موقوفو «الإرهاب» في لبنان يطلقون معركة «الأمعاء الخاوية»

بدأوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام للمطالبة بـ«العفو العام»

موقوفو «الإرهاب» في لبنان يطلقون معركة «الأمعاء الخاوية»
TT

موقوفو «الإرهاب» في لبنان يطلقون معركة «الأمعاء الخاوية»

موقوفو «الإرهاب» في لبنان يطلقون معركة «الأمعاء الخاوية»

أطلق الموقوفون على ذمة قضايا تتعلق بالإرهاب في السجون اللبنانية معركة «الأمعاء الخاوية»، وبدأوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام، إلى حين تحقيق مطلبهم الرامي إلى إقرار قانون العفو العام والإفراج عنهم. وانضمّ إلى هذا الإضراب نحو 850 موقوفاً في عدد من السجون.
جاء إعلان الإضراب المفتوح عن الطعام، عبر تسجيل صوتي عائد للشيخ خالد حبلص، الموقوف في سجن رومية المركزي (شرقي بيروت)، جرى تسريبه صباح أمس من داخل السجن، وأعلن فيه الأخير «بدء إضراب السجناء عن الطعام في كل السجون اللبنانية إلى حين إقرار العفو العام». وتابع: «الإضراب عن الطعام حق مشروع للسجين للمطالبة بحقوقه». وتمنى حبلص على إدارة السجون «ألا تمارس الضغط على المضربين وألا تمنعهم من ممارسة هذا الحق الذي حفظه لهم القانون».
في هذه الأثناء، أكد مصدر أمني لبناني أن «مئات الموقوفين بدأوا فعلاً إضرابهم عن الطعام، اعتباراً من صباح اليوم (أمس) وامتنعوا عن تسلم وجباتهم اليومية»، وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن «عدد المضربين عن الطعام في سجن رومية بلغ 575 من أصل 600 سجيناً، يضاف إليهم 200 موقوف في سجن طرابلس (شمال لبنان) ونحو 60 آخرين في سجن جزين (جنوب لبنان)»، مشيراً إلى أن «إدارة السجون بدأت مراقبة هؤلاء، ومتابعة الوضع الصحي للذين يعانون من أمراض مزمنة».
ما يستحق الإشارة، أنه سبق الإضراب عن الطعام، قيام آلاف بحركة تمرّد محدودة في السجون، جرى مواكبتها بتظاهرات نفذها أهالي السجناء والموقوفين في عدد من المناطق اللبنانية، طالبوا فيها بإصدار قانون عفو عام في بداية عهد الرئيس ميشال عون، لكن هذه التحركات سرعان ما هدأت. واقتصرت معركة «الأمعاء الخاوية» على السجناء في قضايا الإرهاب دون سواهم، وفق المصدر الأمني، الذي أوضح أن «نزلاء السجون الملاحقين بجرائم أخرى مثل المخدرات والسرقة والقتل والجرائم المالية لم يحذوا حذو رفاقهم»، لافتاً إلى أن «المسؤولين في السجون نصحوا الملتزمين بالإضراب بوقف هذا التحرّك الذي يلحق الضرر بصحتهم».
هذا، ويحاكم مئات الموقوفين بجرائم أمنية، ولقد اتهم القضاء معظمهم بالانتماء إلى «تنظيمات إرهابية»، مثل «داعش» و«جبهة النصرة» و«كتائب عبد الله عزام»، والقيام بأعمال إرهابية وتنفيذ تفجيرات في لبنان، كما يحاكم المئات بسبب ذهابهم إلى سوريا والقتال إلى جانب فصائل المعارضة ومجموعات متطرفة.
ومن جانبها، تحرص إدارة السجون على بقاء التحرك ضمن الأطر التي لا تلحق الضرر بحياة المضربين. وأعلن المصدر الأمني أن «الصيدليات الموجودة في السجون، وفّرت الأدوية المطلوبة للموقوفين المرضى»، لافتاً إلى أن «الآثار السلبية لهذا الإضراب لن تظهر قبل مرور بضعة أيام على البدء به». ومن ثم كشف عن أن «بعض الموقوفين توجد لديهم أطعمة خفيفة مثل البسكويت والشوكولاته والعصائر، سبق أن اشتروها من الدكان الموجودة داخل سجن رومية، قد يقتاتون بها لبعض الوقت، لكن بالتأكيد لا تغنيهم عن وجبات الطعام الأساسية».
أما أبرز الملفات التي يحاكم بها هؤلاء فهي تبدأ من ملف معركة مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين التي اندلعت في عام 2007 بين الجيش اللبناني ومقاتلي تنظيم «فتح الإسلام» بقيادة الأردني شاكر العبسي، وملف أحداث عرسال بين الجيش وتنظيمي داعش والنصرة التي اندلعت مطلع شهر أغسطس (آب) 2014، وملف أحداث عبرا في مدينة صيدا التي وقعت في شهر يونيو (حزيران) من عام 2013 بين الجيش ومناصري الشيخ الموقوف أحمد الأسير.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».