عباس يعاقب حماس بإعفاء مواطني غزة من الضرائب

مراقبون يرون أن القرار لن يطبق وسكان القطاع يخشون دفع ثمن الصراع

عباس يعاقب حماس بإعفاء مواطني غزة من الضرائب
TT

عباس يعاقب حماس بإعفاء مواطني غزة من الضرائب

عباس يعاقب حماس بإعفاء مواطني غزة من الضرائب

أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، قراراً يقضي بإعفاء كل المواطنين في قطاع غزة، من رسوم الخدمات التي تقدمها وزارات ومؤسسات وهيئات فلسطينية رسمية تتبع للسلطة بما فيها رسوم الخدمات لأول مرة بشكل كامل، وهو قرار إضافي ضمن سلسلة قرارات بدأ عباس باتخاذها ضد حماس. وبحسب القرار الصادر عن الرئاسة الفلسطينية، فإن القانون يعفي جميع مكلفي الضرائب في قطاع غزة إعفاءً كاملاً من ضريبة القيمة المضافة على الأنشطة المحلية. واستثنى القرار بقانون في المادة 3 منه ضريبة الدخل على الشركات والأفراد وعمليات الاستيراد على البضائع الواردة من الخارج وعمليات الشراء بموجب المقاصة والبيع بموجب فواتير المقاصة، بما يشمل الاستثناء أيضاً ضريبة الأملاك ورخص المهن. ويأتي القرار بعد يوم من تهديد عباس بالمضي في «خطوات مؤلمة» لإجبار حماس على إنهاء الانقسام وتسليم قطاع غزة، حيث كانت أولى الخطوات فرض خصومات مالية على رواتب موظفي السلطة بغزة والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء الخاصة بالقطاع.
وفي معرض رده على قرار الرئاسة، قال مسؤول قطاع المالية في اللجنة الإدارية العليا لحماس بغزة، يوسف الكيالي، إن القرار «لن يطبق إطلاقاً، لعدم مصادقة المجلس التشريعي على المرسوم».
وأضاف، في تصريح صحافي: «من الناحية القانونية، القرارات الرئاسية لا تعتبر نافذة إلا بعد المصادقة عليها من المجلس التشريعي، ومرسوم الرئيس الخاص بإعفاء أهل غزة من الضرائب لن يدخل حيز التنفيذ لأن المجلس التشريعي لم يصادق عليه».
وتابع: «لا يمكن أن نتعامل مع تلك القرارات إلا بعد المصادقة عليها من المجلس التشريعي، وما دام المجلس التشريعي لم يصادق عليها، فهي منعدمة للشرعية».
واعتبر أن تلك القرارات تأتي في إطار المناكفة السياسية، ولحرمان قطاع غزة من أي مصدر من مصادر التمويل اللازمة للوزارات التي تخدم المواطنين.
وأضاف: «مستمرون في أعمالنا، وخدمة أبناء شعبنا، ولن نتعامل مع تلك القرارات حتى تكون مكتملة دستورياً وقانونياً».
ورفضت حماس سابقاً طلب عباس تسليم غزة، وقالت إنها ستواجه إجراءاته. ويخشى سكان القطاع أن يدفعوا ثمناً أكبر للصراع بين حماس وعباس. وما زال موظفو السلطة الفلسطينية بغزة ينتظرون منذ يوم الخميس الماضي صرف رواتبهم أسوة بالموظفين في الضفة الغربية الذين صرفت رواتبهم بشكل اعتيادي، وهو ما أثر سلباً على حركة الأسواق التي تشهد ركوداً اقتصادياً غير اعتيادي.
وقال الموظف تيسير الجمال لـ«الشرق الأوسط»: «لم نعد نعرف ماذا يجري ولم نفهم ماذا يدور، منذ أيام ننتظر أن تصرف رواتبنا دون جدوى»، مشيراً إلى تدهور الأوضاع الحياتية لدى الموظفين وتأثر مئات الآلاف من العوائل الفلسطينية في غزة بذلك.
وبحسب الجمال، فإن البنوك أبلغتهم بنزول الرواتب ثم سحبها لأسباب لم تعرف، مضيفاً: «الكل يتكهن، الحديث يدور عن خصومات جديدة على الرواتب وخلافات بين البنوك وسلطة النقد حول الخصومات المتعلقة بالقروض التي تم سحبها من قبل الموظفين». وتابع: «نحن ندفع الثمن فقط». وأضاف القرار الجديد مزيداً من الحيرة لدى الغزيين. وقال أحمد بصل لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعرف كيف سيمر القرار الجديد... أعتقد لن يكون له أي قيمة لأن حركة حماس التي تسيطر على القطاع لن تسمح بتمرير أي قرارات للرئيس محمود عباس».
وأضاف: «المواطن لن يكون مجبراً للوقوف في وجه أي جهة ويتحمل عواقب ذلك وحده». وتابع: «نحن المتضررين الوحيدين من حالة التجاذب القائمة حالياً، وهو الذي يدفع الثمن باهظاً». وأردف: «نحن لا نتطلع إلا إلى حل أزماتنا نريد تأمين حياة كريمة لنا». ويؤكد مراقبون ومختصون اقتصاديون أن القرار الجديد الصادر عن الرئاسة الفلسطينية لن يكون له أي تأثير على واقع الأرض، ولن يكون له أي أهمية في ظل أن حركة حماس ما زالت تبسط سيطرتها على القطاع والمؤسسات والوزارات المختلفة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.