واشنطن تدرس إمكانية عقد قمة بين نتنياهو وأبو مازن وترمب

بهدف إطلاق مسيرة لتسوية الصراع بين الجانبين

واشنطن تدرس إمكانية عقد قمة بين نتنياهو وأبو مازن وترمب
TT

واشنطن تدرس إمكانية عقد قمة بين نتنياهو وأبو مازن وترمب

واشنطن تدرس إمكانية عقد قمة بين نتنياهو وأبو مازن وترمب

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب ورام الله، أمس، أن مساعدي الرئيس الأميركي دونالد ترمب باشروا فحص مبادرة لجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في لقاء ثلاثي معه، على أن يتم اللقاء خلال أسابيع من أجل إطلاق مسيرة تسوية للصراع.
وقالت هذه المصادر إن الرئيس الفلسطيني أعطى موافقته على لقاء كهذا، لكن نتنياهو لم يتجاوب معه بعد. وفي خطوة لإحراج الرئيس نتنياهو، سارع الرئيس الفلسطيني إلى التلميح للمبادرة خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع الرئيس الألماني فرانك وولتر شتاينماير، الذي زاره أول من أمس في رام الله، وذلك عندما قال: «أتوقع لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي سيصل لزيارة بيت لحم بعد زيارته إلى إسرائيل».
ومن الدلائل على وجود مبادرة كهذه رد فعل اليمين في حزب الليكود الحاكم، وكذلك في اليمين الاستيطاني في إسرائيل، حيث صرح زلمان شوفال، الدبلوماسي المقرب من نتنياهو، بأن «ترمب يريد أن يبقي التاريخ في الماضي، وكتابة سيناريو جديد، وعلينا أن نمدحه على نيته هذه، لكنه يجب أن يعلم أن السيناريو الحقيقي يُكتب على يد سياسة الرفض الفلسطينية. فالسلام بين اليهود والعرب ليس خرافة، ولا معادلات دبلوماسية، بل هو بداية هدم جدار العدائية لدى الفلسطينيين الذين لا يريدون تقبل حق الشعب اليهودي في دولة قومية، ولا يوافقون على إيجاد حلول وسط في القضايا الأساسية للصراع. ومع ذلك، ليست إسرائيل هي التي ستبرز في إفشال إمكانيات ترمب بالنجاح».
وأضاف شوفال موضحاً: «علينا أن نفترض أن الزمن سيقوم بواجبه، وأن ترمب سيصل عاجلاً أم آجلاً إلى الاستنتاج العملي بأن الحل هو التركيز على محاولات تعزيز اتفاقيات جزئية ومؤقتة، بدلاً من الحلول الكاملة والنهائية».
وكتب أحد زعماء المستوطنين في منطقة الخليل رسالة مفتوحة إلى ترمب، تحت عنوان: «القدس ليست منهاتن - لا مكان لصفقة يا فخامة الرئيس»، جاء فيها أنه «من غير الصحيح أن ينظر ترمب إلى تسوية الصراع في صفقة. وهناك إخفاق أساسي في التشبيه بين صفقة تجارية والصراع السياسي - الإقليمي. ففي الصفقة التجارية، يشتري المعني بضاعة ولا شيء غير ذلك، والبائع يدفع بالمال ليس إلا. أما الصفقة السياسية، فهناك آثار تتجاوز ذلك».
وتابع زعيم المستوطنين في منطقة الخليل، موضحاً: «هكذا الفلسطينيون أيضاً... لا يخفون حلمهم بوضع حد لدولة إسرائيل، فهي (الكيان الصهيوني)، ومن يسلمهم جبال يهودا والسامرة وهو يعرف ذلك فإنه يوقع صفقة على موته. ترمب هو الآخر يفهم هذا جيداً، ولهذا انتقد سلفه أوباما بشدة على نهجه التبسيطي - الاستفزازي تجاه الإيرانيين (...) ليس كل شيء بضاعة في السوق، وليس حكم العقارات في منهاتن كحكم أرض القدس: لا صفقة سيدي الرئيس. والقدس هي فقط خلاصة جوهر (البلاد المقدسة) كلها، وكل من حاول الاتجار بها أحرق أصابعه».
وفي ضوء هذا الموقف من اليمين، ينوي اليسار الإسرائيلي الخروج بحملة لتشجيع ترمب على جهوده. ويجري الاستعداد لتنظيم مظاهرة كبرى في ميدان رابين بتل أبيب، تحت عنوان: «دولتان - أمل واحد»، مساء السبت 27 مايو (أيار) الحالي، وذلك بعد بضعة أيام من الزيارة الرئاسية، وستنظمها حركة «السلام الآن» بتعاون مع حزب العمل وميرتس، ومنظمتي «مبادرة جنيف» و«نقف معاً» وغيرهما.
وحسب بعض المنظمين، فإن هذا هو الحدث المركزي والأهم الذي يعقده معسكر السلام لإحياء «50 سنة على الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية في المناطق»، على حد قولهم.
أما على الصعيد الرسمي، وعلى الرغم من تبقي 10 أيام على موعد زيارة ترمب، فإن الفرق الأمنية المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة أعدت خططاً بهدف تنفيذها بعناية كبيرة لتأمين حماية الرئيس الأميركي.
وفي هذا السياق، قال أحد المسؤولين الإسرائيليين، أمس، إن «مهمة الفريق تفقد كل صغيرة وكبيرة، بدءاً من فناجين القهوة وكؤوس المياه، مروراً بالطعام والغرف والأماكن التي سيمكث فيها ترمب»، مشيراً إلى أن الفرق ستعمل على إخلاء فندق «كينغ ديفيد» في القدس الغربية، رغم الحجوزات السابقة لبعض النزلاء، فيما قال أحد مسؤولي الفندق: «نحن أمام مهمة ليست سهلة».
وبالإضافة إلى ذلك، هناك استعدادات أخرى تجري في مطار بن غوريون، وقد وصل أمس فريق أميركي، واجتمع مع مدراء مطار تل أبيب وجهاز الخدمة السرية ومسؤولي السفارة الأميركية في تل أبيب، لتنسيق كل خطوة بخطوتها للرئيس الأميركي، وتأمين زيارته بشكل دقيق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».