واشنطن ترفع مستوى تمثيل الائتلاف السوري مع زيارة الجربا

الجربا عدها ضربة لـ«شرعية الأسد».. ومسؤول أميركي قال إنها خطوة في طريق الاعتراف

صورة وزعت أمس لعناصر من الجيش السوري الحر يعاينون موقعا في منطقة المناشر بحلب (رويترز)
صورة وزعت أمس لعناصر من الجيش السوري الحر يعاينون موقعا في منطقة المناشر بحلب (رويترز)
TT

واشنطن ترفع مستوى تمثيل الائتلاف السوري مع زيارة الجربا

صورة وزعت أمس لعناصر من الجيش السوري الحر يعاينون موقعا في منطقة المناشر بحلب (رويترز)
صورة وزعت أمس لعناصر من الجيش السوري الحر يعاينون موقعا في منطقة المناشر بحلب (رويترز)

تسعى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تقديم دعم سياسي ومعنوي للائتلاف السوري الوطني المعارض في وقت تعترف فيه بتقدم نظام الرئيس السوري بشار الأسد عسكريا. وتزامنا مع إجراء رئيس الائتلاف أحمد الجربا زيارته الأولى للولايات المتحدة منذ توليه رئاسة الائتلاف، أعلنت الإدارة الأميركية رفع مستوى تمثيل المعارضة السورية في أميركا من مكتب تمثيل عادي إلى بعثة أجنبية في العاصمة واشنطن.
وأفاد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أن «الموافقة على بعثة أجنبية يعد خطوة ولكن ليس بمثابة اعتراف بالائتلاف» كممثل شرعي وحيد للشعب السوري وبمثابة «حكومة في المنفى».
وكان الاعتراف بمكتبي الائتلاف في واشنطن ونيويورك على انهما «بعثة» أجنبية مطلبا أساسيا للائتلاف الوطني السوري منذ أكثر من عام، لما يشمله ذلك من حماية قانونية وتسهيلات في الدوائر الحكومية. وبينما وافقت دول مثل المملكة المتحدة وفرنسا على هذا المطلب في وقت سابق، ترددت الإدارة الأميركية. وبموجب «قانون البعثات الأجنبية»، وافقت إدارة أوباما على «بعثة أجنبية» للائتلاف ولكنها لن تكون «بعثة دبلوماسية» تتمتع بكافة الصلاحيات كغيرها من بعثات، مثل الحصانة الدبلوماسية. وأفاد مسؤول أميركي أن مبنى السفارة السورية في واشنطن لن يسلم إلى الائتلاف، بعد أن أغلقتها واشنطن في مارس (آذار) الماضي.
ومن المتوقع أن تفتح «البعثة الأجنبية» السورية، مكتبين أحدهما في واشنطن والآخر في نيويورك، غير أنه لم يعلن عمن سيترأسها.
وعد الجربا، في بيان، القرار الأميركي «خطوة مهمة في طريق سوريا الجديدة والاعتراف بها على المستوى الدولي»، لافتا إلى أن الإجراء الأميركي يشكل «ضربة دبلوماسية» لشرعية الأسد.
بينما قال مسؤول أميركي رفيع المستوى بأن الإجراء «خطوة باتجاه الاعتراف بالائتلاف»، مؤكدا أن زيارة الجربا إلى واشنطن ستشمل «إعادة التأكيد على دعم المعارضة المعتدلة وعدم شرعية نظام الأسد، بالإضافة إلى ضرورة معالجة الأزمة الإنسانية في البلاد وضرورة البحث عن حل سياسي» لسوريا. وأضاف المسؤول في تصريحات لمجموعة من الصحافيين أمس عبر دائرة مغلقة أن «الإدارة تعمل مع الكونغرس لتقديم سبعة وعشرين مليون دولار إضافية للمعارضة». وكرر المسؤول رفض الإدارة الأميركية الكلي للانتخابات الرئاسية الذي أعلن الأسد خوضها، قائلا: إن الانتخابات «تضعف كليا إطار جنيف»، في إشارة إلى بيان جنيف الذي بدأت على أساسه مفاوضات السلام بين النظام والمعارضة بداية العام الحالي وانهيارها بعد جولتين.
ووصل الجربا الليلة قبل الماضية إلى واشنطن، ويبقى مع وفد الائتلاف في واشنطن حتى 14 مايو (أيار) الجاري.
وفي غضون ذلك، قالت بهية مارديني المستشار الإعلامي للائتلاف الوطني بأن وفد المعارضة سيضم إلى جانب الجربا، العميد عبد الإله البشير، رئيس هيئة الأركان في الجيش الحر، والدكتور بدر جاموس، الأمين العام للائتلاف، وهادي البحرة، أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف، وانس العبدة، عضو الهيئة السياسية، ومنذر اقبيق، مدير الشؤون الرئاسية، بالإضافة إلى أعضاء الهيئة العامة في الائتلاف ميشيل كيلو وصلاح درويش.
وأضافت في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «برنامج الزيارة طويل وحافل ومهم ومن خلاله مؤتمرات صحافية»، وأشارت إلى أن الوفد سيعقد لقاءات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري وسوزان رايس مسشارة الأمن القومي الأميركي، إضافة إلى لقاءات مع أعضاء في الكونغرس بما فيهم لجان العلاقات الخارجية والخدمات المسلحة، وقادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي وزيارات لمراكز أبحاث وإحدى الجامعات الأميركية.
ومن جهته، قال عضو الائتلاف الوطني المعارض وممثله في أميركا، نجيب الغضان لـ«الشرق الأوسط» بأن «مسؤولين أميركيين أبلغوا قيادات في معارضة أنه سيجري خلال زيارة الجربا إلى واشنطن الإعلان عن تقديم دعم عسكري لكتائب المعارضة المعتدلة من قبل الإدارة الأميركية»، من دون أن يفصح عن طبيعة هذا الدعم ومستواه.
وبحسب ممثل الائتلاف المعارض في أميركا نجيب الغضبان فإن وجود رئيس هيئة الأركان في الجيش الحر في عداد الوفد «سيساعد في الدخول بقضايا ميدانية تفصيلية وإطلاع المسؤولين في الولايات المتحدة على المجريات الحقيقية لما يحدث في سوريا». كما شدد على أن «وفد المعارضة سيطالب الأميركيين بتقديم سلاح نوعي يغير الميزان العسكري على الأرض مثل مضادات الطيران والدروع».
من جهة أخرى، قال أسعد مصطفى وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، بأنه سيعرض مع قادة عسكريين وميدانيين، مؤتمر صحافي اليوم (الثلاثاء) دلائل جديدة على استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي.
وقال: إن الهدف «التأكيد على أن النظام استخدم مرات كثيرة الغازات السامة ضد المدنيين في عدة مناطق في سوريا مرتكبا جرائم أخرى أشد من الجرائم السابقة بعد التزامه بتسليم الكيماوي وانضمامه لاتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيماوية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».