ليبيا: مخاوف من اندلاع حرب شوارع جديدة في طرابلس

تهديدات فرنسية وإيطالية للمسلحين... وحكومة السراج تتوعد ميليشيات الغويل

عنصر من «الجيش الوطني» أثناء السيطرة على منطقة بعد معارك مع مسلحي «داعش» (أ.ف.ب)
عنصر من «الجيش الوطني» أثناء السيطرة على منطقة بعد معارك مع مسلحي «داعش» (أ.ف.ب)
TT
20

ليبيا: مخاوف من اندلاع حرب شوارع جديدة في طرابلس

عنصر من «الجيش الوطني» أثناء السيطرة على منطقة بعد معارك مع مسلحي «داعش» (أ.ف.ب)
عنصر من «الجيش الوطني» أثناء السيطرة على منطقة بعد معارك مع مسلحي «داعش» (أ.ف.ب)

قالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الدول الغربية الداعمة لحكومة الوفاق الوطني، المدعومة من بعثة الأم المتحدة برئاسة فائز السراج في العاصمة طرابلس، وجهت تحذيرات خلال اليومين الماضيين، وعبر أجهزة اللاسلكي بالتدخل العسكري ضد الميليشيات المسلحة المناوئة للحكومة في حالة مهاجمتها مواقعها، أو الميليشيات التي تتولى حمايتها.
وقال متحدث باسم الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر لـ«الشرق الأوسط» إن حفتر يتابع عن كثب التطورات المتلاحقة في العاصمة طرابلس، محذرا الميليشيات المسلحة من مغبة القيام بأي عمل عسكري جديد. لكن نفس المصدر رفض الإفصاح عن نوايا الجيش، وإن كان سيتحرك باتجاه العاصمة طرابلس أم لا، مكتفيا بالقول: «نحن على مقربة من طرابلس، ولدينا قوات متأهبة، لكن لا يمكن الحديث عن الخطوة المقبلة».
وفي المقابل، توعد المجلس الرئاسي لحكومة السراج في بيان أصدره مساء أول من أمس، بالمتابعة القانونية لكل من يحاول زعزعة أمن واستقرار العاصمة طرابلس»، كما تعهد بأنه «سيواجه ألعابثين، ولن يتراجع عن مهمته في التمهيد للانتقال السلمي إلى دولة مدنية ديمقراطية، دولة المؤسسات والقانون»، مشددا على أنه «سيواجه ألعابثين بأمن العاصمة وكل من يحاول ترويع المواطنين بحزم، والمؤسسات الأمنية للدولة لن تتهاون في ردعهم وأداء واجبها في حماية المواطنين، ووقف كل الممارسات المارقة الخارجة على القانون».
ومن جهته، قال السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت عبر تغريدة له أمس في موقع «تويتر»، إنه «يتفق مع هذا البيان حول ضرورة تواصل الجهود الرامية للحفاظ على الأمن في طرابلس وليبيا ومنع تجدد أعمال العنف».
وكانت حكومة السراج ترد بهذا البيان على تهديدات أطلقها صلاح بادي، أبرز قادة ميليشيات «فجر ليبيا» التي غيرت اسمها لاحقا إلى «فخر ليبيا»، وتوعد خلالها بتحرير طرابلس في عملية عسكرية خاطفة لن تستغرق أكثر من 72 ساعة، على حد قوله.
وأوضح بادي على اللاسلكي لسكان العاصمة، أن كل الثوار من الشرق والغرب والجنوب سيشاركون في العمليات العسكرية، مضيفا: «ادعموا ثواركم، لا للذل لا للهوان، لا لحكم العسكر لا لحكم الفرد، لا لحكومة الخونة».
وتحدثت عملية «فخر ليبيا» عن تلقي الميليشيات المسلحة في طرابلس تهديدات رسمية من فرنسا وإيطاليا في حالة مهاجمة قواتها لمواقع أو ميليشيات موالية لحكومة السراج، وكشفت عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك» عن اجتماع موسع لقادة الثوار أول من أمس، مشيرة إلى أن الاجتماع عقد وسط ضغوطات دولية وتحذيرات إيطالية لغرفة العمليات وصلت حد التهديد باستهداف أي تحرك لقوات «فخر ليبيا» داخل العاصمة.
لكن العملية شددت على أنها لن تتراجع «وسوف يكون الرد في الميدان. فنحن لسنا كغيرنا ولم نستقو بالأجنبي، لكن نقول لكم السيف بينا وبينكم، وستكون حربا خاطفة ولن تستطيعوا إيقاف السيل»، على حد تعبيرها.
وبعدما أعلنت إطلاق عملية فخر ليبيا ضد من وصفتهم بالخونة في طرابلس، نشرت الصفحة قائمة بأسماء 17 من الميليشيات والكتائب المسلحة ستشارك في العملية المرتقبة تحت إمرة الحرس الوطني لحكومة الإنقاذ، التي يترأسها خليفة الغويل، وقالت إنها تطمئن جميع سكان العاصمة أن المستهدف هم الخونة والانقلابين ومن والأهم.
واندلعت اشتباكات قبل يومين بين ميليشيات موالية لحكومة الغويل وأخرى موالية لحكومة السراج في حي الهضبة بوسط طرابلس، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة. ووقع القتال على خلفية محاصرة ميليشيات مسلحة لمقر وزارة الخارجية الليبية بطرابلس، احتجاجا على تصريحات أدلى بها محمد سيالة وزير خارجية حكومة السراج، قال فيها إن المشير حفتر هو القائد العام للجيش الوطني الليبي.
وتسود مخاوف من اندلاع حرب شوارع جديدة في العاصمة طرابلس، على غرار ما جرى عام 2014. عندما نجحت ميليشيات متطرفة متحالفة مع مدينة مصراتة في غرب البلاد، من طرد ميليشيات الزنتان من العاصمة طرابلس، في معارك دامية أسفرت عن حرق المطار الدولي للمدينة ومقتل وإصابة المئات من الطرفين. وجاء هذا التوتر ليقلل من التفاؤل، الذي ساد عقب الاجتماع الذي نظمته الأسبوع الماضي الإمارات في أبوظبي، والذي جمع بين حفتر والسراج في لقاء هو الثاني من نوعه منذ تولى السراج مهام منصبه إثر اتفاق الصخيرات.
ويرفض مجلس النواب، الموجد بمدينة طبرق بأقصى الشرق والموالي لحفتر، حتى الآن الاعتراف بحكومة السراج أو مجلسها الرئاسي، على الرغم من الضغوط الإقليمية والدولية التي يتعرض لها. فيما تتصارع ثلاث حكومات على السلطة، منها اثنتان داخل العاصمة طرابلس، هما حكومتا الغويل والسراج في مقابل الحكومة الموالية لمجلس النواب برئاسة عبد الله الثني التي تتخذ من شرق البلاد مقرا لها، لكنها لم تعد تحظى بالاعتراف الدولي.



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT
20

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)
شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».