الحكومة الألمانية تقاضي شرطتها بتهمة التغاضي عن منفذ هجوم «الدهس»

«تسترت» على ملف جنايات أنيس العامري

الحكومة الألمانية تقاضي شرطتها بتهمة التغاضي عن منفذ هجوم «الدهس»
TT

الحكومة الألمانية تقاضي شرطتها بتهمة التغاضي عن منفذ هجوم «الدهس»

الحكومة الألمانية تقاضي شرطتها بتهمة التغاضي عن منفذ هجوم «الدهس»

أعلن أندرياس غايزل، وزير داخلية برلين، عن إقامة دعوى قضائية من قبل حكومة برلين ضد شرطة ولايتها بتهمة «إحباط قضائي». وقال الوزير مساء أول من أمس إن شرطة ولاية برلين تسترت، بل وتلاعبت، بتقرير خطير يكشف تقصيرها في اعتقال الإرهابي التونسي أنيس العامري قبل تنفيذه عمليته الإرهابية في العاصمة الألمانية.
وأضاف الوزير، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، أن اعتقال العامري كان ممكناً منذ يوم الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. أي قبل تنفيذه العملية الإرهابية في برلين بـ49 يوماً. وأكد أن الشرطة لم تتابع تقريراً لمديرية الأمن يكشف أن اعتقال التونسي كان ممكناً بتهمة الاتجار بالمخدرات، وهي تهمة تتيح للشرطة حبسه لسنة كاملة في الأقل بحسب القانون الألماني.
واستخدم العامري، الذي أخرجته الشرطة من قائمة «الخطرين» قبل شهر من تنفيذه العملية الإرهابية، شاحنة لدهس الناس في سوق لأعياد الميلاد في العاصمة في يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016 وتسبب بموت 12 شخصاً. ونجح العامري في الهرب من ألمانيا عبر هولندا وفرنسا وصولاً إلى إيطاليا حيث تم التعرف عليه وقتله من قبل شرطة ميلانو.
وأشار الوزير غايزل إلى أن التقرير المذكور اعتمد على بروتوكولات الاستماع إلى هاتف العامري الجوال، والتي تكشف بأنه تحول من تعاطي المخدرات إلى الاتجار بها. كما تم تصويره وهو يتاجر بالمخدرات في محطة قطارات «حديقة الحيوانات» في قلب العاصمة برلين. ولو أن الشرطة تابعت التهمة مع النيابة العامة، لكان تجنب عملية الدهس الإرهابية ممكناً، بحسب رأي الوزير.
وأقامت حكومة ولاية برلين دعوى «إحباط قضائي» ضد عدد من المحققين في القسم5 في شرطة الولاية المسؤول عن حماية الدولة. وشملت التحقيقات ضابطين شابين تمت دعوتهم سلفاً للمثول أمام قاضي التحقيق, بتهمة التستر على ملف جنايات أنيس العامري منفذ هجوم الدهس.
من ناحيته، وصف وزير الداخلية الاتحادية توماس دي ميزيير «الاتهامات» لشرطة برلين بالتقصير في قضية العامري بالـ«عار». وطالب الوزير يوم أمس بتحقيق شامل وجذري يجريه المسؤولون في ولاية برلين. وعبر عن احترامه لزميله وزير داخلية برلين لأنه كشف عن الموضوع في هذا الوقت.
وتعاملت الحكومة الألمانية بجدية مع الكشف عن تقصير شرطة برلين في قضية أنيس العامري. وقررت الأحزاب الستة في البرلمان الألماني تخصيص الجلسة الصباحية الأولى من جلسات أمس الخميس لمناقشة الموضوع.
وقال مارسيل لوته، من الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، إن شكوك الحزب في تقصير شرطة الولاية قد تأكدت. وطالب لوته بالكشف عن المسؤولين عن التستر على التقرير، وعن المسؤولين عن حجب هذه المعلومات عن البرلمان الألماني. وأضاف أنه على المسؤولين عن التقصير تحمل عواقب أفعالهم في الحالتين. ودعا البرلماني الليبرالي إلى التحقيق في تقصير شرطة الولايات الأخرى، وخصوصاً ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، في الموضوع.
وطالبت ايرينه ميهاليتش، خبيرة حزب الخضر في الشؤون الداخلية، بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الموضوع، ودعت الأحزاب البرلمانية للموافقة على تشكيل هذه اللجنة خلال الفترة المتبقية من عمل البرلمان الحالي التي تسبق الانتخابات العامة في سبتمبر (أيلول) المقبل.
جدير بالذكر أن ألمانيا شهدت لجنتي تحقيق للنظر في احتمال تقصير الشرطة في اعتقال العامري، إحداهما في برلمان ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، وأخرى «خاصة» على مستوى البرلمان الاتحادي. وفشلت اللجنتان في إثبات وجود تقصير، وأكدت الشرطة في دفاعها أنها استنفدت كل جهودها لحبس العامري قبل تنفيذه العملية الإرهابية إلا أن قوانين «دولة القانون» وقفت حائلاً دون ذلك. وعلى صعيد الإرهاب أيضاً، واصلت المحكمة العليا في مدينة دوسلدورف النظر قضية القيادي الإسلامي سفين لاو المتهم بدعم الإرهاب. وطالبت النيابة العامة الألمانية في مرافعتها بسجن المتهم لمدة ستة أعوام ونصف العام، وقال ممثل الادعاء إن الاتهامات الموجهة إلى لاو «تأكدت بشكل واضح».
ويقبع لاو في الحبس الاحترازي منذ 20 شهراً، حيث يواجه اتهاماً بدعم جماعة جيش المجاهدين والأنصار، التي تقول النيابة العامة إنها تتعاون بشكل وثيق مع «داعش». وكانت وقائع محاكمة لاو قد بدأت منذ سبتمبر الماضي.
من جانبه، طالب الدفاع ببراءة لاو وقال: «لم نستطع التثبت من شيء يمكن أن تستند إليه إدانة السيد لاو»، وذكر المحامي أن هناك بعض الأمور التي تؤيد أن «النيابة العامة تقود حملة للثأر من السيد لاو»، ولفت إلى أن لاو أدانته إفادات أدلى بها إرهابي سابق وكذاب سيئ السمعة على أمل أن يخرج صاحب هذه الإفادات من سجنه مبكرا.
في المقابل، قال ممثل النيابة العامة إن المتهم «مجرم عن قناعة» وأضاف أنه «دعم الجهاد انطلاقاً من ألمانيا تحت ستار المساعدات الإنسانية»، ولفت الانتباه إلى أن لاو أمد الجهاديين في سوريا باثنين من الإسلاميين كمقاتلين بالإضافة إلى ثلاثة أجهزة رؤية ليلية و250 يورو، غير أن الادعاء نفى أن يكون لاو عضواً في جماعة جيش المجاهدين والأنصار، أي أنه ليس إرهابياً على حد وصف ممثل النيابة.
وتابعت النيابة أن لاو، مدعوماً من الداعية المتشدد بيير فوغل، أنشأ وتزعم على مدار سنوات شبكة للإسلاميين المتشددين، وأن فكره الحقيقي يتبين في بعض عباراته التي تشجع على قتل الشيعة.
وذكر ممثل النيابة العامة أن شريط فيديو أظهر لاو الملقب بـ«أبو آدم» في تدريب للعدو، وقال متحدث في الفيديو: «تدريب قوة من أجل الجهاد»، ورد لاو بالعربية قائلاً: «الحمد لله على يوم من أجل الجهاد».
وكان لاو، وفقاً لصحيفة الدعوى، قد أرسل أجهزة الرؤية وتكلفتها 1500 يورو، إلى عنوان والدة زوجته، وقام بدفع ثمن هذه الأجهزة عن طريق شخص ثالث، وتتوقع النيابة أن يكون لاو قد سلم هذه الأجهزة بنفسه خلال إحدى رحلاته إلى سوريا.
وفي المقابل، تساءل الدفاع أن واحداً من المجندين اعترف بأنه اشترى من مبلغ الـ250 يورو حلوى «فأين دعم الإرهاب في ذلك؟»، وأضاف أن ممثل النيابة عجز عن إثبات أن أجهزة الرؤية الليلية قد تم توريدها بالفعل إلى والدة زوجة لاو. وتعود الاتهامات إلى رجل الإطفاء السابق لاو المتحدر من مدينة مونشنغلادباخ إلى عام 2013.
وذكر لاو أنه لم يساعد أحداً على الانضمام إلى «داعش» في سوريا. ومن المنتظر استئناف الجلسات في الرابع والعشرين من مايو (أيار) الجاري، حيث سيتم الإعلان عن الحكم في هذه الجلسة.
وعلى صعيد الإرهاب اليميني المتطرف، طالبت وزيرة الدفاع الألمانية بثقافة جديدة للتعامل مع الأخطاء داخل الجيش. ودعت أورسولا فون دير لاين، بتعامل أكثر انفتاحاً مع الأخطاء داخل الجيش الألماني.
وفي مقابلة مع القناة الثانية بالتلفزيون الألماني (زد دي إف)، قالت الوزيرة المنتمية إلى حزب المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، مساء أول من أمس: «سنسأل كل المستويات: ماذا يمنعكم فعلاً من ممارسة قيادة جيدة؟»، وأكدت على ضرورة إجراء نقاش واسع النطاق حول هذه المسألة من أجل تحديد الأخطاء وتصحيحها.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.