عادت المواجهات بين «جيش الإسلام» من جهة و«فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» من جهة أخرى، في الغوطة الشرقية لدمشق، أمس. وتبادل الجانبان اتهامات المسؤولية عن بدء المواجهات التي أدّت في يومها الأول إلى سقوط قتلى وجرحى.
وفي ظل انشغال الفصائل بالاقتتال فيما بينها، نجحت قوات النظام والمجموعات الموالية له في التقدم في حي القابون على أطراف دمشق، إذ تمكّنت بغطاء من القصف المتصاعد من السيطرة على بيوت عند الأطراف الشرقية للحي، بالتزامن مع تحقيقها تقدماً مماثلاً في جنوبه، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقال المرصد إن قوات النظام أطلقت نحو 25 صاروخ أرض - أرض على مناطق في حي القابون عند الأطراف الشرقية للعاصمة منذ فجر أمس، فيما تواصلت الاشتباكات على محاور الحي وأطرافه، بعدما كانت قوات النظام حققت تقدماً في الأيام الماضية بالسيطرة على أبنية ومنازل عند أطراف الحي الذي يشهد منذ أسابيع معارك عنيفة بين النظام والفصائل، مترافقة مع قصف بمئات الصواريخ والقذائف التي خلفت خسائر بشرية كبيرة.
وفي المقابل، تصاعدت وتيرة الاقتتال بين فصائل المعارضة في بلدات مديرا وبيت سوى وعربين وكفربطنا وحزة وزملكا، مترافقة مع دوي انفجارات في مناطق الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من مقاتلي الطرفين، بينهم قائد مفرزة أمنية في «فيلق الرحمن» و«الأمير الأمني» في «هيئة تحرير الشام» بمدينة عربين، بحسب المرصد.
وأشار المرصد إلى أن اقتتال فصائل الغوطة بدأ عندما هاجم «جيش الإسلام» مقرات تابعة لـ«هيئة تحرير الشام» و«فيلق الرحمن» في مناطق عربين وكفربطنا والأشعري ومديرا وحزة. وأعلن «جيش الإسلام» أن عملياته أتت رداً على اعتقال «هيئة تحرير الشام» (التي تتكون في معظمها من «جبهة النصرة») قوة أرسلها إلى حي القابون لمؤازرة مقاتليها.
واستقدم «جيش الإسلام» آليات ثقيلة ومدرعات ودبابات وأشركها في عملية الهجوم، وهو ما أكّده الناطق باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن الاشتباكات أدت إلى سقوط عدد كبير من الجرحى من الفيلق وما لا يقل عن 10 عناصر بينهم عصام القاضي، أحد القادة العسكريين.
وأدّت الاشتباكات إلى وقوع قتلى، قدر المرصد عددهم بنحو 40 مقاتلاً من الطرفين تأكدت هويات ثمانية منهم. ونقل عن مصادر أهلية أن «جيش الإسلام» وجه نداءات يطالب فيها مقاتلي «فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» بتسليم أنفسهم «حقناً للدماء»، كما طالب سكان الغوطة الشرقية ومناطق الاشتباك وما حولها بأن يلزموا منازلهم وينزلوا إلى الأقبية.
ودعا «جيش الإسلام» إلى «توحيد وجمع الكلمة ونبذ الفرقة مع جميع الفصائل من دون استثناء»، متّهماً «هيئة تحرير الشام» باعتقال عدد من عناصره ليل أول من أمس والتسبب بالمواجهات. وقال في بيان إن «فصيل هيئة تحرير الشام أبى إلا الاستمرار في بغيه على الجيش بشكل متكرر وتصعيد دائم زادت وتيرته في المرحلة الأخيرة، تزامناً مع المعارك الطاحنة التي يخوضها جيش الإسلام على جميع جبهاته الشرقية والغربية في أحياء دمشق».
وأشار إلى أن «آخر هذه الاعتداءات كانت اعتقال مؤازرة كاملة الليلة الماضية وهي متوجهة نحو جبهة القابون المشتعلة وأحياء دمشق الشرقية، مما استدعى قوات جيش الإسلام للتعامل مع هذا الاعتداء، ورد هذا البغي بحزم ومسؤولية لإطلاق سراح هذه المؤازرة التي تم اختطافها من قبل مسلحي هيئة تحرير الشام، وإيقاف هذه الممارسات الغاشمة اللامسؤولة من قبلهم، التي لا تصب إلا في مصلحة عصابات الأسد».
وأكد أن خلافه محصور مع «هيئة تحرير الشام» بسبب «بغيهم علينا». وقال: «نحن على وفاق تام وتواصل دائم مع جميع الفصائل الأخرى التي وضعناها في صورة الحدث وتفاصيله، منعاً لأي مضاعفات وتورطات لا تحمد عقباها. ونؤكد لإخوتنا في فيلق الرحمن أننا وإياهم في خندق واحد ولنا هدف واحد، وهو حماية الغوطة من طغيان الأسد وعصاباته ومن تنطع الغلاة وبغيهم، كما ندعوهم إلى احتواء الأزمة بالحكمة والحوار».
لكن علوان رأى أن «جيش الإسلام كان يجهز منذ أسابيع للاعتداء على فيلق الرحمن في الغوطة الشرقية، وحضّر لذلك الذرائع والرواية الإعلامية التي يُسوق بها فعلته وغدره». واعتبر أن النظام السوري «هو المستفيد الأول من هذا الاقتتال... والمستهدف المباشر بهذا الهجوم هو فيلق الرحمن، وكل ما أشاعه جيش الإسلام عن احتجاز مؤازراته أو قطع الطرق لا صحة له، كما يشيع عن تواصل مسبق بينه وبين فيلق الرحمن وعن تحييد فيلق الرحمن عن هذا الاعتداء، وكل ذلك محض افتراء وكذب».
وكان «فيلق الرحمن» أصدر بياناً قال فيه إن «معارك القابون شهدت لأكثر من ثلاثة أشهر قتالاً شديداً لم تنقطع فيها المؤازرات وطرق الإمداد لأي فصيل، ومع اشتداد هذه المعارك يقوم جيش الإسلام بالاعتداء على مقرات فيلق الرحمن في كل من مدينة عربيين وبلدتي كفربطنا وحزة». ودعا العقلاء في «جيش الإسلام» إلى «التوقف الفوري عن هذه التصرفات الرعناء والاعتداء الأحمق الذي لا يصب في مصلحة الغوطة الشرقية المحاصرة ولا الثورة السورية».
ويأتي هذا الاقتتال المتجدد بين كبرى فصائل غوطة دمشق الشرقية بعد عام كامل من المعارك التي وقعت بين «جيش الإسلام» من جهة، و«فيلق الرحمن» و«جيش الفسطاط» من جهة أخرى، وقضى فيها أكثر من 500 مقاتل من الجانبين وعشرات المدنيين، إضافة إلى مئات الأسرى والجرحى في صفوفهما.
النظام يتقدم في القابون... والمعارضة تقتتل في الغوطة
تبادل اتهامات بين «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» بعد عودة الاشتباكات
النظام يتقدم في القابون... والمعارضة تقتتل في الغوطة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة