رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو إلى تكريس مكانة المضربين كأسرى حرب

مسؤولون يتهمون إسرائيل بمحاولة قتلهم ويطالبون بتدخل دولي

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو إلى تكريس مكانة المضربين كأسرى حرب
TT

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو إلى تكريس مكانة المضربين كأسرى حرب

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو إلى تكريس مكانة المضربين كأسرى حرب

اتهم مسؤولون فلسطينيون إسرائيل بتعمد قتل الأسرى المضربين، برفض التجاوب مع مطالبهم، وتصعيد إجراءاتها العقابية والانتقامية ضدهم، وطالبوا بتدخل دولي للتحقيق في ظروف اعتقال الأسرى، والضغط على إسرائيل بهدف الاستجابة لتلك المطالب، في وقت رد فيه الأسرى، بتصعيد خطواتهم الاحتجاجية، بالامتناع عن التعامل مع الأطباء وعيادات السجون.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، في مؤتمر صحافي، مع وزير الخارجية الألماني زيغمار جابرييل: «نطلب من الحكومة الألمانية والمجتمع الدولي التدخل العاجل للضغط على إسرائيل للاستجابة لمطالبهم العادلة والمحقة، ووقف كل الانتهاكات المتواصلة بحقهم، ونحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياتهم».
وشدد الحمد الله على أن «استمرار احتجاز إسرائيل للآلاف من الأسرى، في ظل حملة التحريض العنصرية ودعوات قادة الاحتلال الإجرامية العنصرية المباشرة، من دون مواربة، إلى قتل الأسرى، يستوجب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي، ويستدعي توحد الجهد والمساندة للأسرى وتجديد العزم لإطلاق سراحهم».
وجاء في بيان للحمد الله: «آن الأوان لتكريس مكانتهم كأسرى حرب بصورة تمكننا من التعامل مع المؤسسات الدولية لحشد المزيد من الدعم لإطلاق سراحهم». وأضاف: «إننا لن ننسى أسرانا».
ودعا الحمد الله المؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية، إلى سرعة إرسال طواقمها للاطلاع على أوضاع الأسرى والجرائم التي ترتكب بحقهم.
وجاءت دعوة الحمد الله في اليوم التاسع للإضراب، مع تدهور الحالة الصحية لعدد من المضربين المرضى ونقلهم إلى المشافي.
من جانبه، حذر عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، من خطورة الأوضاع الصحية على المضربين، مؤكداً على نقل عدد منهم إلى عيادات السجن والمستشفيات الإسرائيلية.
وقال قراقع في كلمة أمام مؤتمر بيت المقدس الإسلامي الدولي الثامن في الخليل: «إسرائيل تريد ذلك... إنها تتعمد قتل الأسرى بعدم تجاوبها مع مطالبهم الإنسانية العادلة، واستمرار الضغوطات النفسية والإجراءات التعسفية بحقهم».
واتهم قراقع إدارة مصلحة السجون بتصعيد الإجراءات التعسفية بحق الأسرى. وقال إن «إدارة مصلحة السجون تستمر في منع المحامين وأهاليهم من زيارة الأسرى المضربين، وتواصل عزل قادة الإضراب في زنازين سيئة، وتعزل الباقين المضربين عن رفاقهم، وتكثف من عمليات النقل المتواصلة من سجن إلى آخر بهدف إرهاق المعتقلين، وتتعمد الاعتداء وإذلال الأسرى المضربين، من خلال عمليات تفتيش استفزازية لأقسام المضربين وزنازينهم، مصحوبة بالكلاب، وحرمانهم من الخروج إلى الساحة، ومن صلاة الجمعة، ومصادرة ملابسهم ومقتنياتهم الشخصية وإبقائهم بالملابس التي يرتدونها فقط».
وأضاف قراقع، أن الإدارة الإسرائيلية صعّدت مجدداً، حيث قامت بتعرية الأسرى من ملابسهم خلال النقل وعمليات التفتيش وتركهم مقيدين لفترة، وحرمانهم من المياه الصحية، ومصادرة كميات الملح التي لديهم.
وتابع: «إسرائيل تستهدف كسر الإضراب وشوكة المضربين، لكن ذلك يعتبر انتهاكاً كبيراً لحقوق المضربين ولإنسانيتهم، مما يجعل أوضاع الأسرى تحت دائرة الخطر الشديد».
ويواصل نحو 1500 أسير فلسطيني إضراباً مفتوحاً عن الطعام، منذ 10 أيام للمطالبة بتحسين ظروف اعتقالهم.
ويضع الأسرى الذين يقودهم في الإضراب النائب في المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مروان البرغوثي، مطالب متعددة لإنهاء الإضراب، أهمها إنهاء سياسة العزل الانفرادي، وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وتحسين الأوضاع المعيشية للأسرى بما يشمل، تركيب تليفون عمومي للأسرى في كل السجون والأقسام، وإضافة قنوات فضائية، والسماح للأسرى بشراء كل احتياجاتهم، وانتظام الزيارات خاصة لأسرى غزة، وعدم منع الأقارب من الزيارة، وزيادة مدتها إلى ساعة ونصف بدلاً من 45 دقيقة، والسماح للأسير بالتقاط الصور مع ذويه كل 3 أشهر، وإدخال الأطفال والأحفاد تحت سن 16 عاما مع كل زيارة، وإدخال الكتب والصحف والملابس والمواد الغذائية والأغراض الخاصة للأسير خلال الزيارات، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، إضافة إلى مطالب حياتية وإجرائية أخرى داخل السجون.
وترفض إسرائيل التجاوب مع أي من هذه الطلبات، ولم يفتح حتى أمس أي حوار مع المضربين.
وشن مسؤولون إسرائيليون منذ اليوم الأول للإضراب، هجوماً ضد المضربين ووصفوهم بالقتلة، وسط دعوات بتركهم يموتون من الجوع.
وقال مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أمس إن «أفعال الإرهابي المسجون مروان البرغوثي التي تقدس الموت والقتل، لا تختلف عن أفعال عناصر تنظيم داعش الذين يحاولون فرض رغبتهم من خلال ممارسة الإرهاب في جميع أنحاء المعمورة».
وكان دانون يعقب على رسالة بعث بها البرغوثي إلى مجلس الأمن الدولي، وإلى أعضاء برلمانات مختلفة في العالم، وصف فيها الجهاز القضائي في إسرائيل بنظام «ابرثهايد».
ومع إدارة إسرائيل الظهر للمضربين، بدأت تظهر عليهم علامات إرهاق وتعب. وقال تقرير رسمي لهيئة شؤون الأسرى، إن أوزان الأسرى المضربين، بدأت تهبط ما بين 8 - 9 كغم مع بداية الأسبوع الثاني للإضراب، وأنهم بدأوا يشعرون بالدوار، وآلام شديدة في الرأس والمفاصل، وعدم القدرة على الوقوف والحركة. وقالت الهيئة، رداً على استمرار الإجراءات التعسفية بحق الأسرى، إن الأسرى المضربين امتنعوا عن التعامل مع أطباء وعيادات السجون، وقرروا عدم إجراء الفحوصات الطبية، وكذلك رفضوا الوقوف على العدد اليومي، وهم لا يتناولون سوى الماء.
وأشار تقرير الهيئة، إلى أن الأسرى غير المضربين في كل السجون، بدأوا بخطوات إسنادية بإعادة وجبات الطعام بشكل متدرج ومتقطع، وأن ذلك سوف يتصاعد أكثر كلما أمعنت سلطات السجون بعدم التجاوب مع مطالب المعتقلين.
ومع تصاعد الموقف داخل السجون، كثف الفلسطينيون في الخارج من فعاليات إسناد الأسرى. ودعت اللجنة الوطنية لمساندة إضراب الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلى مقاطعة شاملة للبضائع والسلع الإسرائيلية طيلة فترة إضراب الأسرى. وقالت اللجنة في بيان أصدرته: «تستمر معركة الجوع (الحرية والكرامة) في ظل تصعيد الاحتلال في الخطاب والسلوك والإجراءات القهرية القمعية بحق أبنائنا وأبطالنا الذين يخوضون هذه الملحمة، بينما يظهر أبطالنا إصراراً وثباتاً منقطع النظير، فمن أجل دعم صمودهم وتعزيز معركتهم الباسلة، فقد تقرر مقاطعة شاملة للبضائع والسلع الإسرائيلية طيلة مدة الإضراب». وأضافت أن «على التجار أن يتوقفوا فوراً عن جلب البضائع الإسرائيلية وضخها في الأسواق الفلسطينية، وعلى المواطنين التوقف كلياً عن شراء هذه البضائع التي ما زالت في الأسواق».
ودعت اللجنة إلى منع السيارات التي تحمل البضائع الإسرائيلية من دخول الأراضي الفلسطينية. وأعلنت اللجنة أن يوم غد، يوم إضراب شامل يشمل كل مناحي الحياة التجارية والتعليمية والخدماتية والحكومية والأهلية والقطاع الخاص والمدارس والجامعات، ويستثنى من ذلك فقط طلبة الثانوية العامة.
ويستمر الفلسطينيون في تنظيم وقفات في خيم الاعتصام، ومسيرات مساندة للمضربين في الأراضي الفلسطيني والخارج كذلك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.