تعلّم الطهي في يوم

المدارس تثبت أن الطبخ ليس حكراً على الطباخين

الشيف ريمون بلان في مدرسته في «لو مانوار أو كات سيزون» - مدرسة «لا كوتشينا كالديزي» في لندن
الشيف ريمون بلان في مدرسته في «لو مانوار أو كات سيزون» - مدرسة «لا كوتشينا كالديزي» في لندن
TT

تعلّم الطهي في يوم

الشيف ريمون بلان في مدرسته في «لو مانوار أو كات سيزون» - مدرسة «لا كوتشينا كالديزي» في لندن
الشيف ريمون بلان في مدرسته في «لو مانوار أو كات سيزون» - مدرسة «لا كوتشينا كالديزي» في لندن

مادة الطهي دخلت مناهج التعليم في المدارس الابتدائية والثانوية في بريطانيا. وهذا الاهتمام ناتج عن الولع بتعلم الطهي الذي خلقته البرامج التلفزيونية، كما أن تعليم الطهي في سن مبكرة يجعل الطفل أكثر استقلالية عند بلوغه سن الدخول إلى الجامعة، فيستطيع تحضير الأكلات البسيطة بنفسه.
وانتقلت مادة تعليم الطهي من مدارس الصغار إلى الكبار، من خلال افتتاح مدارس خاصة بتعليم الطهي في بريطانيا، البعض منها بهدف تقديم الشهادات وتخريج الطهاة لفتح آفاق العمل أمامهم، والفئة الأخرى من المهتمين هم أناس عاديون من الجنسين ومن جميع الأعمار، يلتحقون بتلك المدارس بعد اختيار الفصل الذي يناسبهم لتعلم أصول طهي السمك أو الباستا أو الخضار، في يوم واحد، فتكون مناسبة للتعرف على مهتمين بالطهي وتمضية اليوم معهم. وبعد تعلم أساليب مهمة جدا يمكن اعتمادها كل يوم في المطبخ، يتناول المشاركون في حصة الطهي الأكل على مائدة واحدة، وفي كثير من الأوقات تنمو صداقات متينة بعدما يتلاقى المشتركون أكثر من مرة وفي أكثر من مدرسة.
في لندن خاصة، وفي بريطانيا عامة، هناك توجه كبير لتعليم الطهي، فهناك مطاعم مثل مطعم «لا كوتشينا كالديزي» الإيطالي في ماريلبون، يفتح أبوابه أيام السبت لتعليم الطهي بشتى أنواعه، وهناك أيضا مدارس شهيرة جدا تفتح أبوابها أمام الجميع، وليست حكرا على هؤلاء الذين يتطلعون ليصبحوا طهاة محترفين.
كل مدرسة لديها برنامجها الخاص، فمن خلال الاتصال بها أو زيارة موقعها الإلكتروني يمكنك أن تحجز ما يلائمك، فبعض الدروس تكون مخصصة لتعليم تقطيع الخضار، أو تنظيف السمك، أو طبخ اللحم، وخلال الحصة تعطى لائحة الطعام لكل مشترك ويقدم الطاهي جميع المكونات التي ستستعمل في تحضير الأطباق، ويقوم كل فرد بتطبيق ما يقوم به الطاهي أمامه. وغالبا ما تضم لائحة الطعام 3 أطباق، يتناولها المشترك مع الآخرين في نهاية اليوم. ويكون سعر الحصة محددا مسبقا، وتتراوح الأسعار بين 55 و150 جنيها إسترلينيا للشخص الواحد.
أذكر خلال مشاركتي في إحدى حصص تعليم الطهي في لندن، أنه كان من بين المشتركات مدبرات منزل يعملن لدى عائلة ثرية جدا، وكان الهدف من التحاقهن بالحصة هو تطبيق الأطباق الإيطالية التي تعلمنها في المنزل. وتعتبر هذه الفكرة من بين أفضل الأفكار لتقديم هدية للمهتمين بالمطبخ.

جولة على بعض مدارس الطهي في لندن

1- «لو مانوار أو كات سيزون»، وهذه المدرسة تابعة للفندق الذي يحمل نفس الاسم ويملكه الشيف الفرنسي ريمون بلان، وتوجد حديقة خارج الفندق تزرع فيها نسبة 70 في المائة من الخضراوات التي تستخدم في المطبخ. تنظم المدرسة دروسا مختلفة لنصف نهار (قبل الظهر أو بعده) أو لنهار كامل، وهناك دروس مخصصة لتعلم تحضير مأكولات الحفلات. وأعتقد بأنها من أجمل الدروس التي يمكن أن تتعلمها في مجال الطهي.
2- «لا كوتشينا كالديزي»، والمدرسة تحمل اسم هذا المطعم الإيطالي لصاحبه الطاهي الإيطالي جيانكارلو كالديزي وزوجته كايتي. يقدم الشيف كالديزي وفريقه عدة دروس مفيدة، جربنا منها درس تحضير الباستا والسمك، وتناولنا الغداء مع مجموعة مؤلفة من 10 تلاميذ من أعمار مختلفة، الصفة المشتركة بينهم هي حبهم للطهي والمطبخ.
3- «لو كوردون بلو»، وهي مدرسة متخصصة في تعليم الطهي ومخولة إعطاء الشهادات للطهاة المحترفين. المعلمون فيها هم من خريجيها، وفيها يمكنك تعلم كثير من أصول الطهي وأساليب جديدة ومختلفة في المطبخ. هذه المدرسة معترف بها دوليا وتناسب الباحثين عن شهادات للعمل في حقل الطهي. ومن الدروس التي تعلم في «لو كوردون بلو» درس تعليم طهي الكيك والحلوى، ودرس لتعليم تزيين الحلوى، ودرس لالتقاط صور الأكل، ودرس مخصص للخبز، وآخر لتعليم الطهي الراقي على طريقة مطاعم «ميشلان».
وتقدم المدرسة أيضا درسا خاصا للصغار يطلق عليه اسم «لو بوتيه كوردون بلو» ويمتد على مدى ساعتين ويستقبل الصغار بين عمر 8 و12 عاما.
4- «شيف أكاديمي أوف لندن»، وهي أكاديمية للمحترفين، ولكن يمكن للمبتدئين الالتحاق بها، وفي حال كنت تنوي أن تصبح طاهيا محترفا، فقد تكون من بين أفضل ما يمكن أن تختاره.
افتتحت المدرسة عام 2007، وخرجت كثيرا من الطهاة الذين وجدوا عملا بعد تخرجهم مباشرة.
5- مدرسة «ويتروز» لتعليم الطهي، و«ويتروز» هي من بين محلات السوبر ماركت المعروفة في بريطانيا، وتقدم حصصا لتعليم الطهي في شمال لندن، لنصف نهار أو لنهار كامل، وتشدد الدروس على تعليم أساسيات المطبخ.
6- مدرسة «تعلمي الطهي في بورتلاند ستريت»، (كوكري سكول آت ليتل بورتلاند ستريت) في وسط لندن، تفتح أبوابها أمام الجميع، المحترفين والمبتدئين. ومن الدروس التي تقدمها المدرسة «مأكولات خالية من الغلوتن»، وطهي اللحوم والسمك ومأكولات الأعياد الكبرى، مثل أعياد الميلاد وغيرها. يشار إلى أن هذه المدرسة نالت جائزة أفضل مدرسة للطهي عام 2013.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».