عبد الهادي العراقي يقاطع محكمة غوانتانامو بسبب الحارسات

أعرب عن غضبه الشديد في جلسة الاستماع

مدخل معسكر غوانتانامو شديد الحراسة («الشرق الأوسط»)
مدخل معسكر غوانتانامو شديد الحراسة («الشرق الأوسط»)
TT

عبد الهادي العراقي يقاطع محكمة غوانتانامو بسبب الحارسات

مدخل معسكر غوانتانامو شديد الحراسة («الشرق الأوسط»)
مدخل معسكر غوانتانامو شديد الحراسة («الشرق الأوسط»)

رفض عبد الهادي العراقي المعتقل في غوانتانامو أن تقوم الحارسات النساء بالمعتقل باقتياده إلى جلسات المحكمة، مشيراً إلى أنه سيقاطع الجلسات التحضيرية لمحاكمته طواعية والبقاء في زنزانته إذا كان الحراس المكلفون باصطحابه واقتياده من المعتقل من النساء.
وقد أثار العراقي هذا الطلب بعد حادثة وقعت في يناير (كانون الثاني) الماضي بعد أن قامت حارسات من النساء بالمعتَقَل بتقييده واقتياده بالقوة إلى الجلسة الافتتاحية للجلسات التحضيرية، في أحد أيام الاثنين، حيث تبدأ عادة جلسات الاستماع في يوم الاثنين ببداية الأسبوع، ويتعين على المتهم حضورها شخصياً ليسأله القاضي مباشرة، إذا كان يفهم حقوقه ويدرك الإجراءات التي تجري في جولة جلسات الاستماع أم لا، ويتم تسجيل رد المعتقل في السجلات الرسمية.
وفي ذلك اليوم رفض العراقي أن تقوم الحارسات النساء باقتياده إلى جلسة المحاكمة في القاعة المخصصة داخل القاعدة العسكرية الأميركية، وعندما علم القاضي أَمَر بإحضاره إلى قاعة المحكمة، مشيراً إلى أن بإمكانه التغيبَ عن بقية الجلسات (إذا أراد ذلك طواعية وباختياره)، وقامت الحارسات من النساء باقتياده بالقوة وإجباره على ارتداء سترة خاصة لتقييد حركته، وتم اقتياده إلى القاعة.
وثارت ثورة عبد الهادي العراقي في ذلك اليوم، ونقل إلى فريق الدفاع عنه أن يتقدم بطلب إلى المحكمة بأن يكون له حق الاختيار في الحضور إلى قاعة المحكمة والغياب عن الجلسة إذا كان الحراس الذين يقتادونه من زنزانته إلى جلسة المحاكمة من النساء، سواء كان ذلك في اليوم الأول من جلسات الاستماع (التي يتحتم عليه حضورها لمواجهة القاضي) أو الجلسات الأخرى بقية الأسبوع. وأشار العراقي إلى أن معتقداته تحرم عليه لمس نساء غريبات.
وقد رفض ممثلو الادعاء والقاضي الكولونيل البحري بيتر روبن الاستجابة لطلب العراقي انطلاقاً من أن تحديد الحراس من الرجال فقط لاقتياد العراقي، سيُعدّ تمييزاً ضد النساء في الجيش الأميركي، خصوصاً أن الحارسات يقمن بواجباتهن، وهن موظفات عسكريات، ولديهن حقوق وواجبات.
وتزايد الجدل حول هذه النقطة، حيث أعرب الكابتن البحري كيفين سبنسر من فريق ممثلي الادعاء الذي يمثل حكومة الولايات المتحدة ضد العراقي عن أن السماح بتغيب العراقي عن حضور جلسات المحكمة (إذا كانت حارساته من النساء) قد يؤدي إلى الطعن في قرار المحكمة بإدانته (في حال الحكم بالإدانة) والتظلم بأنه لم يكن حاضراً للجلسات، وأنه تم إجباره على عدم حضور الجلسات، وبالتالي يتمكن من إعادة المحاكمة استناداً على ذلك.
ودافع الكابتن البحري جيف فيشر خلال الجلسة الصباحية، أمس، أن حضور الجلسات التحضيرية للمحاكمة أو التغيب عنها يعد حقاً أساسياً للمتهم، وأشار إلى أن العراقي (نشوان التامير)، من حقه الحصول على عذر لعدم حضور الجلسات إذا أراد.
في حين شدد «الكابتن البحري» كيفين سبنسر ممثل الادعاء على أن السماح للعراقي بهذا الأمر سيكون انتهاكاً للقواعد، وسيثير طلبات متعددة من بقية المعتقلين في غوانتانامو من المتهمين في هجمات 11 سبتمبر، للحصول على الحق ذاته، في عدم حضور الجلسات، إذا كان الحراس من النساء، وطالب سبايسر برفض النقاش في هذا الأمر.
وأشار إلى أن من حق المتهم التغيب لكن على أن يثبت في السجلات الرسمية أن غيابه عن الجلسة كان باختياره بشكل كامل، ودون أي إجبار.
من جانب آخر، أثار المحامي برنت روشفورث نقطة جدال أخرى، عندما أشار إلى نية الحكومة الأميركية الإبقاء على العراقي محتجزاً في غوانتانامو إلى الأبد بغض النظر عن نتائج المحكمة، والحكم الذي سيصدر.
وقال روشفورث: «من المهم لهذه اللجنة العسكرية وللولايات المتحدة أن تكون هذه المحاكمة لها مغزى، وأن توضح المحاكمة للعالم أن الإجراءات التي تتبعها المحاكمة تجري وفقاً للقانون وأحكامه».
وشدد رئيس فريق الدفاع على أن من حق المتهم أيضاً (مشيراً إليه دائماً باسم التامير) أن يعرف ما هو مصيره وقال: «الولايات المتحدة لها السلطة والحق في احتجاز التامير إلى الأبد، بغض النظر عما ستؤدي إليه هذه المحاكمة من نتائج».
وأضاف أن «احتفاظ الولايات المتحدة بحق احتجاز التامير (العراقي) إلى الأبد في معتقل غوانتانامو يمنعه من أن يكون له أي أمل في المستقبل»، مشيراً إلى ضبابية في موقف الولايات المتحدة، ويعرقل عمل فريق الدفاع عن التامير.
وتساءل المحامي قائلاً: «ماذا تريدون منا؛ أن ننصحه أن يقر بالذنب؟ هل تريدون منها أن ننصحه أن يتنازل عن حقوقه؟ لأننا لا نعلم كيف نجيبه عندما يسأل عن مصيره».
وأشار روشفورث إلى أن «التامير لو كان ماثلاً أمام محكمة فيدرالية في العاصمة واشنطن أو أي ولاية بالولايات المتحدة لاستطاع معرفة إذا كان سيقضي بقية حياته مسجوناً أم سيتم إطلاق سراحه»، وأكد أن «ضبابية هذه الرؤية تحرم المتهم من حقوقه الدستورية».
وطالب المحامي بأن تعلن الولايات المتحدة عن نيتها حول مصير العراقي بغض النظر عن نتائج المحاكمة.
وأوضح المحامي أنه يريد توضيح نيات الحكومة خلال الخمس سنوات أو العشر سنوات المقبلة. وشدد على أن الغرض من هذه المحاكمة ينتفي، ما لم يدرك المتهم مصيره خلال المحاكمة. وخلال الجلسة المسائية، أول من أمس، اتبع فريق الدفاع عن العراقي استراتيجية للتشكيك ما إذا كان عبد الهادي العراقي هو نشوان التامير، وهو الاسم الذي يصر المتهم وفريق دفاعه على استخدامه.
وأشارت الكوماندر إيمي كوبر إلى أن الولايات المتحدة، ربما قد اعتقلت الشخص الخطأ في القضية. وأوضحت الكوماندر كوبر أن عبء إثبات أن الرجل الملتحي الذي يشارك في جلسة الاستماع اليوم، ويدعي أن اسمه هو نشوان التامير، هو الشخص نفسه الذي تدعي حكومة الولايات المتحدة أنه الرجل نفسه في صحيفة الاتهام، الذي قام بهجمات في أفغانستان في الفترة من عامي 2002 و2004 ضد أهداف أميركية.
ورفضت الكوماندر كوبر الاستناد إلى شهادات معتقلين آخرين، مثل خالد شيخ محمد، لإثبات هوية العراقي كأحد قادة تنظيم القاعدة، وأشارت إلى أنه مثبت بالسجلات أنه قام بالكذب على المحققين، وأعطى معلومات مضللة لهم.
وأشارت إلى أن الاستعانة بالمتهم السعودي أحمد الدربي لتأكيد هوية العراقي لا يمكن الاعتداد بها، حيث تعرض للتعذيب، وشكَّكت في حالته الذهنية وما إذا كان تعرض لضغوط لتقديم شهادة حتى يحصل على حق الترحيل من غوانتانامو إلى المملكة العربية السعودية.
يُذكر أن الدربي، وهو سعودي الجنسية، قد أقر في فبراير (شباط) 2014 بارتكاب جرائم حرب، مقابل اتفاق أن يقوم بالتعاون مع حكومة الولايات المتحدة للشهادة في قضية العراقي وإثبات هويته.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.