لبنان: قضية الطفيل إلى الحل... والمشنوق يعد بتأمين عودة العائلات المهجّرة

قرار بتعبيد الطريق الواصلة من بريتال وتركيز نقاط للجيش في المنطقة الحدودية مع سوريا

لبنان: قضية الطفيل إلى الحل... والمشنوق يعد بتأمين عودة العائلات المهجّرة
TT

لبنان: قضية الطفيل إلى الحل... والمشنوق يعد بتأمين عودة العائلات المهجّرة

لبنان: قضية الطفيل إلى الحل... والمشنوق يعد بتأمين عودة العائلات المهجّرة

بدأت قضية بلدة الطفيل الواقعة على الحدود اللبنانية - السورية تجد طريقها إلى الحل عبر تأمين عودة أبنائها إليها وتثبيت حضور الدولة بعد غياب عشرات السنوات. إذ بعد الخلاف بين وزير الداخلية نهاد المشنوق «وحزب الله» على خلفية إبلاغ الأخير الأهالي المهجرين منذ ثلاث سنوات أنهم باتوا قادرين على العودة إلى منازلهم، وأنه ينسق هذا الأمر مع القوى الأمنية - وهو الأمر الذي نفاه المشنوق -، وما نتج عنه من تأخير موعد العودة الذي كان مقررا الثلاثاء الماضي، ووعد المشنوق يوم أمس ببذل المزيد من المساعي للإشراف على العودة الآمنة بالتنسيق مع قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام».
مصادر المشنوق أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود تبذل بين مختلف الأجهزة لعودة أبناء الطفيل - وهم من المسلمين السنة - خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرة إلى أن الأهم اليوم هو «حضور الدولة في هذه البلدة اللبنانية عبر قيام كل جهة معنية بدورها اللازم وتركيز نقاط أمنية من شأنها طمأنة أهالي الطفيل». ومن جهة ثانية، عاد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله فبعث برسالة طمأنة إلى أهالي البلدة قائلا: «إذا كان وجودنا العسكري يشكل عائقا أمام عودتكم فاليوم أقول لكم إن وجودنا انتهى ويمكن العودة للجميع».
كانت بلدة الطفيل في عام 2014 قد فرغت من أبنائها إثر المعارك التي اندلعت بين «حزب الله» والفصائل المعارضة، ومن ثم دخول الحزب إليها، بحيث سجّل خروج منها مئات العائلات السورية واللبنانية التي تعيش فيها منذ عشرات السنين، لكن بعض العائلات ممن يقدر عددها بـ12 عائلة، قرّروا البقاء في منازلهم. وأعلن وزير الداخلية أنّه يولي كلّ اهتمامه ملفّ بلدة الطفيل وعودة أهاليها إلى منازلهم وأراضيهم، لكن من دون أن ينفي خلال استقباله وفد أهالي البلدة، أنّ «الحكومتين السابقة والحالية قصّرتا في قضيتهم»، واعدا «ببذل المزيد من المساعي للإشراف على عودة آمنة ومستقرّة وتأمين مستلزمات الحياة الكريمة» بحسب ما جاء في بيان له.
وبعدما استمع الوزير منهم إلى عرض للظروف الصعبة التي يعيشونها ومطالبهم بالإسراع في توفير شروط العودة، وأهمّها حضور الدولة عبر الأجهزة الأمنية، أبلغهم أنّه بحث هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وأنّه سيرفع مطالبهم إلى رئيس الحكومة سعد الحريري، إضافة إلى بقائه على تواصل دائم مع قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام لاتّخاذ كلّ الإجراءات العملية لتأمين العودة المستقرة.
كذلك، كانت قضية الطفيل إلى جانب مواضيع أخرى محور الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي الذي ترأسه المشنوق أمس، وأعلن بحسب بيان صادر عن الاجتماع عن «اتخاذ بعض القرارات التي يتولّى كلّ جهاز عسكري وأمني تنفيذها من جهته، على أن تظهر نتائجها خلال أيام وعلى أن يراعى الوضع الأمني للطريق المؤدية إلى البلدة وتأمين انتقال الأهالي والسكان منها وإليها، وكذلك تأمين الوسائل اللوجيستية تلبية لاحتياجات الأهالي من القرى المجاورة لها».
علي الشوم، مختار بلدة الطفيل، قال بعد لقاء وزير الداخلية: أكّد لنا الوزير أنه يتابع الموضوع بكل اهتمام، مشيرا إلى حصول الأهالي على وعد منه بتعبيد الطريق وعودتهم بمواكبة أمنية من قيادة الجيش ومن قوى الأمن الداخلي والأمن العام، خلال أيام». ومن جهته، أشار مفتي بعلبك - الهرمل السابق (عن السنة) الشيخ بكر الرفاعي، الذي يتابع قضية أهالي الطفيل، إلى «أن الأمور تتجه إلى خواتيمها الإيجابية بعد تعثّرها لأيام، على أن تأخذ الدولة دورها بشكل تدريجي في هذه البلدة». وأوضح الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه «أن عودة الأهالي باتت قريبة ونحن بانتظار الإشارة من الجيش اللبناني». ونقل عن مصدر أمني قوله إن «نقاطا للجيش اللبناني سيتم تركيزها في المنطقة الممتدة بين جرد بريتال وجرد الطفيل لتأمين إمكانية ذهاب وعودة الأهالي الآمنة إلى لبنان، بالإضافة إلى تعبيد الطريق عبر بريتال باتجاه لبنان بعدما كانوا يسلكون طريقا ترابية».
وشدّد الرفاعي على نقطة مهمة وهي أن الأمن العام اللبناني قام قبل ثلاث سنوات عندما نقلت منظمات وجمعيات مساعدات إلى أهالي الطفيل المحاصرين، بختم جوازات سفر اللبنانيين، واعتبار أنهم غادروا لبنان باتجاه سوريا، رغم أن الدولة اللبنانية تؤكد على هوية الطفيل اللبنانية، متمنيا أن يتم تدارك هذا الأمر وعدم تكرار الخطأ مرة ثانية.
وبعدما رفض الأهالي إعطاء أسماء الراغبين بالعودة إلى «حزب الله»، بحسب ما قال أحد أبناء الطفيل لـ«الشرق الأوسط»، أكّد المفتي الرفاعي أن الأسماء باتت في عهدة الجيش اللبناني في المنطقة، لافتا إلى أن هناك نحو مائة عائلة لبنانية و50 عائلة سورية قرّرت العودة بعدما كانت قد تهجّرت من بلدتها قبل ثلاث سنوات. ورغم تأكيد أهالي الطفيل على أهمية الخطوة التي قام بها المشنوق وإعلانه أن الدولة اللبنانية ستأخذ دورها في البلدة، هم لا ينفون، بحسب أحد أبناء البلدة، أهمية التنسيق في هذه المرحلة بالتحديد، مع «حزب الله»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك واقع وعلينا الاعتراف به، وهو أن (حزب الله) قادر على حماية مرورنا عبر بريتال وبقائنا وسلامتنا في أرضنا ومنع تعرّض النظام السوري لنا بعد عودتنا»، من هنا يضيف «ما يهمّنا هو أن نعود إلى منازلنا بعدما شرّدنا من منازلنا واحتلّها الغرباء».
الطفيل تقع في أقصى جرود سلسلة لبنان الشرقية، وتحدها من الشرق بلدتا عسال الورد وحوش عرب في سوريا، وعلى مسافة نحو ثلاثة كيلومترات من الغرب حام، ومن الشمال معربون وبريتال اللبنانية التي تبعد 25 كيلومترا، ومن الجنوب رنكوس السورية على مسافة خمسة كيلومترات. وتظهر الطّفيل بشكل واضح في خريطة لبنان على شكل «إصبع»، تقع في قضاء بعلبك، في البقاع. وكانت قد وقعت خلافات بشأنها بين لبنان وسوريا قبل أن يعاد ضمّها رسميا إلى لبنان عام 1925. لكن ورغم ذلك بقيت البلدة تعاني من إهمال الدولة اللبنانية ويعيش أبناؤها «حياة سورية» أكثر منها «لبنانية» نظرا إلى سهولة الخروج والدخول منها وإليها.
وفي شهر أبريل (نيسان) من عام 2014 دخلت أجهزة الدولة اللبنانية للمرّة الأولى، منذ الاستقلال، إلى الطفيل، حين أدخلت المساعدات إلى العائلات بعد شهر من الحصار المزدوج على الجهتين، من سوريا حيث سيطرة الجيش السوري ومن البقاع، حيث المناطق المحسوبة على «حزب الله» ولا سيما بريتال التي كانت المنفذ الوحيد للطفيل إلى الأراضي اللبنانية عبر طريق ترابية، لتكتمل بعد ذلك وعلى مراحل فصول التهجير إثر اشتداد المعارك في المنطقة بين «حزب الله» والنظام السوري من جهة والفصائل المعارضة من جهة أخرى، وصولا إلى سيطرة الحزب والنظام على القلمون والمناطق المحيطة بالطفيل، وتحديدا درة وسبنا وسهل رنكوس التي خضعت لما بات يعرف بـ«المصالحات» القسرية ونتج عنها خروج مقاتلي المعارضة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».