هل تعوق معضلة فرانكفورت العقارية أحلامها في خلافة لندن؟

«المصرف الأوروبي» دفع السوق إلى ارتفاعات «لا تعرف حدوداً»

مدينة فرانكفورت الألمانية من المدن الأوروبية التي بدأت تتحضر منذ إعلان الانفصال البريطاني لكي تكون المكان البديل للندن  (رويترز)
مدينة فرانكفورت الألمانية من المدن الأوروبية التي بدأت تتحضر منذ إعلان الانفصال البريطاني لكي تكون المكان البديل للندن (رويترز)
TT

هل تعوق معضلة فرانكفورت العقارية أحلامها في خلافة لندن؟

مدينة فرانكفورت الألمانية من المدن الأوروبية التي بدأت تتحضر منذ إعلان الانفصال البريطاني لكي تكون المكان البديل للندن  (رويترز)
مدينة فرانكفورت الألمانية من المدن الأوروبية التي بدأت تتحضر منذ إعلان الانفصال البريطاني لكي تكون المكان البديل للندن (رويترز)

منذ أن أقرَّت الحكومة البريطانية الخروج من الاتحاد الأوروبي، وكثير من البلدان تعمل على تطوير البنى التحتية في مدنها الكبيرة، التي تتمتع بمركز مالي دولي، وذلك لكي تحل مكان لندن عاصمة المال والأعمال. وظلت فرانكفورت طوال عقود غير قادرة على منافسة لندن، لكن اليوم قد تكون الظروف متوفرة لذلك، فمواصلة عاصمة الضباب احتلال مركزها المالي الأوروبي الحالي يتناقض مع قوانين الاتحاد الأوروبي التي تنص على أن تكون المؤسسات الأوروبية في بلدان تابعة للمجموعة الأوروبية وتعمل تحت مظلَّتِها.
لكن يجب أن تتوفر لدى المدينة أو العاصمة البديلة شروط لا يمليها الاتحاد الأوروبي، بل شروط مالية تفرض نفسها. فلندن تعتبر عاصمة لسوق الأعمال المصرفية الأوروبية، وهذا القطاع كان يستمد جاذبيته من ثلاثة عناصر رئيسية: أولها اللغة الإنجليزية، باعتبارها اللغة الاقتصادية والمالية العالمية. وثانيها منظومة القوانين واللوائح البريطانية المنظمة لعمل المصارف وقطاع الأعمال المالي... وأخيراً البنى التحتية وموقع لندن المركزي بالنسبة إلى أوروبا. فكل هذه العناصر جعلت كثيراً من المصارف تختارها مركزاً لها، وهو ما فعلته أيضاً مؤسسات مالية غير أوروبية كالمؤسسة الأميركية «غولدمان ساكس» التي قررت بناء مركز أوروبي لها في لندن، يفترض أن يكون جاهزاً عام 2019... لكن هذه الخطط لا يُعرَف مصيرها بعد خروج بريطانيا.
ولقد أجبر الوضع الجديد مؤسسات كثيرة على إعادة حساباتها والبحث عن مكان بديل، بعضها حسم الأمر، مثل مصرف «إتش إس بي سي» البريطاني الذي أعلن عن عزمه نقل خُمس موظفيه من لندن إلى العاصمة الفرنسية باريس، والمصرف السويسري «يو بي إس» الذي عزم على تغير مركزه الأوروبي وقد يكون في فرانكفورت. إضافة إلى أن هجرة مؤسسات مالية مهمة «غير أوروبية» سترفع عدد الموظفين والعاملين في قطاع المال الأوروبي ليصل إلى نحو 80 ألف شخص.
والجانب الآخر الذي يدعو المصارف إلى سرعة الانتقال إلى مدن لها تبعية للمصرف المركزي الأوروبي، يتصل بأن مواصلة بقائها في لندن يجعلها تخسر جزءاً من حقوق الدخول إلى سوق المال والأعمال الأوروبي.
* أبرز المنافسين
ومع أن خبراء اقتصاد ومال يستبعدون حدوث هجرة فورية تامة لقطاع المال وشركات الخدمات المالية من العاصمة لندن في المدى القصير، أي الخمس سنوات القادمة على الأقل، فإن الكثير من العواصم والمدن الأوروبية الكبيرة بدأت تتحضر منذ إعلان الانفصال البريطاني، لكي تكون المكان البديل للندن، ومن بينها فرانكفورت التي وضعت على لائحة المدن المنافسة لها، ومنها باريس الفرنسية ودبلن الآيرلندية وإمارة لوكسمبورغ، ومدريد الإسبانية، وأمستردام الهولندية.
فباريس تعتبر نفسها المركز المالي العالمي «تاريخياً»، مما يجعلها - حسب تقديرها - المحرك المهم في سوق المال والأعمال الأوروبي. ويذكّر الراغبون في جلب المؤسسات المالية التي سوف تنتقل من لندن بأن لدى باريس كل المميزات. فقطاعها المصرفي يضم أكثر من 145 ألف موظف وفيها مجلس الإشراف الأوروبي على الأوراق المالية وخمسة من أكبر مصارف أوروبا. والمصارف الموجودة في باريس تشرف على إدارة أصول قيمتها 1.5 تريليون يورو. كما أنه لا يوجد مركز مالي آخر تصدر فيه سندات شركات سوى في باريس، ولديها النية لخفض نسبة الضريبة على الشركات من 28 إلى 33 في المائة... لكن نقطة الضعف فيها أن قرابة 40 في المائة من الفرنسيين العاملين في قطاع المال لديهم إلمام بسيط باللغة الإنجليزية أو لا يتقنونها بطلاقة.
وتبرز لوكسمبورغ، هذه الإمارة الصغيرة، لتبارز المدن الكبيرة، وتتربع على قائمة المدن المالية العالمية، فمن أصل 540 ألف نسمة يعمل، في قطاعها المالي 26 ألف موظف، وتعطي حكومتها أهمية كبيرة للصناعة المالية، وكثير من سكانها يتقنون إلى جانب الألمانية الفرنسية والإنجليزية بطلاقة.
إلا أن العامل السلبي لديها مساحتها الصغيرة. وقد يحدث انتقال عشرات الآلاف من الموظفين العاملين في المؤسسات المالية انفجاراً سكانياً. والسلبيات الأخرى أن فيها القليل من خبراء الاجتهادات القانونية، فكلية الحقوق افتتحت قبل سنوات قليلة فقط. والمنافس العنيد هي دبلن، فانخفاض الضرائب فيها يجذب رؤوس الأموال والشركات الأجنبية، وبالأخص الأميركية، ومن بينها «غوغل» و«فيسبوك»، وعدد من مصانع التقنيات المتطورة... ولا تحتاج الشركات المهاجرة إليها إلى التفكير الطويل، فنظام آيرلندا القانوني «أنغلو سكسوني»، أي متشابه مع البريطاني، ولا توجد حواجز لغوية، فاللغة الرسمية هي الإنجليزية... لكن المشكلة في اقتصادها الذي سوف يعاني بشدة إذا ما استقَلَّت عن بريطانيا.
* أزمة فرانكفورت
وحيال واقع هذه المدن يعتقد كثيرون أن فرصة مدينة المال والأعمال فرانكفورت قد تكون الأكبر. فإلى جانب مقر مؤشر داكس للبورصة العالمية، يتربع في وسطها التجاري المصرف المركزي الأوروبي، ويعمل اليوم نحو 60 ألف موظف في قطاع المال والمصارف والبورصة، ولأغلب المصارف الدولية فروع هناك.
وهذه النقاط تجعل انتقال هذه المصارف أقل كلفة وأسهل، فهي ليست بحاجة إلى ترخيص عمل. يضاف إلى ذلك وجود مؤشر بورصة يوراكس والمئات من المؤسسات المالية العريقة والمصارف الكبيرة ومطارها الضخم الذي لا يبعد كثيرا عن قلب المدينة... لكن مشكلتها في انخفاض مستوى اللغة الإنجليزية لدى العاملين في الأوساط المالية والمصرفية، وإذا ما انتقلت المؤسسات المالية إليها سيكون هناك أكثر من 15 آلاف مكان عمل جديد خلال خمس سنوات، وعليه، يجب توفير مساكن لموظفيها... والمدينة بالأصل تعاني من أزمة سكن خانقة، وزاد من الأمر حدة ارتفاع بدل الإيجارات وثمن العقارات في الآونة الأخيرة، كما الحال في معظم المدن الألمانية.
فالسكن بحد ذاته لسكان فرانكفورت يشكل أزمة منذ زمن، إن كان من حيث بدل الإيجار أو العدد... فعدد سكانها بازدياد بحسب إحصائيات عام 2016، وصل إلى ما يناهز 730 ألف نسمة، بزيادة أكثر من 5000 ساكن، خلال الأعوام الخمس الماضية. وهذا رقم قياسي جديد، ويُعدّ ارتفاعاً أكبر من أي وقت مضى، كما يقول أوليفر شفانك مدير شركة «ناسبا» للعقارات في فرانكفورت.
والارتفاع طال أيضاً بدل الإيجارات وثمن الشقق والمباني السكنية والمكاتب والمباني التجارية، مما دفع بكثير من سكانها إلى تفضيل السكن في الضواحي أو المدن القريبة، مثل فيسبادن التي ترتفع فيها أسعار العقارات، لكن ببطء.
ولا يبالغ شفانك إذا ما قال إنه يتوقع ارتفاعاً صاروخياً لبدل الإيجارات السكنية والتجارية، إذا ما حَلّت فرانكفورت محل لندن، فسعر بيع المتر المربع حالياً في المباني الجديدة يتجاوز 16.5 ألف يورو، وأصبحت المدينة غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد على المساكن بسبب النمو السكاني... وسوف تتفاقم المشكلة إذا ما زاد التدفق البشري إليها.. وهذا يتطلب زيادة مساحات البناء، وقد تكون فرصة لمن يريد طلب قرض مصرفي للمشاركة في موجة التعمير والبناء بسبب انخفاض نسبة الفوائد للقروض نتيجة سياسة المصرف المركزي الأوروبي.
وإلى جانب فرانكفورت، سوف تتوسع أيضاً مناطق محيطة بها، مثل منطقة تاونوس، التي تبعد عن فرانكفورت 30 كيلومتراً، وفيسبادن التي تبعد عنها بزمن قدره 38 دقيقة فقط بالسيارة، والتي تقل فيها أسعار العقارات عن فرانكفورت بنسبة نحو 50 في المائة.
* مدينة لا تنام
وفرانكفورت من المدن التي لا تنام... ويقول سكانها عنها إنها «مدينة يسكن فيها العالم بالكامل»، وذلك رغم أن البريطانيين يرونها «مملة». ونسبة الأجانب في فرانكفورت تقارب 28.8 في المائة من السكان... فواحد من بين كل أربعة من قاطني المدينة لا يحمل الجنسية الألمانية، وقد تضاهي مدينة نيويورك الأميركية من حيث التنوع البشري، إذا ما انتقلت إليها المؤسسات المالية التي ستهاجر من لندن.
والقائمون على المدينة يريدون الآن استغلال كل الفرص لتكون البديل عن لندن، فهناك خطط لإنشاء مواقع مؤسسات بحوث مالية وتجارية إلكترونية «أون لاين» باللغة الإنجليزية.
ولا يحتاج المرء للبحث طويلاً داخل فرانكفورت، ففيها كل وسائل الترفيه والراحة والاستجمام والرياضة، من متاحف ومعارض ودور مسرح وحتى حقول لعب غولف. وتعرض مؤسسات بلدية المدينة على الوافدين الجدد خدماتها من نصائح عند البحث عن مدارس للأولاد ورياض أطفال أو جامعات أو معاهد تعليم أو مساكن والخدمات متوفرة على شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية على مدار 24 ساعة. وتنافس فرانكفورت ميونيخ في قطاعها الطبي، حيث فيها أفضل الأنظمة الصحية الألمانية لكل التخصصات والعلاجات، وبالإضافة إلى ذلك لديها بنية تحتية جيدة وشبكة مواصلات بسبب وجود المطار الدولي فيها مع قطار سريع يربط المدينة بالمطار، ووضعت هذا العام في المرتبة الثانية بعد ميونيخ وفي الترتيب السابع كأقل نسبة ارتكاب جرائم فيها.
* أسعار ترتفع من دون توقف
ولقد أحدث وجود المصرف المركزي الأوروبي في شرق مدينة فرانكفورت في حدوث تغييرات سريعة في هذا الحي بالذات، فتحول إلى تجمع سكني فخم جداً بسبب تفضيله من قبل عدد كبير من موظفي المصرف، لأن إدارة المصرف تمنحهم دعماً مالياً كبيراً من أجل سكنهم... فيختارون بالتالي سكناً قريباً من العمل. وهذا سَبَّب ارتفاع الإيجارات بشكل كبير، مما دفع أصحاب الشقق إلى إغراء الساكنين القدامى لترك العقار من أجل الكسب السريع.
ولقد تأثر المحيط القريب من موقع المصرف الأوروبي، فتحول إما إلى مكاتب أو شقق فخمة، لا يستطيع دفع بدل إيجارها إلا كبار موظفي المصارف الدولية، لذا فإن 70 في المائة منهم يسكن في هذا الحي، لكن الكثير من الشقق والمكاتب تبقى خالية، نظراً لأسعارها «الخيالية».
وفرانكفورت المدينة الوحيدة في ألمانيا التي يوجد بها ناطحات سحاب، ففيها أكثر من 30 ناطحة سحاب بعلو يتجاوز المائة متر، و14 أخرى بعلو يصل إلى 150 متراً. وفي عام 2018 سوف يتم إنجاز بناء في منطقة تلي نورما إريال، مكون من عمارة مرتفعة مع حديقة كبيرة على سطحها، وسيضم هذا المبنى 212 شقة ما بين شقق بغرفة واحدة وشقق بخمس غرف.
وارتفاع أسعار الشقق يطال أيضاً الأحياء المتوسطة ودون المتوسطة، وزاد خلال السنوات القليلة الماضية سعر المتر المربع أكثر من 30 في المائة، وتُعرض اليوم شقق سكنية مكونة من أربع غرف ومساحة تتراوح ما بين 162 و190 متر مربع بأكثر من نصف مليون يورو، ربما يتجاوز سعر شقق أصغر أيضاً حدود 700 ألف يورو. وتوجد شقق صغيرة بدل إيجارها «متهاود»، لكنها بعيدة عن المركز المالي. فبدل إيجار شقة بمساحة 20 متراً مربعاً مع حمام ومطبخ صغيرين يتجاوز 800 يورو شهرياً، يضاف إليها قرابة نفس المبلغ للكهرباء والماء والهاتف وتكاليف أخرى. أما بدل إيجار الشقة القريبة من وسط المدينة، وبمساحة 60 متراً مربعا فيقارب 5 آلاف يورو شهرياً.
أما ثمن الشقق في مباني مخصصة لمكاتب المحامين والسماسرة والأطباء أو الشركات العالمية، خصوصاً في ناطحات السحاب، فيقارب حدود 6 ملايين يورو، ومساحتها بحدود الـ2000 متر مربع... بينما تتراوح أسعار المكاتب بمساحات متوسطة، أي 256 متراً مربعاً، ما بين 750 إلى مليون ونصف المليون يورو. ومن أجل أسعار أرخص، فهناك مكاتب في منطقة تاونوس بثلاث غرف وبسعر متوسطه 375 ألف يورو فقط.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».