«داعش» يكثف استهداف المدنيين مع تضييق الخناق عليه في الموصل

نازحون يفرون من المعارك بين القوات العراقية و«داعش» في حي الربيع غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
نازحون يفرون من المعارك بين القوات العراقية و«داعش» في حي الربيع غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يكثف استهداف المدنيين مع تضييق الخناق عليه في الموصل

نازحون يفرون من المعارك بين القوات العراقية و«داعش» في حي الربيع غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
نازحون يفرون من المعارك بين القوات العراقية و«داعش» في حي الربيع غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)

قال قائد في الشرطة الاتحادية العراقية وشهود، إن عناصر تنظيم داعش يزرعون ألغاماً قرب أبواب المنازل في الموصل، لمنع المدنيين من الرحيل، مع إحكام القوات الخناق على التنظيم في منطقة آخذة في التضاؤل غرب المدينة.
ويستخدم «داعش» بشكل متزايد مئات الآلاف من المدنيين الذين لا يزالون يقيمون في مناطق سيطرته، كدروع بشرية حتى لا يستهدف مسلحوه. وبدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، حققت القوات العراقية مكاسب سريعة منذ أن فتحت جبهة جديدة في شمال غربي الموصل هذا الشهر، ونجحت في إخراج «داعش» من جميع أنحاء المدينة باستثناء نحو 12 كيلومتراً مربعاً.
لكن التنظيم ما زال يسيطر على المدينة القديمة، حيث يتوقع أن تدور آخر المواجهات في الشوارع الضيقة ذات الكثافة السكانية العالية التي لا يمكن أن تمر عبرها المركبات المدرعة، ما سيضطر القوات إلى التقدم سيراً.
وقال قادة عسكريون إن القوات تسعى لإعلان النصر بحلول شهر رمضان الذي يتوقع أن يبدأ في 27 مايو (أيار)، حتى إذا ظلت هناك جيوب للتنظيم في المدينة القديمة. وقال الفريق عبد الغني الأسدي للتلفزيون الرسمي إن جهاز مكافحة الإرهاب بقيادته، يتقدم بشكل متواصل في منطقتي الرفاعي والنجار. وأضاف: «إن شاء الله في الساعات القادمة سنكمل المهمة المكلفين بها».
ولفت الأسدي إلى أن مسلحي «داعش» نشروا 30 سيارة ملغومة لاستهداف قواته في الموصل في اليومين الماضيين. وأضاف أنهم قيدوا مدنيين من أياديهم في حي الصحة، واستخدموهم دروعا بشرية للتنقل من مكان إلى آخر. وتابع: «كنا نراهم يتحركون بأسلحتهم وسط المدنيين، لكن لم نوجه أي ضربة لهم. رأيناهم يختفون بين المنازل وتركوا المدنيين الذين فروا باتجاه قواتنا».
وقتل مئات المدنيين على الأقل تحت قصف قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والقوات الجوية العراقية خلال حملة الموصل. أما من تبقوا فيأكلون الحشائش وحبوب القمح المسلوقة مع نفاد الغذاء.
ويخشى المدنيون انفجار القنابل إذا فتحوا أبواب منازلهم ويفرون عبر نفس الثقوب التي صنعها مقاتلو التنظيم في الأبواب الداخلية للتحرك في المدينة من دون استهدافهم من الجو. وارتفع عدد الفارين من الموصل منذ أن تصاعدت الأعمال القتالية من جديد هذا الشهر.
وقالت الحكومة العراقية إن نحو عشرة آلاف شخص نزحوا من المدينة، أول من أمس، لينضموا إلى 700 ألف تقريباً غادروا الموصل منذ بداية الحملة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقتل مدنيان حين عادا إلى حي الإصلاح الزراعي بعد أيام من استعادة القوات له، بانفجار لغم كان «داعش» زرعه لمنعهما من مغادرة منزلهما.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».