الشيف فيكرام أوديغيري يمزج المطبخ الفرنسي بالهندي

اعترف أن النساء لديهن القدرة على السيطرة التامة في المطبخ... ويعشق الفول المصري

الشيف الهندي العالمي فيكرام أوديغيري
الشيف الهندي العالمي فيكرام أوديغيري
TT

الشيف فيكرام أوديغيري يمزج المطبخ الفرنسي بالهندي

الشيف الهندي العالمي فيكرام أوديغيري
الشيف الهندي العالمي فيكرام أوديغيري

أن «تتقن ما تعمل» شعار يطبقه كثير من الطهاة ولكن الشيف الهندي الشهير فيكرام أوديغيري بلغ عشقه للطعام وفن الطهي مداه حتى إن شغفه بالطعام جعله يتعمق في تفاصيل تحضير وتصنيع الأغذية، وهو يعتقد أن فن الطهي مرتبط بالفنون والثقافة الخاصة بكل دولة ويعتبر سفيرا لها.
التقته «الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في فعاليات مهرجان «الهند على ضفاف النيل» الذي يقام سنويا في مصر منذ خمس سنوات، لم تكن هذه هي الزيارة الأولى للشيف الهندي الشاب بل هي الزيارة الرابعة. يتنقل أوديغيري بحيوية ما بين المطبخ مع نظرائه المصريين وقاعة الطعام في مطعم «نايت آند داي» بفندق سميراميس إنتركونتننتال بالقاهرة، متحدثا إلى زبائنه من المصريين محبي الطعام الهندي مجيبا عن استفساراتهم حول المكونات وأسماء الأطباق.
يمتلك الشيف فيكرام أوديغيري (34 سنة) سيرة ملهمة حقا. بدأ حياته المهنية مبكرا، فقد كان شغفه بالطعام مسيطرا عليه منذ نعومة أظافره حيث كان يعد وجباته بنفسه وحتى الوجبات التي كان يأخذها معه للمدرسة، في المرحلة الجامعية اختار دراسة الفندقة واكتشف عالم الطهي والمطابخ العالمية، ظل حائرا في اختيار المطبخ الذي يتخصص فيه، «أعتبر بدايتي الحقيقة كشيف كانت في فرنسا؛ حيث عملت مع الشيف Desnave Barnard في مدينة (ليل) شمال فرنسا في مطعم حاصل على نجمة ميشلان، وتعلمت أصول الطهي الفرنسي ثم عدت إلى الهند وافتتحت مطعما خاصا بي مزجت فيه بين المطبخ الهندي والفرنسي ولكن بهوية هندية تماما». وعن أفضل ما في المطبخ الفرنسي قال: «جميع المكونات والمقادير التي تستخدم في أساليب الطهي الفرنسية طبيعية فلا يستخدم الطعام المصنع وجميعها أورغانيك بعكس المطبخ الأميركي».
ينتمي أوديغيري لمدينة بنغالور وهي عاصمة ولاية كارناتاكا وتعد ثالث أكبر مدينة هندية، لكنه يعشق السفر والترحال حول العالم «سافرت إلى 20 دولة حول العالم تعلمت خلالها كثيرا، تعلمت أنه يجب الاعتماد على المكونات المحلية والمكونات الضرورية، لأن المكونات الجيدة هي سر الأطباق الجيدة. وهي السبب الرئيسي لكي يخرج المكون النهائي في أبهى صورة».
ويعتبر أوديغيري أن تعلم أصول الطهي الخاصة بالمطبخ الفرنسي أو غيره من المطابخ لا يقتصر فقط على تعلم أصول الطهي كما هي بالكتب، ولكن «بالانغماس في ثقافة تلك البلاد وتعلم لغتها وفهم موروثاتها الثقافية والشعبية، وهذا ما يجعل الشيف قادرا على اللعب بالمكونات ونقل المذاق الخاص بكل مطبخ حول العالم» ويقول: «لا أحب تطبيق الوصفات كما يقول الكتاب ولكن أضيف إليها لمساتي الخاصة وعلى كل شيف يريد التميز أن يفعل ذلك».
المطبخ الهندي معروف باعتماده على التوابل، لذا سألته عن أهم التوابل المفضلة لديه، التي لا يستغني عنها في مطبخه، فقال: «الكزبرة والكمون والمستردة والفلفل الهندي والملح، كما أنني خلطها معا لعمل الكاري».
يقدم فيكرام أوديغيري عبر مدونته على الإنترنت وصفات كثيرة من المطبخ الهندي سواء من الأطباق الرئيسية أو الوجبات الخفيفة أو الحلويات، وعن طبقه الهندي المفضل، فقال: «لامب شوبس» أو كما يعرف في الهند «لامب باليرام».
خلال حديثنا كان لا بد أن أسأله عن رأيه في المطبخ المصري خاصة بعد أربعة أعوام من الزيارة السنوية لمصر، وعن إقبال المصريين المتزايد على الطعام الهندي، يعتقد أوديغيري أن «الشعب المصري أصبح أكثر إقبالا على الأطباق الهندية ومتذوقا لها وهذا بفضل السفارة الهندية في القاهرة التي قربت الثقافة الهندية والمطبخ الهندي للشعب المصري» ويضيف: «وجدت تقاربا كبيرا بين المطبخين الهندي والمصري، أعتقد لأن التجار القدامى في ترحالهم من وإلى الشرق الأوسط جلبوا بعض الوصفات مما خلق تشابها في بعض الأطباق، فمثلا الكشري يشبه كثيرا البرياني».
وعن أفضل الأطباق المصرية المحببة إليه، قال: «أعشق طبق الفول المصري وأحرص على تناوله يوميا على الإفطار، في مدينتي الهندية افتُتح مؤخرا مطعم مصري واحد وسوف أحرص على تجربته قريبا» وعن المطابخ العربية وما إذا كان جربها، قال: «سافرت إلى الخليج العربي عدة مرات وأحب الطعام الخليجي وخاصة الطعام الحار المذاق».
يرى الشيف أوديغيري أن صيحات الطعام وما يسمى الأكل الصحي تتغير دائما وهو يرى أن «ما عدا الأشخاص الذين يعانون من حساسيات معينة فإنه يجب علينا فقط أن نحرص على تناول الطعام بشكل متوازن».
ضحك الشيف أوديغيري عندما سألته السؤال الذي دوما ما يطرح عليه؛ لو لم تكن شيفا فماذا كنت ستعمل؟ وقال: «كنت سأصبح مزارعا... وبالفعل لدي شركة تعمل على تجهيز المطاعم والفنادق وصناعة الأغذية، كما أنني أملك مزرعة حيث أعشق الزراعة، وأحرص أن أزرع كل طعامي from farm to fork».
يعترف أوديغيري بأن مهنة الشيف من أصعب المهن لكنه فخورا بها ويقول: «أنا محظوظ كثيرا لأن أسرتي تدعمني وخاصة زوجتي التي تشجعني على السفر والترحال وتعلم المزيد كل يوم» وعن أبرز الصعوبات التي يقابلها: «في كل مجال عمل هنالك وقت دائما لإصلاح أي خطأ لكن في مجال الطهي لا يمكنك ذلك، فضلا عن أن هناك كثيرا من الفوضى والضوضاء في المطبخ، يجب أن نعمل سريعا وبأسرع ما يمكننا ونعمل طوال الوقت تحت ضغط».
ورغم ذلك وجدت الشيف أوديغيري يبدو أثناء متابعته للطعام الذي يعد لضيوف مهرجان الهند على ضفاف النيل هادئا ومستمتعا بل لا تكاد تمر دقائق حتى يذهب للموقد ويقلب الأطعمة، وعن طقوسه أثناء الطهي، قال: «لا أمانع سماع الموسيقى أثناء تحضير الطعام لزوجتي». وبزهو شديد قال: «أنا سيد المطبخ في منزلي».
ينصح أوديغيري الذي بات أحد أشهر الطهاة في الهند ويمثلها في مهرجانات دولية كثيرة رغم حداثة سنه، قائلا: «اعمل بجهد وتحل بالصبر وكن ذكيا؛ لأنك سوف تتعلم الكثير والكثير طوال مسيرتك المهنية. واستمتع بما تفعله».
يعمل أوديغيري طاهيا محترفا منذ أكثر من 15 عاما، ولا يرى أي مانع في أن تخوض ابنته في المجال نفسه «أود لابنتي أن تكمل في المهنة... فالنساء أذكى من الرجال، وهم في المطبخ دائما ما يقومون بالسيطرة التامة على كل شيء، أنا مؤمن بهن وإنهن قادرات على تحقيق أنفسهن في أي مجال؛ فهن صانعات ماهرات للطعام والثقافة والنظام وأعتقد أنهن قادرات على تقديم المزيد في مجال الطهي».



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».