قوات الأسد انتزعت مطار الجراح من «داعش» وتتقدّم نحو مسكنة

النظام السوري يسعى لحجز موقع في «معركة دير الزور» بدعم روسي

قوات الأسد انتزعت مطار الجراح من «داعش» وتتقدّم نحو مسكنة
TT

قوات الأسد انتزعت مطار الجراح من «داعش» وتتقدّم نحو مسكنة

قوات الأسد انتزعت مطار الجراح من «داعش» وتتقدّم نحو مسكنة

سيطر النظام السوري أمس السبت، على مطار الجراح العسكري في ريف محافظة حلب الشرقي، بعد معارك استغرقت أكثر من ثلاثة أشهر مع تنظيم داعش، الذي خسر المطار قبل الأخير من مجموع القواعد العسكرية التي كان قد استولى عليها منذ عام 2014. وفي محاولة من النظام لاستثمار هذه الخطوة، بدأت عناصره التقدّم شرقاً باتجاه بلدة مسكنة، آخر معاقل التنظيم المتطرف في شرق محافظة حلب، محاولا بذلك السيطرة على مساحة جغرافية واسعة، وحَجْز موقع له في معركة دير الزور المقبلة.
وكالة الصحافة الفرنسية نقلت أمس عن مصدر عسكري تابع للنظام، قوله إن «الجيش السوري أنهى عملية السيطرة على مطار الجراح وعدد من القرى المحيطة»، مؤكدا أنه «سيتابع تقدمه في مناطق سيطرة التنظيم الإرهابي ولديه استراتيجية لتوسيع نقاط سيطرته في ريف حلب الشرقي». في حين أبلغ مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن الوكالة، إن قوات النظام «أحكمت سيطرتها السبت على مطار الجراح العسكري بعد معارك عنيفة مع التنظيم المتطرف». وأضاف أن الجزء الأكبر من عناصر التنظيم انسحبوا من داخل المطار، فيما تعمل قوات النظام حاليا على تمشيطه وتخوض اشتباكات محدودة مع بعض عناصر التنظيم المتبقين فيه.
وللعلم، كانت قوات النظام بدعم روسي جوي، قد شنت هجوماً في ريف محافظة حلب الشرقي، منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، بهدف توسيع نطاق سيطرتها في المنطقة، إلى أن وصلت إلى مشارف مطار الجراح في السابع من فبراير (شباط) لتبدأ معارك كرّ وفرّ تحت غطاء جوي كثيف تولت الطائرات الروسية معظمه. وينطوي هذا التطور على بعدين سياسي وعسكري. إذ رأى الخبير والباحث السوري أحمد أبا زيد، أن النظام «سيحاول استثمار ورقة السيطرة على المطار في المعارك المقبلة في شمال وشرق سوريا». وشرح أبا زيد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأولوية العسكرية لدى النظام الآن، هي السيطرة على محيط دمشق وتأمين العاصمة بشكل كامل، لكنه يحاول التقدم شرقاً وكسب أكبر مساحة ممكنة من الأرض، ليكون له موقع، سواء في معركة الرقة أو معركة دير الزور، التي يخطط لها الأميركيون، ولا يريدون شراكة النظام فيها». وتجدر الإشارة إلى أن مسكنة تقع على بعد 13 كلم شرق المطار، الذي استولى عليه مقاتلو «داعش» خلال شهر يناير 2014، بعدما سيطرت عليه الفصائل المعارضة بعد معارك مع قوات النظام خلال شهر فبراير 2013.
هذا، ولم يخف الباحث أحمد أبا زيد أن التطورات التي يشهدها شمال شرقي سوريا «تعبّر عن صراع بالواسطة بين الأميركيين والروس»، لكنه لفت إلى أن «التدخل الأميركي القوي في الطبقة والرقة على طريق التحضيرات المتسارعة لمعركة دير الزور، قطع الطريق على التمدد الإيراني باتجاه شرق سوريا، ومحاولات طهران وصل بغداد بدمشق». وأردف أن «واشنطن تنظر إلى نظام الأسد على أنه جزء من المشروع الإيراني في المنطقة، وهي تتصرف معه على هذا الأساس».
من ناحية أخرى، مع سيطرة قوات الأسد والميليشيات الموالية لها، على مطار الجراح، يخسر تنظيم داعش جميع المطارات العسكرية التي كان يسيطر عليها، باستثناء مطار الحمدان قرب مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية، إذ كان قد خسر مطار الطبقة العسكري الذي يبعد 50 كيلومتراً غرب مدينة الرقة بنهاية شهر مارس (آذار) الماضي، وذلك بعدما سيطرت عليه ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ذات الغلبية الكردية والمدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
ووفق تقارير إعلامية، فإن مقاتلي «داعش» كانوا خضعوا لتدريبات على ثلاث طائرات حربية كانت موجودة في مطار الجرّاح بعد سيطرتهم عليه. وأفادت بأن قوات النظام دمرت طائرتين من الطائرات الثلاث، وأصبحت الثالثة خارج الخدمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.