عون ـ جنبلاط: خلافات سياسية واقتصادية يفاقمها «قانون الانتخاب»

النائب فؤاد السعد: باسيل يتصرف وكأنه الآمر الناهي في قصر بعبدا

عون ـ جنبلاط: خلافات سياسية واقتصادية يفاقمها «قانون الانتخاب»
TT

عون ـ جنبلاط: خلافات سياسية واقتصادية يفاقمها «قانون الانتخاب»

عون ـ جنبلاط: خلافات سياسية واقتصادية يفاقمها «قانون الانتخاب»

تشهد العلاقة بين «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، فتوراً واضحاً، وتحديداً حول قانون الانتخاب. ويتخطى هذا الخلاف القديم - الجديد بين الطرفين إلى ملفات أخرى سياسية واقتصادية وحياتية.
وكانت العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والنائب جنبلاط قد اتسمت في مراحل سابقة بالـ«حدّة»، وتحديدا قبل مرحلة اتفاق الطائف يوم كان عون رئيساً للحكومة العسكرية وقائداً للجيش، كما أنها لم تتغير كثيرا حتى بعد عودة عون من المنفى، حيث بقيت التراكمات قائمة إلى أن بدّدتها مرحليا الانتخابات الرئاسية عند اتخاذ جنبلاط قرارا بدعم عون للرئاسة الجمهورية، لتعود الخلافات إلى سابق عهدها تحت عنوان «قانون الانتخاب».
ورغم بعض محاولات ردهم هوّة التباعد بين الطرفين، لا يزال كل منهما متمترس في موقعه، وكان آخرها الزيارة التي قام بها باسيل إلى دارة جنبلاط. ووصفت مصادر سياسية مطلعة بأن «اللقاء ساده الصراحة المتناهية، وبخاصة فيما يتعلق بقانون الانتخاب الذي كان محور النقاش»، مضيفا: «لكن لم يحسم أي شيء، واتفق الطرفان على استمرار التواصل واللقاءات وتنظيم الخلاف؛ حفاظاً على روحية مصالحة الجبل والاستقرار والتعايش الدرزي – المسيحي، مع الحرص على عدم انعكاس هذا الخلاف على هذه المصالحة».
ويؤكد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب فؤاد السعد لـ«الشرق الأوسط»، بأن التباينات السياسية مع «التيار الوطني الحرّ» قديمة وكبيرة، «وتلك العلاقة لم تستقم في أي مرحلة؛ نظراً لمحاولة التيار الاستئثار بالسلطة وبمقدرات البلد، ورفعه شعار (نحن أو لا أحد)، وكأنهم وحدهم من يمثل المسيحيين، أو أنهم هم الموارنة وهم المسيحيون واللبنانيون، بينما ينظرون لنا نحن والأحزاب المسيحية التي لها جذور تاريخية في لبنان والجبل، والتي لها علاقة متجذرة مع بكركي والفاتيكان، لا دور لنا». وأضاف السعد، أن الكلمة الفصل بالنسبة للتيار للوزير جبران باسيل «الذي يصنع قوانين للانتخابات، ويتصرف كأنه الآمر الناهي في قصر بعبدا وفي (التيار الوطني الحرّ)»، مذكرا بحرص النائب وليد جنبلاط الدائم على التمثيل النيابي للقوات اللبنانية والكتائب وحزب الوطنيين الأحرار في الجبل، أي أنه لم يحاول إقفال الطريق على أي مكون سياسي مسيحي أو سواه.
وحذّر السعد مما وصفها بـ«حرب إلغاء جديدة بطلها الوزير باسيل الذي حاول من خلال القانون التأهيلي أن يسيطر على الساحة المسيحية اللبنانية، عبر تياره»، مضيفا: «هذا القانون يضرب التعايش المسيحي - الدرزي في الجبل والتاريخي بامتياز؛ لأن جبل لبنان هو قلب لبنان النابض، كذلك فهو يصيب مصالحة الجبل، والدليل على ذلك أنه سقط بالضربة القاضية برفض حلفاء التيار له قبل خصومه».
وإضافة إلى قانون الانتخاب يلفت السعد إلى «أن التباين بين (اللقاء الديمقراطي) و(التيار الوطني) قائم حول ملفات سياسية وانتخابية واقتصادية كثيرة، ولا سيما مسألة الكهرباء وقضايا كثيرة، لكن في خضم هذه الأوضاع المفصلية التي يجتازها لبنان والمنطقة، فإن النائب جنبلاط حريص على استقرار البلد، وخصوصاً على الجبل ووحدته ومسيرة المصالحة التاريخية، وليس هناك من قطيعة مع أي فريق سياسي».
في المقابل، يقول مصدر نيابي في (تكتل التغيير والإصلاح) لـ«الشرق الأوسط»: إن رئيس التيار الوزير جبران باسيل منفتح على كل الأفرقاء، بما فيهم الحزب التقدمي الاشتراكي، ولقاؤه الأخير مع النائب وليد جنبلاط كان إيجابياً لناحية النقاش الصريح، مؤكداً في الوقت عينه على الخلاف بين الطرفين حول قانون الانتخاب وأمور كثير، «ولكن ليس هناك من قطيعة بيننا». ولفت المصدر إلى «لقاءات ومشاورات مستمرة بعيداً عن الأضواء، كما مع بعض الأطراف الأخرى؛ إذ يتم خلالها النقاش حول قانون الانتخاب وقضايا أخرى حكومية وبرلمانية»، مقرّا بأن «الخلاف حول مجلس الشيوخ باقٍ مكانه، وهناك توافق ضمني بين غالبية القوى السياسية على إقفال هذا الملف في المرحلة الراهنة؛ كي لا نصل إلى حائط مسدود، وإلى اتساع شرخ الخلافات؛ لأنه موضوع يتسم بالمنحى الطائفي المذهبي، ولهذه الغاية سنتجاوز النقاش حول هذا الملف إلى حين تكون الفرصة مواتية لبحثه والتوصل إلى حل، وإن كان ذلك في هذه المرحلة أمرا مستبعدا».
وعما يمكن أن يحدث بعد موعد الجلسة النيابية التي كانت محددة اليوم في 15 مايو (أيار)، يقول السعد «اللعبة مفتوحة على شتى الاحتمالات إلى الآن ليس هناك من توافق على أي قانون انتخابي؛ فالمرحلة ضبابية وقاسية سياسيا واقتصاديا، وحتى أمنياً في ظل ما يحصل حولنا من حروب مشتعلة»، متوقعا أن يكون صيف لبنان ساخناً على كل المستويات «وذلك ليس تهويلاً، إنما واقع ملموس، والانتخابات النيابية إلى الآن في مهب الريح»، مشددا على أن «اللقاء الديمقراطي» يرفض التمديد والفراغ، والنقاش مفتوح على أي حلول توافقية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.