رئيس البرلمان الليبي يكشف عن ضغوط أميركية لتمرير حكومة السراج

«الناتو» يعتزم إرسال فريق إلى ليبيا لبحث الاحتياجات العسكرية والأمنية للبلاد

تحولت السواحل الليبية إلى نقطة انطلاق المهاجرين القاصدين أوروبا (رويترز)
تحولت السواحل الليبية إلى نقطة انطلاق المهاجرين القاصدين أوروبا (رويترز)
TT

رئيس البرلمان الليبي يكشف عن ضغوط أميركية لتمرير حكومة السراج

تحولت السواحل الليبية إلى نقطة انطلاق المهاجرين القاصدين أوروبا (رويترز)
تحولت السواحل الليبية إلى نقطة انطلاق المهاجرين القاصدين أوروبا (رويترز)

كشف أمس المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، النقاب عن تعرضه مؤخرا لضغوط أميركية لتمرير حكومة السراج، التي ما زال مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق يرفض منحها ثقته.
وقال صالح إن مندوب الولايات المتحدة الأميركية، طالبه بصيغة الأمر منح الثقة لحكومة السراج، لكنه رد عليه قائلا: «أنا لا أتلقى الأوامر إلا من الشعب الليبي»، وهو ما اضطر المندوب الأميركي سحب الطلب وتقديم اعتذاره.
كما أوضح صالح أن جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق، أبلغه خلال لقاء بينهما، لم يحدد موعده ولا مكانه، بأن الحل في ليبيا بيده، فرد عقيلة جازما: «لا، الحل بيد الشعب الليبي».
ودافع عقيلة عن لقائه المثير للجدل مؤخرا مع عبد الرحمن السويحلي، رئيس مجلس الدولة الموالي للسراج في العاصمة الإيطالية روما، والذي تم بوساطة إيطالية - تونسية، وقال إن اللقاء تركز حول المصالحة الوطنية، وعودة النازحين، وعلى رأسهم عودة نازحي مدينة تاورغاء، وحول تعديل الاتفاق السياسي دون توقيع أي اتفاقية أو بيان.
وجاءت تصريحات عقيلة، التي بثتها وكالة الأنباء اللبيبة، لدى اجتماعه أمس مع مشايخ وأعيان القبائل، حيث تحدث عقيلة عما وصفه بحجم المؤامرات التي تعرض لها البرلمان الليبي أثناء جولات الحوار السياسي. وقال إن «وضع اسم السراج لرئاسة المجلس الرئاسي المقترح كانت مفاجأة بنسبة لمجلس النواب»، معتبرا أن «جمع السراج بين رئاسة المجلس وحكومة الوفاق غير دستوري»، على حد قوله.
إلى ذلك، أعلن يانس ستولتنبيرغ الأمين العام لحلف الناتو أن فريقا من خبراء الحلف سيصل إلى ليبيا خلال الأسابيع المقبلة لمناقشة كيفية المساعدة في بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية مع السلطات الليبية، مجددا استعداد الحلف «لمساعدة ليبيا، ولا سيما فيما يتعلق ببناء المؤسسات».
وقال يانس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني، «لقد تحدثت مع السراج الأسبوع الماضي، وسيكون هناك فريق خبراء مع السلطات الليبية في غضون الأسابيع المقبلة لمناقشة كيفية مساعدة الحلف في بناء المؤسسات الليبية، ووزارة دفاع حديثة، وأركان عامة ومخابرات، وجميعها مؤسسات حاسمة لتحقيق الاستقرار في ليبيا».
وأشاد يانس في التصريحات التي نقلتها وكالة أنباء آكي الإيطالية، بما سماه بدور إيطاليا الإيجابي لحل الأزمة في ليبيا، في إشارة إلى جهود الوساطة التي تبذلها للتقريب بين الفرقاء الليبيين بشأن تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي، الموقع في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015.
وكان السراج قد زار مقر حلف الناتو مؤخرا، وطلب الحصول على مساعدات عسكرية وأمنية لتمكين حكومته التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة، بسط سيطرتها على كامل العاصمة طرابلس، التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة منذ نحو عامين.
وتسعى حكومة السراج إلى إعداد خطط لتشكيل قوات أمن ليبية موحدة منذ وصولها إلى طرابلس في مارس (آذار) من العام الماضي، لكنها لم تحقق تقدما يذكر.
ويعتبر مسؤولون غربيون أن حكومة السراج وسيلة لبسط الاستقرار في ليبيا التي تعاني من الاقتتال منذ الحرب الأهلية، التي أطاحت بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011، حيث أصبحت البلاد أيضا نقطة سفر رئيسية للمهاجرين القاصدين الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.
في غضون ذلك، سرت تكهنات بوصول المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، إلى العاصمة المصرية في زيارة غير معلنة، تمهيدا لاحتمال اجتماعه مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، فيما يعتزم حلف شمال الأطلنطي (ناتو) إرسال فريق إلى العاصمة الليبية طرابلس لبحث كيفية دعم المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة لحكومة السراج.
وأجرت سلطات مصر في فبراير (شباط) الماضي محادثات مع الفصائل في طرابلس وفي الشرق، التي تسعى جميعها إلى السيطرة على كامل البلاد، لكنها فشلت في ترتيب اجتماع بين السراج وحفتر.
وبينما التزم مكتب السراج وحفتر الصمت حيال المعلومات المتواترة بشأن إمكانية اجتماعهما مجددا في القاهرة، أوضح مسؤول مصري على صلة باللجنة المصرية الرسمية المعنية بالأزمة الليبية، التي يترأسها الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري، لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة المصرية لم تتوقف بين الطرفين من أجل مصلحة الشعب الليبي.
وكان الفريق حجازي قد التقى أول من أمس وفودا أميركية وبريطانية في القاهرة، حيث ناقش التطورات الراهنة في ليبيا والجهود المصرية لحلحلة الأزمة السياسية هناك.
ومن المنتظر أن يبدأ مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، زيارة إلى الخرطوم اليوم لإجراء محادثات حول الأزمة القائمة في البلد الشمال أفريقي.
وقالت وزارة الخارجية السودانية إن كوبلر سيجتمع مع وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، وعددا من كبار المسؤولين، موضحة في بيان أن كوبلر «سيناقش جهود الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لمحاولة حل الأزمة الليبية».
وتشهد ليبيا فوضى وانقسامات منذ الإطاحة بنظام القذافي عام 2011، حيث تتنافس فيها ثلاث حكومات هي حكومة عبد الله الثني في الشرق غير معترف بها وتتبع لها قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير حفتر، بالإضافة إلى حكومتي السراج، وغريمه خليفة الغويل التابع للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق ومنتهية ولايته، وكلاهما في العاصمة طرابلس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».