النظام السوري يشارك في «آستانة» والفصائل تنتظر الدعوة لحسم قرارها

أولوية المعارضة «ضمان التوصل إلى نتائج في الموضوع الإنساني»

محمد علوش كبير مفاوضي الفصائل السورية المسلحة المعارضة لدى حضوره إحدى جلسات مباحثات آستانة في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
محمد علوش كبير مفاوضي الفصائل السورية المسلحة المعارضة لدى حضوره إحدى جلسات مباحثات آستانة في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
TT

النظام السوري يشارك في «آستانة» والفصائل تنتظر الدعوة لحسم قرارها

محمد علوش كبير مفاوضي الفصائل السورية المسلحة المعارضة لدى حضوره إحدى جلسات مباحثات آستانة في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
محمد علوش كبير مفاوضي الفصائل السورية المسلحة المعارضة لدى حضوره إحدى جلسات مباحثات آستانة في فبراير الماضي (إ.ب.أ)

أعلن النظام السوري أن ممثليه سيشاركون في «مؤتمر آستانة» بكازاخستان، وجاء هذا الإعلان مع عقد ممثلي الفصائل المعارضة في العاصمة التركية أنقرة اجتماعات مكثّفة لاستكمال الأعمال التحضيرية لاجتماعات المؤتمر المقرر عقدها يومي 3 و4 مايو (أيار) المقبل.
ومع أن وزارة الخارجية الروسية أعلنت، أمس، على لسان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن الدعوة وصلت إلى الفصائل التي تعوّل على مشاركتها، أكد أكثر من مصدر في المعارضة أن الدعوة لم تصل إليها، ورجّح هؤلاء أن تكون تسلّمتها تركيا تمهيداً لإرسالها إلى الفصائل. أيضاً شدد مصدر مطّلع على مباحثات الفصائل في أنقرة، لـ«الشرق الأوسط» على أن «الأولوية بالنسبة إلى المعارضة، في حال قبلت بحضور (آستانة)، ستكون ضمان الوصول إلى نتائج إيجابية فيما يتعلّق بالموضوع الإنساني كمرحلة أولى على الأقل، وهذا بعدما حاولت موسكو الالتفاف على الموضوع في كل الجولات الماضية رغم وعودها المتكرّرة بأنها ضامنة للنظام».
ولقد أشار العميد فاتح حسون، المشارك في مباحثات «آستانة» و«جنيف» لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المعارضة لغاية الآن لم تتسلم الدعوة إلى كازاخستان، مضيفاً: «عندما نتسلّم الدعوة ستتم مناقشة الموضوع واتخاذ القرار المناسب بشأنها»، رافضاً الحديث عن شروط قبل الاطلاع على مضمون الدعوة.
في المقابل، يوم أمس، قال نائب وزير خارجية النظام فيصل المقداد في تصريح له: «في اجتماعات آستانة هناك جدول أعمال، وسوريا تسعى لإنجاح الجهود من أجل وقف إراقة الدماء ولحشد الجهد الدولي للقضاء على الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا».
وأشار إلى أن دمشق تتابع موضوع انضمام قطر إلى المباحثات التي ستجري برعاية «الترويكا الثلاثية» التي تضم روسيا وتركيا وإيران.
وأتت تصريحات المقداد بعد تقارير بأن وزير خارجية كازاخستان بحث مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني فرص توسيع دائرة المشاركين في «آستانة». إلا أن حسون قال معلقاً: «لا معلومات لدينا واضحة حول هذا الأمر، لكن يبدو أن هناك اهتماماً دولياً بمؤتمر آستانة أكبر من ذي قبل»، معبّراً عن «أمله في أن تنجح الاجتماعات إذا عقدت في التوصل إلى تحقيق وقف إطلاق نار فعلي في سوريا».
في هذه الأثناء، تتركز مباحثات الفصائل في أنقرة المستمرة منذ ثلاثة أيام، التي قد تنتهي بالإعلان عن قرار الفصائل بالمشاركة أو عدمها في «آستانة» خلال اليومين المقبلين - بحسب المصدر المطّلع - «على مناقشة الملاحظات التي وضعتها اللجنة الخاصة على الوثائق التي كانت قد تسلّمتها من (موسكو)». وهي الوثائق التي نشرتها «الشرق الأوسط»، بعدما رفضت اثنتين منها، وهما «اللجنة الدستورية» التي حملت عنوان «المناطق الموقعة على اتفاق وقف الأعمال القتالية». بينما ارتكز البحث على ملف «المعتقلين» و«إزالة الألغام»، وكانت أبرز الملاحظات رفض مشاركة النظام وإيران في العملية، والتأكيد على أهمية التعامل مع القضية وفق القوانين الإنسانية والقرارات الدولية.
ويوم أمس، أعربت وزارة الخارجية الكازاخستانية عن أملها بأن يحضر الاجتماع المقبل بشأن سوريا في العاصمة الكازاخستانية، آستانة، ممثلو الأطراف السورية كافة، بما في ذلك المعارضة. وقال مختار تليوبيردي، نائب وزير الخارجية الكازاخستاني، في تصريح له: «نأمل في أن تكون المفاوضات في (آستانة) على مستوى رفيع. ومن جانبنا، نحن مستعدون لقبولها على أي مستوى، وقد تم تحضيرها على مستوى الخبراء». وذكر تليوبيردي أن بلاده تأمل في مشاركة جميع الأطراف في المفاوضات المقبلة، بينها ممثلون عن الدول الضامنة والحكومة السورية والمعارضة، مشيراً إلى أن «من الطبيعي أنه لن تكون هناك مفاوضات مكتملة الأركان في حال عدم حضور أي طرف من الأطراف». وأوضح المسؤول الكازاخستاني أن بلاده لا تتدخل في عملية المفاوضات، وعلى الدول الضامنة بذل الجهود بغية تأمين حضور المعارضة السورية، لافتاً إلى أن الخارجية لا تزال تنتظر موافقة الأطراف على الحضور.
وكانت «آستانة» استضافت ثلاثة اجتماعات حول الأزمة في سوريا عقد الأول منها في 23 و24 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي وصدر في ختامه بيان أكد الالتزام بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية. وشدد الاجتماع الثاني الذي عقد في 16 فبراير (شباط) الماضي على تثبيت وقف الأعمال القتالية في سوريا، بينما عقد الاجتماع الثالث يومي 14 و15 مارس (آذار) الماضي بغياب وفود المعارضة التي قرّرت المقاطعة، متّهمة روسيا بعدم الوفاء بوعودها.
وقبل أيام على موعد الجولة المقبلة، يبدو من خلال المواقف، أن هناك انقساماً واضحاً في صفوف المعارضة بشأن مشاركة الفصائل في مباحثات «آستانة». إذ يشكّك البعض في جدية روسيا ويرى أن المشاركة في المفاوضات التي ترعاها روسيا قد تكون مفيدة لها كدولة تدعم النظام ولا تقدم شيئاً للمعارضة.
وفي المقابل، يرى آخرون أنه لا يمكن تجاوز موسكو التي باتت لاعباً رئيسياً وأساسياً في الأزمة السورية، ولا سيما بعد إحالة موضوع الإرهاب ووقف إطلاق النار من «مؤتمر جنيف» إلى مفاوضات «آستانة» ما أضفى شرعية أو ضمانة استمرار لها، وبالتالي فإن المقاطعة ستنعكس سلباً على المعارضة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».