تحولت قضية نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية، من تل أبيب إلى القدس الغربية، إلى خلاف علني بارز بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس دونالد ترمب، وإلى موضوع خلاف آخر داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها.
فبعد 4 أشهر من دخول الرئيس ترمب البيت الأبيض، وقبل أسبوع واحد فقط من زيارته إلى إسرائيل، بدأ المسؤولون الإسرائيليون يطالبونه بتنفيذ وعوده التي أطلقها خلال معركته الانتخابية، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارته إليها. ودخل الوزراء في حكومة اليمين المتطرف في مزايدات فيما بينهم، وكان من بينهم من كان أشد حدة في طرح مطلبه.
وشب الخلاف بالأساس بعد أن ألمح ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأميركي، إلى احتمال أن يكون هناك تحفظ لدى الحكومة الإسرائيلية على موضوع نقل السفارة الأميركية. فخرج رئيس حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، وزير المعارف، نفتالي بنيت، منتقداً نتنياهو بحدة لأنه هو من ولد هذا الانطباع لدى الأميركيين، وقال إن حزبه مصر على المطالبة بنقل السفارة. ومباشرة بعد ذلك، أصدر مكتب رئيس الحكومة بياناً أعلن فيه أن نتنياهو أوضح للإدارة الأميركية أنه معني بنقل السفارة إلى القدس.
وكان تيلرسون قد تطرق، في مقابلة مع شبكة «NBC» التلفزيونية الأميركية، إلى الوعد الذي أطلقه الرئيس ترمب بنقل السفارة إلى القدس في حملته الانتخابية، وقال إن «الرئيس يدرس تحديد انعكاس تحقيق وعده على عملية السلام، وهو يعمل بحذر في هذا الشأن لأنه يريد أن يعرف موقف الطرفين من موضوع نقل السفارة».
والمعروف أن مفعول المرسوم الرئاسي، الذي وقّع عليه رئيس الولايات المتحدة السابق باراك أوباما، والذي بموجبه يتم تجميد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، سينتهي بتاريخ الأول من يونيو (حزيران) المقبل، مما سيضطر ترمب إلى اتخاذ أحد القرارين: إما تجديد المرسوم الرئاسي المذكور، أو الامتناع عن التوقيع عليه؛ والاحتمال الثاني يعني - عملياً - أن ترمب سيسمح بنقل السفارة إلى القدس.
وكانت تصريحات تيلرسون هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول في إدارة ترمب بشكل علني عن إمكانية ربط نقل السفارة بآمال الإدارة الأميركية في تجديد عملية السلام والتوصل إلى اتفاق إسرائيلي - فلسطيني، وقد شدد فيها على أن «الرئيس يتخذ موقفاً شديد الحذر لكي يتمكن من فهم الموضوع نفسه، ولكي يسمع وجهات نظر الجهات المرتبطة بالموضوع، ولكي يفهم التأثير الذي قد تحمله هذه الخطوة على عملية السلام»، مبرزاً أن ترمب تحدث أخيراً في الموضوع مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. كما أشار تيلرسون إلى أن ترمب مهتم بالتحديد بفهم موقف إسرائيل من موضوع نقل السفارة، ومعرفة ما إن كانت إسرائيل «تفترض أن الأمر سيساعد مبادرة السلام، أم أنه سيغض النظر عنها».
وجاءت أقوال تيلرسون بمثابة تلميح بأن الإدارة الأميركية تدرك وجود خلافات في وجهة النظر الإسرائيلية بخصوص نقل السفارة إلى القدس، ذلك أن الجيش وبعض الجهات في المنظومة الأمنية الإسرائيلية قدرت في مداولات مع نتنياهو أن نقل السفارة قد يؤدي إلى تصعيد العنف في القدس والضفة الغربية.
وبعد نشر أقوال تيلرسون بوقت قصير، كتب الوزير بينت تغريدة على «تويتر»، دعا فيها نتنياهو إلى توضيح الموقف الإسرائيلي لترمب، من ضرورة نقل السفارة إلى القدس، والاعتراف بـ«القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية». وأوضح بينت أن نقل السفارة سيعزز مكانة إسرائيل واحتمالات السلام الحقيقي.
واعتبر مراقبون هذا التصريح استمراراً للمواجهة السياسية بين الوزير بينت ونتنياهو، على خلفية تصريح آخر لهربرت مكماستر، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، قال فيه إنه من المتوقع أن يعلن ترمب عشية زيارته لإسرائيل عن تأييده لحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وأصدر مكتب نتنياهو بعد ساعة واحدة من نشر تغريدة بينت رداً، جاء فيه أنه «تم توضيح موقف إسرائيل عدة مرات أمام الإدارة الأميركية والعالم، من أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس لن يضر أبداً بعملية السلام، بل على العكس من ذلك، سيشكل دفعاً لها إلى الأمام، وذلك عبر إصلاحه للظلم التاريخي، وتحطيم الأوهام الفلسطينية التي تقول إن القدس ليست عاصمة إسرائيل».
وأوضح مسؤول إسرائيلي رفيع الشأن أن نتنياهو عبر عن رغبته في نقل السفارة إلى القدس في لقائه مع ترمب، ومع تيلرسون، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن. وبحسب أقوال المسؤول، فإن نتنياهو طرح هذا الموضوع في عدة محادثات هاتفية أجراها مع ترمب منذ توليه منصب الرئاسة. كما طرح الموضوع نفسه من قبل حزب الليكود، وكان موجهاً إلى بينت، حيث ورد فيه أن «الليكود يحيّي بينت لاقتباسه البيانات الصادرة عن مكتب رئيس الحكومة نتنياهو، ويعلنها كأنها مطالبه هو، كمطلب نقل السفارة الأميركية إلى القدس». من جهة ثانية، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، تصريحات لمسؤول فلسطيني في رام الله، قال فيها إن «هناك قناعة في المقاطعة (مقر الرئاسة الفلسطينية) بأن السفارة الأميركية في إسرائيل ستبقى في تل أبيب، وأن نقل السفارة إلى القدس غير مطروح». وأكد هذا المصدر القريب من وفد المحادثات الفلسطيني مع واشنطن أن رئيس المخابرات الأميركية، مايك فومفان، هدأ من روع القيادة الفلسطينية عندما زار القدس ورام الله قبل 3 شهور، والتقى أيضاً مع أبو مازن.
الخلافات تتأجج بين نتنياهو وترمب بسبب نقل السفارة الأميركية
المستوطنون يصرون على تغيير مكانها... والفلسطينيون: الرئيس الاميركي أسقط الفكرة
الخلافات تتأجج بين نتنياهو وترمب بسبب نقل السفارة الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة