أعلنت اللجنة المنظمة لمهرجان «كان» السينمائي الفرنسي أن نسخة من فيلم «إلى أين؟» للمخرج اللبناني جورج نصر، رُممت بمبادرة من شركة «أبوط برودكشن» للإنتاج و«مؤسسة سينما لبنان»، ستعرض ضمن تظاهرة «كان للأفلام الكلاسيكية» (Cannes Classics) في الدورة الـ70 من المهرجان، التي تُنظم في مايو (أيار) الحالي، بعد 60 عاماً على عرض الفيلم الأصلي في المسابقة الرسمية للمهرجان.
وأوضحت «أبوط برودكشن» و«مؤسسة سينما لبنان» في بيان أصدرتاه على أثر الإعلان الصادر من المهرجان، أنهما بادرتا إلى ترميم الفيلم الذي وصفتاه بأنه «كنز وطني»، انطلاقاً من ضرورة «الحفاظ عليه وإتاحة مشاهدته وإعادة اكتشافه لجمهور جديد في السنة التي تصادف الذكرى الستين لمشاركته ضمن المسابقة الرسمية في الدورة العاشرة من مهرجان (كان) عام 1957».
وأشارتا إلى أن ترميم الفيلم، الذي كان الأول لِمخرجه في ذلك الوقت، تم بدعم «بنك البحر المتوسط»، وبالتعاون مع «نادي لكل الناس»، وThe Talkies.
الفيلم الأصلي المصور بتقنية الـ35 ملم، مُسح ضوئياً «Fine Grain Master Positive» بدقة عرض 4k، ونُقح وصُححت ألوانه بدقة عرض 2k.
وأشار البيان إلى أن شركة «Neyrac Films» الفرنسية تولت ترميم الصورة، فيما أعيد ترميم الصوت في studio DB في لبنان. وأكد البيان أن النسخة المرممة ستكون بالجودة نفسها التي عرض بها الفيلم في «كان» عام 1957.
وقد أُنجز فيلم وثائقي بعنوان «نصر» (A Certain Nasser) يتناول سيرة المخرج اللبناني وأعماله، يعرض استكمالاً لأنشطة الذكرى الستين لفيلمه الحدث. وتولى أنطوان واكد وبديع مسعد إخراج الوثائقي، ويتتبع الفيلم مسيرة عمل جورج نصر والمعارك التي خاضها من أجل إيجاد صناعة سينمائية في لبنان، ويربط بين قصة حياته وقصة ولادة وتطور السينما اللبنانية.
ففيلمه «إلى أين» عند عرضه في «كان» عام 1957، كان أول فيلم لبناني في مسابقة المهرجان الفرنسي، وأول فيلم لبناني يُعرَض عالمياً، وأول «فيلم مؤلف» (author film) لبناني. وتنافس الفيلم على «السعفة الذهبية» مع أفلام لمُخرجين عظماء على غرار ويليام وايلر وإنغمار برغمان وفديريكو فلليني وروبير بريسون وستانلي دونن وأندريه فايدا... وقد ترك انطباعاً طيباً لدى أعضاء اللجنة، مثل جورج ستيفنز ومارسيل بانيول، علماً بأن موضوعه الذي يتناول الهجرة، ونظرته الصادقة تجاه الطبقة العاملة، لا يزال قضية مطروحة اليوم: أسرة تعيش في حال فقر في إحدى القرى اللبنانية، وذات يوم يهجر الوالد عائلته ويذهب إلى البرازيل التي كان يعتبرها قسم كبير من اللبنانيين بلاد الثروات. مرت 20 سنة، ربت الوالدة خلالها أولادها بصعوبة كبيرة: البكر كوّن عائلة، والأصغر سناً يستعد للهجرة إلى البرازيل. وفي أحد الأيام يصل إلى القرية رجل رث الثياب، لا يتعرف إليه أحد.
لجورج نصر فيلم ثانٍ هو «الغريب الصغير» (Le Petit Stranger) اختير بدوره لمهرجان «كان» عام 1962، ثم فيلم ثالث بعنوان «المطلوب رجل واحد» عام 1975. ولم يُخرج بعد ذلك أي فيلم روائي طويل.
على الرغم من قلة عدد أفلامه، يعتبر جورج نصر، الذي وُلد في طرابلس عام 1927، «أبا السينما اللبنانية»، وبهذه الصفة تكرمه هذه السنة الدورة الرابعة من «مهرجان طرابلس للأفلام»، من خلال إقامة عروض لأبرز أعماله، وتوقيع كتاب عنه أصدر بمبادرة من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ALBA).
وتجدر الإشارة إلى أن نصر درس السينما في جامعة كاليفورنيا – لوس أنجليس (UCLA) القريبة من هوليوود، وعاد إلى وطنه مع تصميم على صناعة الأفلام في بيئة لم تكن هذه الصناعة قائمة فيها.
وبعد أفلامه الثلاثة بين عامي 1957 و1975، وضعت الحرب الأهلية اللبنانية حداً نهائياً لمسيرته. ولم يحذُ نصر حذوَ المخرجين اللبنانيين الذين أخرجوا أفلاماً عن الحرب، كمارون بغدادي وبرهان علوية وجوسلين صعب ورندا الشهال وجان شيمعون. ومع ذلك، لم يفكر في أي لحظة في ترك بلده، وعمل مدير إنتاج لبعض الأفلام الأجنبية، واستمر في الكتابة والسعي للحصول على فرص تمويل لسيناريوهاته، ولكن مع الأسف مر الوقت ولم يستطع الحصول على المال الكافي.
وسعى نصر إلى إنشاء نقابة لتقنيي الأفلام وصندوق دعم وطني للسينما اللبنانية، لكن هذه المحاولة لم تتكلل بالنجاح. وفي النهاية، اتجه نصر إلى التدريس في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة وقد ثقف أجيالاً جديدة بفن صناعة الأفلام.
بعد 60 سنة فيلم جورج نصر «إلى أين؟» يعود لـ«مهرجان كان»
رُمم بمبادرة من «أبوط برودكشن» و«مؤسسة سينما لبنان»
بعد 60 سنة فيلم جورج نصر «إلى أين؟» يعود لـ«مهرجان كان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة