ترأس البابا فرنسيس بابا الفاتيكان أمس قداسين للصلاة قبل مغادرته للقاهرة وحرص على قول: «السلام عليكم» وشكر المصريين. بينما اتفق مع تواضروس الثاني بابا المسيحيين في مصر على إنهاء جدل «سر المعمودية» الذي استمر عقودا من الزمن. واختتم الزيارة التي استمرت يومين بصلاة وصفت بأنها «مسح لحزن» الأقباط الذين استهدفهم تنظيم «داعش» هذا الشهر بتفجيرين أسقطا عشرات الضحايا.
وحظي ترؤس فرنسيس للقداس الإلهي باستاد الدفاع الجوي (شرق القاهرة) باهتمام مصري ودولي، في حضور قرابة 25 ألف شخص من مختلف الطوائف المسيحية، وبمشاركة الـ6 طوائف الكاثوليك في مصر تحت شعار «بابا السلام في مصر السلام»، والتي تشرف على استعداداته الخاصة إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية... واستاد الدفاع الجوي (هو استاد 30 يونيو) في شرق القاهرة وهو مكان غير معتاد لإقامة قداس ديني؛ لكن نقل الصلاة له تسلط الضوء على المخاوف الأمنية التي أحاطت بالزيارة، خاصة أن مكان الصلاة كان مخصصا له في البداية استاد القاهرة.
وشارك في القداس قادة الكنائس الكاثوليكية في مصر، ومنهم البطريرك الأنبا إبراهيم إسحاق بطريرك الأقباط الكاثوليك، والبطريرك جريجوريوس الثالث لحام بطريرك الروم الكاثوليك، وجميع الآباء مطارنة وأساقفة الكنائس الكاثوليك بمصر وعدد من كنائس الكاثوليك بالمشرق، فضلا عن سفراء وممثلي الكثير من السفارات الأجنبية القداس الإلهي، وشهد الحضور حشد من الشخصيات العامة والإعلاميين والسياسيين. واحتشد المصريون لحضور القداس الإلهي مهللين «مصر... تحيا مصر»، وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث كانت طائرات الهليكوبتر التابعة للقوات المسلحة تقوم بتأمين السماء أعلى الاستاد.
ووصل البابا فرنسيس في التاسعة ونصف صباحا أمس وتجول فور وصوله بسيارة جولف مفتوحة، في أنحاء الاستاد محييا الجماهير وسط تهليل واسع، تأكيدا على الأمن والأمان خلال زيارته لمصر... كما بارك زواج عروسين في إطار القداس الإلهي.
وجابت مركبات عسكرية شوارع العاصمة المصرية القاهرة التي خلت إلى حد كبير من الحركة أمس وأول من أمس الجمعة. ورفض البابا استخدام سيارة ليموزين مصفحة، مفضلا بدلا من ذلك التنقل في سيارة فيات زرقاء بسيطة.
وأطلقت في سماء الاستاد بالونات صفراء وبيضاء، وهي ألوان علم الفاتيكان، علقت فيها صورة للبابا وكتب عليها شعار زيارته لمصر وهو «بابا السلام في مصر السلام».
كان بابا الفاتيكان قد وصل القاهرة أول من أمس الجمعة، في زيارة استغرقت يومين، التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في زيارة حملت رسالة سلام للعالم، وأكدت على وحدة أصحاب الأديان السماوية، وخاطبت العالم بوحدة قطبي الشعب المصري والعربي خلال مؤتمر عالمي مشترك مع شيخ الأزهر.
وتعد زيارة البابا فرنسيس إلى مصر الأولى له منذ تنصيبه، فيما تعد الثانية لبابا الفاتيكان، حيث زار البابا الراحل يوحنا بولس الثاني مصر في فبراير (شباط) عام 2000.
وبدأ الحبر الأعظم عظته في قداس السبت الذي ترأسه في استاد الدفاع الجوى بقول: «السلام عليكم»، في رغبته لكسر حاجز اللغة، وتحدث عن قدرة الله التي تتعلق بالمحبة والمغفرة والحياة.
وقال إن «الإيمان الحقيقي هو ذلك الذي يجعلنا أكثر محبة وصدقا وإنسانية وهو ذلك الذي ينعش القلوب ويدفعها إلى محبة الجميع دون تمييز... والإيمان الحقيقي هو الذي يجعلنا ننشر ثقافة الحوار والأخوة وشجاعة المغفرة لمن يسيء إلينا ومساعدة من يسقط وإكساء العريان وإطعام الجائع»، لافتا إلى أن التطرف الوحيد الذي يجوز للمؤمنين هو تطرف المحبة، وأي تطرف آخر لا يأتي من الله لا يرضيه.
وقال البابا فرنسيس إنه لا جدوى من أن نملأ دور العبادة إن كانت قلوبنا خاوية من مخافة الله ومهابة حضوره... ولا جدوى من الصلاة إن لم تتحول إلى محبة موجهة لله ولإخوتنا.
واستغل البابا زيارته التي جاءت بعد ثلاثة أسابيع من مقتل 45 شخصا على الأقل في تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيستين في مصر، لتوجيه نداء قوي للحرية الدينية ولاتهام المتطرفين بتشويه الدين.
في السياق ذاته، ترأس البابا فرنسيس قداسا آخر مع كهنة الكنيسة الكاثوليكية بالكلية الإكليريكية بضاحية المعادي (جنوب القاهرة)، فيما كثفت قوات الأمن من تعزيزاتها الأمنية في شوارع العاصمة القاهرة.
والإكليريكية هي المكان الذي يدرس ويتخرج فيه طالبو الكهنوت وهذه الكلمة تأتي من اللغة اللاتينية وتعني المشتل، حيث تشير إلى البيئة الملائمة للنمو.
وأعرب بابا الفاتيكان عن سعادته بحفاوة الاستقبال التي لقيها في مصر، وبدأ الصلاة بـ«السلام عليكم»، موجها الشكر للمصريين، مؤكدا أن مصر ساهمت كثيرا في إثراء الكنيسة بالكنز الذي لا يقدر، والمتمثل في حياة الرهبنة والكهنة الكثيرين.
في غضون ذلك نشرت الصفحة الرسمية للكنيسة المصرية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس، بيان اتفاق بابا الفاتيكان، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريك الكرازة المرقسية بعدم إعادة «سر المعمودية» الذي تم منحه في كل من الكنيستين لأي شخص يريد الانضمام للكنيسة الأخرى... وأقر الطرفان بقولهما: إننا نقر بهذا طاعة للكتاب المقدس ولإيمان المجامع المسكونية الثلاثة التي عقدت في نيقية والقسطنطينية وأفسس... وهذا الاتفاق أنهى حالة من الجدل استمرت طويلا.
يُعد هذا الاتفاق خطوة غير مسبوقة بين الكنيسة الكاثوليكية في روما، وكنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية منذ انشقاق الثانية في القرن الـ5. خلال فعاليات المجمع المسكوني في مدينة خلقيدونية عام 451 ميلادية. ويقضي باعتراف الكنيسة المصرية بمعمودية الكنائس الأخرى، حيث كانت الكنيسة المصرية لا تعترف بها، وتلزم المسيحي الذي يتحول إليها بإعادة التعميد وفقا لطقوس محددة.
بابا الفاتيكان اختتم زيارته لمصر بـ«مسح الحزن»
ترأس قداسين في استاد الدفاع الجوي والكلية الإكليريكية وبدأ الصلاة بـ«السلام عليكم»... واتفق مع تواضروس على إنهاء جدل «سر المعمودية»
بابا الفاتيكان اختتم زيارته لمصر بـ«مسح الحزن»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة