثيوبي هايلي مريام ديسيلين)، وستقوم إيقاد (السلطة الحكومية للتنمية المنظمة المتخصصة بشرق أفريقيا التي تقوم بالوساطة في النزاع) بوضع برنامج المحادثات». لكنه أضاف: «لا أعتقد أن رياك مشار وسلفا كير سيلتقيان مباشرة الجمعة».
وكان سلفا كير أقال مشار في يوليو (تموز) 2013 وسط منافسة محتدمة بينهما على رأس الحزب الحاكم. وقاد مشار بعد ذلك حركة تمرد بعدما اتهمه رئيس الدولة بمحاولة القيام بانقلاب عندما اندلعت معارك في منتصف ديسمبر (كانون الأول) داخل جيش جنوب السودان بين الفريقين المواليين لهما.
وفي السياق نفسه، عقد نائب الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية الحاكم باقان أموم أول اجتماعه له مع مشار تركزت حول تحقيق السلام في بلادهم. وعقد رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسيلين اجتماعات مكثفة مع كير ومشار كل على حدة، لتضييق الشقة بينهما، حيث ما زالت الخلافات كبيرة بينهما.
وعقد رياك مشار لقاء مع مجموعة الـ«11» من قيادات الحزب الحاكم الذين أفرج عنهم هو الأول منذ اندلاع الحرب في ديسمبر الماضي، وقال مشار عقب اللقاء إنه حضر إلى أديس أبابا بقلب وعقل مفتوحين ولمناقشة كل القضايا وتحقيق السلام في جنوب السودان، وأضاف أنه سيجري لقاء مع خصمه سلفا كير ميارديت، وعبر عن ارتياحه للقائه مع المفرج عنهم. وقال: «نسعى إلى إيجاد حل عادل وسلمي وإنهاء الحرب وهي رغبة شعب جنوب السودان». وقال إنه أجرى لقاء مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسيلين تناولت القضايا الخلافية في بلاده وإمكانية إنهاء الحرب.
من جانبه، قال الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان باقان أموم، إن اللقاء بين رئيس جنوب السودان سلفا كير ورياك مشار خطوة مهمة لإنهاء النزاع في بلاده. وأضاف أن الحركة الشعبية هي المرجعية الأساسية في حل الأزمة، مؤكدا أنه سيسهم مع الآخرين في إيجاد نهاية لما وصفها بالحرب العبثية في جنوب السودان، معربا عن تقديره للمجتمع الدولي لمساعدة بلاده لتجاوز الأزمة. وقال مصدر في الوفد الحكومي لـ«الشرق الأوسط»، إن مشار رفع سقفه.
وكان أموم قد وصل إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا صباح أول من أمس بصورة مفاجئة مع رفاقه الذين يطلق عليهم مجموعة الـ«11» المفرج عنهم، وقال أموم: «لا يمكن أن نسمح لهذه الحرب أن تستمر لفترة طويلة. يجب أن نتأكد من أن هذه الحرب توقفت لإنقاذ بلدنا والدولة الفتية لدينا». وقال: «لدينا شعب وأمة تنقسم بسبب هذه الحرب المدمرة وانطلقت الكراهية والعداوات». وأضاف أنه ناقش مع مشار كيفية إنهاء الحرب وإحلال السلام في جنوب السودان وانتقال البلاد نحو السلام والديمقراطية القبلية. وقال أموم إنه ومجموعته خرجوا من الاعتقال دون مرارة.
وأضاف: «نعمل على التركيز بإيجابية لوضع حد لهذه الحرب، والعمل من أجل إحلال السلام في بلدنا، وإلى إحداث تغييرات ديمقراطية بحيث نجعل من جنوب السودان دولة مستقرة. وقال: «إننا نسعى لتحقيق بلد مسالم وديمقراطي. وقال: «إنه على الرغم من الأحداث المروعة منذ ديسمبر فإن أحلامنا لا تزال على قيد الحياة ولم الشمل وإعادة البناء».
وذكر أموم أن مجموعته تتطلع إلى الاجتماع مع الرئيس سلفا كير لحثه على إنهاء الحرب. وتشهد دولة جنوب السودان منذ منتصف ديسمبر الماضي، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لمشار، الذي يتهمه سلفا كير بمحاولة الانقلاب عليه عسكريا، وهو ما ينفيه مشار.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.