تستنفر فصائل المعارضة السورية في الشمال السوري منذ نحو 48 ساعة وأبرزها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) و«حركة أحرار الشام» و«جيش الإسلام» خوفا من اندلاع قتال داخلي فيما بينها على خلفية «اتفاق آستانة» الأخير، الذي قضى بإنشاء «مناطق تخفيف التصعيد» وبتوجيه الجهود لقتال تنظيم داعش و«النصرة». ووصفت «الهيئة» الاتفاق الموقع في عاصمة كازاخستان بأنه «خيانة ومؤامرة»، وأصدرت فتوى بقتال أي قوة عسكرية تقدم على محاولة دخول محافظة إدلب، في إشارة إلى الحديث الذي يدور حول إمكانية دخول قوات تركية إلى المحافظة.
«الهيئة» اعتبرت في بيان لها أن «الموافقة على اتفاقية آستانة خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وللدماء التي سفكت في سبيل تحرّر المسلمين في الشام...»، مضيفة أن الاتفاقية هي «تسليم البلاد والعباد للمحتلين الكفار». كما نبّهت من أن الاتفاق «مؤامرة تبغي وأد الجهاد والثورة في الشام...».
وسبّقت «الهيئة» بيانها هذا بتنفيذ استنفار عسكري في مناطق سيطرتها في الشمال السوري. وتحدثت مواقع المعارضة السورية عن حشد «النصرة» قواتها في ريف محافظة إدلب الشمالي وريف محافظة حلب الغربي، لافتة إلى أن «شاحنات وحافلات عسكرية تجمعت بالقرب من بلدة سرمدا في ريف إدلب الشمالي، وقرب منطقة دارة عزة في ريف حلب الغربي، فيما بدا أنه استعداد لعمل عسكري».
وبينما رجّحت مصادر تحدثت إليها هذه المواقع وجود نية لدى «الهيئة» بـ«الهجوم على فصائل شاركت في اجتماعات آستانة التي أقرت مناطق «تخفيف توتر» في سوريا، بما فيها «جيش الإسلام» و«فيلق الشام»، قال مصدر قيادي في «جيش الإسلام» لـ«الشرق الأوسط» إن منطقة الشمال السوري تشهد استنفارا متبادلا إن كان من قبل «الهيئة» أو باقي فصائل المعارضة ترقبا لأي هجمات قد يكون أي طرف يخطط لها للانقضاء على باقي الأفرقاء. وشدد المصدر على أن الفصائل التي شاركت في اجتماع آستانة الأخير لم توقع على أي اتفاق، ولم توافق على أي قرار بقتال «النصرة» إن كان في الغوطة الشرقية أو الشمال السوري.
ومن ثم، رجّح المصدر أن تكون «النصرة» تسعى من خلال البيان، ثم الفتوى التي أصدرتها مؤخرا «إعلاء نبرتها وحث الدول الإقليمية للالتفات إلى مطالبها»، مستبعدا أن تكون تخطط لهجوم على فصائل المعارضة. وأضاف: «الهيئة (أي النصرة) تنفذ وبشكل مفضوح أجندة دولية تسعى لصبغ الثورة بالإرهاب. ونحن نعي تماماً أن الهيئة، التي لا تنفك ليل نهار تنتقد اجتماعات آستانة، لن تتردد بالمشاركة فيها لو كانت هي على رأس الوفد المعارض». هذا، ونصت اتفاقية آستانة الأخيرة التي وقعتها موسكو وأنقرة وطهران على وجود أربع مناطق تشهد «تخفيف التصعيد» في سوريا، تشمل محافظة إدلب وأجزاء من محافظة اللاذقية، وريف محافظة حمص الشمالي، والغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق. كما نصت على توجيه الجهود لقتال تنظيم داعش و«هيئة تحرير الشام». وتحفّظت فصائل المعارضة عن الاتفاقية، ورفضت أن تلعب طهران أي دورٍ ضامن فيها.
ومن جانبه، رد المعارض والباحث السوري أحمد أبازيد استنفار «الهيئة» في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الشمال لـ«تردد أنباء عن نية تركية بالدخول إلى إدلب، ولقد أبلغت أنقرة فعلا، بحسب معلوماتنا، بعض الفصائل بنيتها هذه». ولفت أبازيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «حشود الهيئة تتمركز حاليا وبشكل رئيسي في المنطقة الحدودية مع تركيا وفي منطقة الشيخ بركات في ريف حلب الغربي لتحسين شروط التفاوض مع أنقرة في حال اتخذت قرارا نهائيا بشن العملية العسكرية عليها في إدلب». وأضاف أن «بيان (الهيئة) الأخير إعلان حرب على الفصائل التي ستدخل من الحدود التركية، لكن اللافت أنه لم يذكر الجيش التركي ما يوحي بإمكانية قبولها بشكل من الاتفاق في وقت لاحق».
في المقابل، استبعد الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج حصول أي عملية عسكرية ضد «هيئة تحرير الشام» من قبل المعارضة بدعم تركي أو من دونه، وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «شعور الهيئة بخطر محدق عليها ناتج عن اتفاق آستانة الأخير الذي يعزلها ويستفرد فيها، فجعلها تتخذ أخيرا وضعاً دفاعياً». وأردف أن «الفتوى التي أصدرتها أخيرا فتوى دفاعية غير هجومية باعتبار أن أولويتها الحالية المحافظة على مناطق انتشارها وليس توسيع مناطق سيطرتها».
استنفار في الشمال السوري مع تلميح «النصرة» للدفاع عن إدلب
«جيش الإسلام» يؤكد أنّه لم يوافق في آستانة على قرار بتصفية «الهيئة»
استنفار في الشمال السوري مع تلميح «النصرة» للدفاع عن إدلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة