مجلس الجامعة العربية يدعو لإرسال لجنة تحقيق دولية إلى السجون الإسرائيلية

شدد على تطبيق اتفاقيات جنيف في ختام اعمال دورته غير العادية

فلسطينيون يرفعون لافتات تحمل صور أسرى خلال مظاهرة في رام الله تضامنا مع إضرابهم عن الطعام (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرفعون لافتات تحمل صور أسرى خلال مظاهرة في رام الله تضامنا مع إضرابهم عن الطعام (أ.ف.ب)
TT

مجلس الجامعة العربية يدعو لإرسال لجنة تحقيق دولية إلى السجون الإسرائيلية

فلسطينيون يرفعون لافتات تحمل صور أسرى خلال مظاهرة في رام الله تضامنا مع إضرابهم عن الطعام (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرفعون لافتات تحمل صور أسرى خلال مظاهرة في رام الله تضامنا مع إضرابهم عن الطعام (أ.ف.ب)

دعا مجلس جامعة الدول العربية الأمم المتحدة، ومؤسساتها المتخصصة المعنية، إلى إرسال لجنة تحقيق دولية إلى السجون الإسرائيلية، للاطلاع على الانتهاكات التي ترتكب بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب.
وأكد المجلس، في قرار صدر في ختام أعمال دورته غير العادية على مستوى المندوبين الدائمين، التي ترأستها الجزائر، أمس، على ضرورة قيام الأطراف السامية المتعاقبة في اتفاقيات جنيف الأربع بإلزام إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) بتطبيق الاتفاقيات على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الأسرى والمعتقلون في السجون الإسرائيلية.
كما أكد المجلس دعمه وتضامنه الكامل مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذين يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام، ابتداء من 17 أبريل (نيسان) الماضي، الذي يصادف «يوم الأسير الفلسطيني»، وذلك كوسيلة نضالية من أجل تحقيق مطالبهم الإنسانية والسياسية العادلة، وعلى رأسها حقهم في المعاملة كأسرى حرب، وفقاً للقوانين الدولية، وإنهاء ظروف اعتقالهم وأوضاعهم المأساوية وغير الإنسانية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها حرمانهم من حقهم في الزيارة والتواصل مع ذويهم، والإساءة إلى أسرهم، ووقف التمييز العنصري الممنهج ضدهم.
وأدان المجلس مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب، بما في ذلك الأطفال والنساء والقادة السياسيون والنواب المنتخبون، والمطالبة بإطلاق سراحهم على نحو فوري.
كما أدان المجلس الممارسات التعسفية والانتهاكات الجسيمة بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب، وسياسة الاعتقال الإداري التي تنفذها سلطات الاحتلال، على نحو واسع، ضد أبناء الشعب الفلسطيني، باعتبارها انتهاكات صارخة لمبادئ القانون الدولي.
وطالب المجلس المجتمع الدولي، وحكومات الدول، وبرلماناتها كافة، والمؤسسات والهيئات الدولية المعنية، بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية، وتدخلها الفوري والعاجل لإلزام الحكومة الإسرائيلية بتطبيق القانون الدولي الإنساني، ومعاملة الأسرى والمعتقلين في سجونها، وفق ما تنص عليه اتفاقية جنيف الثالثة، لعام 1949، بشأن معاملة أسرى الحرب.
وحذر المجلس، في قراره، من سياسة العقوبات الجماعية والفردية التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، خصوصاً أولئك الذين يخوضون إضراباً عن الطعام.
وأدان المجلس سياسة التحريض العنصري التي تقودها حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد الأسرى وذويهم وأسر الشهداء الفلسطينيين، والإجراءات والسياسات العقابية الإسرائيلية التي تستهدف الصندوق القومي الفلسطيني، المسؤول عن صرف مستحقات الأسرى وأسر الشهداء الفلسطينيين.
وقرر المجلس دعوة الدول العربية والمؤسسات والأفراد إلى دعم الصندوق العربي لدعم الأسرى، الذي تشرف عليه جامعة الدول العربية، والذي أقرته قمة الدوحة الرابعة والعشرون بالقرار رقم 574، فقرة 19، بتاريخ 26 مارس (آذار) 2013.
كما قرر المجلس دعوة المجموعات العربية في المنظمات الدولية، ومجلس السفراء العرب، وبعثات الجامعة، لمتابعة تنفيذ هذا القرار.
ودعا المجلس الأمين العام للجامعة العربية إلى متابعة تنفيذ هذا القرار، ورفع تقرير بشأنه إلى الدورة 148 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.
كما قرر المجلس البقاء في حالة انعقاد لمتابعة تطورات قضية حقوق الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قد طالب المجتمع الدولي بضرورة الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها بحق الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام. وجاء ذلك أمام الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، التي عقدت أمس للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية.
وأكد أبو الغيط أهمية الاجتماع باعتباره يمثل رسالة تضامن وإسناد للأسرى الفلسطينيين في إضرابهم الذي يدخل أسبوعه الثالث، مطالباً بضرورة توفير الحد الأدنى من حقوقهم التي أقرتها المواثيق الدولية.
وشدد على أن الإضراب يحمل رسالة للعالم أجمع، وليس للأسرى الذين يقبعون خلف القضبان فحسب، بأن الشعب الفلسطيني يعيش مأساة إنسانية وانتهاكات لآدميتهم وكرامتهم، لافتاً إلى أن إضرابهم يُذّكر العالم كله بقضيتهم، ويعود بها لصدارة الأجندة الدولية.
ونوه أبو الغيط إلى أهمية استثمار الموقف الدولي المؤيد للحقوق الفلسطينية، وقرار منظمة اليونيسكو اعتبار القدس مدينة فلسطينية محتلة، مطالباً بضرورة استغلال هذا المناخ الدولي للضغط على إسرائيل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.