شاشة الناقد

مشهد من فيلم  «حراس المجرة- 2»
مشهد من فيلم «حراس المجرة- 2»
TT

شاشة الناقد

مشهد من فيلم  «حراس المجرة- 2»
مشهد من فيلم «حراس المجرة- 2»

الفيلم: ‫Guardians of the Galaxy Vol. 2‬
إخراج: جيمس غَـن
مغامرات فضائية | الولايات المتحدة
تقييم: (2*)
في البداية، يوهم الممثل كيرت راسل، لاعباً شخصية رجل غامض أسمه إيغو يملك كوكباً بأسره اسمه - أيضاً - إيغو، بأنه والد الفضائي المغوار بيتر (كريس برات). يخبره بأنه من شدّة حبه لزوجته، أم بيتر، زارها ثلاث مرات في حياته، وكاد أن يزورها مرّة رابعة قاطعاً المسافة من كوكبه البعيد إلى الأرض لولا المشكلات التي شغلته.
بعد حين يتبدّى لبيتر أن إيغو كان يضحك عليه، وأن والده الحقيقي ربما كان يوندو (مايكل روكر). بطبيعة الحال، يفاجأ بيتر بذلك. تكاد تسمعه يقول، وبلهجة الأفلام المصرية: «أنا عاوز أفهم بس… هوا أنا ابن مين فيهم بالضبط؟». لكنه ليس الوحيد القابع في اللامعرفة. بل كذلك المشاهدون الذين توقعوا، غالباً، أن يشعروا بشيء من التشويق والاهتمام بهذا الاكتشاف، لكن المسألة، وربما مفهوم الفيلم بأسره، مر من فوق رؤوسهم بأسرع من سحابة صيف.
«حراس المجرة - 2» يطرح نفسه بصفته فيلم مغامرات فضائية تدور في الكواكب البعيدة وتنضوي على ملكة فوق كوكب بعيد يطارد أبطال الفيلم لسرقتهم شرائح وكابلات. ربما كانت كابلات من ذهب، لكن السارق هو ثعلب ناطق (صوت برادلي كوبر) يكرر رفضه وصفه بالثعلب. لكن هذا بدوره لا يهم. يفرض ابتسامة في المرّة الأولى، ثم يتكرر بلا داع فعلي فيما بعد. كذلك، لا يهم ولا يثير الاهتمام أن شخصيات الفيلم تتحدث مطوّلاً عما ستقوم به ثم تصفه بعد القيام به.
صحيح أن الكثير من الحوارات هي من تلك المستخدمة في المقدمات الدعائية: تتألف من نصف سطر، وأحياناً من كلمة واحدة ومبتورة، إلا أن باقي ما يرد في هذا الفيلم من حوار ضعيف وفي أحيان كثيرة لا علاقة له بما يدور أو يجب أن يدور. ثم إن المشاهد فضفاضة بما فيها، واللكنة الكوميدية الفاشلة تحبط مساعيها حتى نصف الساعة الأخيرة عندما يشمّـر الفيلم عن ساعديه ويقول إن الوقت حان للعمل.
الحبكة متعددة الرؤوس، لكن ما يشغل معظم الوقت هو إيهام إيغو من اتخذه ابنه بأنه بنى عالمه الخاص. وهو لا يود امتلاك كوكب إيغو فقط، بل يسعى لإنشاء منظومة من الكواكب المختلفة التي يستطيع أن يتخيلها منذ الآن وهي تطير بقدرته الخارقة. للتأكيد نرى كواكب وشموس إلكترونية فيما يشبه المسرح العائم.
ذكرني هذا المشهد بمشهد لتشارلي تشابلن في «الديكتاتور العظيم» عندما يرفع الديكتاتور (الذي يرمز لهتلر) بالوناً يمثل الأرض ويتغنى بالسيطرة عليها. الغايتان في الفيلمين متشابهتان، لكن هذا لا يعني أن «حراس المجرة 2» الذي تكلف 200 مليون دولار لصنع خزعبلاته، أفضل من فيلم تشابلن الذي لم تزد تكلفته حينها عن 2 مليون دولار.
المعارك النهائية، بين ثلاثة معسكرات، تعزز حجة الفيلم بعض الشيء، وتمنحه قدراً من القيمة الترفيهية، كذلك تفعل الأغاني المختارة لمواكبة الأحداث حتى ليعتقد المرء أن المخرج ربما كان يريد بث رسالة من الكوكب الذي يعيش فيه إلى هوليوود مفادها أنه يستطيع أن يحقق «لا لا لاند 2».

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.