تجربة زولا... اللاعبون الكبار ليسوا بالضرورة مدربين بارزين

المسيرة المتواضعة للنجم الإيطالي الشهير في عالم التدريب تنتهي بإقالته من منصب المدير الفني لبرمنغهام

زولا كان يمني النفس بالنجاح في برمنغهام لكن تجربته انتهت بالفشل
زولا كان يمني النفس بالنجاح في برمنغهام لكن تجربته انتهت بالفشل
TT

تجربة زولا... اللاعبون الكبار ليسوا بالضرورة مدربين بارزين

زولا كان يمني النفس بالنجاح في برمنغهام لكن تجربته انتهت بالفشل
زولا كان يمني النفس بالنجاح في برمنغهام لكن تجربته انتهت بالفشل

رحل الإيطالي جيانفرانكو زولا عن منصب المدير الفني لنادي برمنغهام سيتي الأسبوع الماضي «بكرامة»، حسب إحدى الصحف المحلية. واعترف زولا بالآثار المترتبة عن تحقيق انتصارين فقط خلال 24 مباراة تولى خلالها قيادة الفريق. ونال المدير الفني الإيطالي بعضا من الثناء بسبب خروجه لتوضيح تفاصيل ما حدث بدلا من التسلل من الباب الخلفي. كانت الطريقة التي رحل بها زولا عن الفريق تتناسب مع مسيرته الكروية الرائعة التي امتدت على مدار 20 عاما انتقل خلالها من لاعب هاو في مسقط رأسه بسردينيا إلى المجد مع نابولي وبارما وتشيلسي وخاض 35 مباراة دولية مع منتخب إيطاليا.
لقد كان الجميع يعشق زولا عندما كان لاعبا بسبب المهارات الفذة التي كان يمتع بها جمهور كرة القدم في العالم، ولا يمكن أن ننسى أبدا الهدف الرائع الذي أحرزه في مرمى نوريتش سيتي في كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2002. ناهيك عن ولائه الكبير الذي تجسد في عودته لنادي سردينيا لمدة موسمين لكي يقود الفريق للعودة إلى الدوري الإيطالي الممتاز، قبل أن ينهي مسيرته الكروية بهدفين رائعين في مرمى نادي يوفنتوس.
كان زولا لاعبا يجمع بين مهارة ليونيل ميسي وديفيد سيلفا، حيث كان يتحكم في الكرة بصورة رائعة ولديه قدرة فائقة للقيام بكل ما هو غير متوقع بشكل يجعله يمر في أضيق المساحات ويخدع أقوى المدافعين. وكانت اللمحات المهارية الرائعة التي يظهرها داخل المستطيل الأخضر تجعل جميع عشاق كرة القدم يستمتعون للغاية، بغض النظر عن كونهم يشجعون الفريق الذي يلعب له أم لا. لقد أضفى جيانفرانكو زولا السعادة على الأندية التي لعب لها خلال مسيرته كلاعب.
وفي بداية الأسبوع الماضي، قرر زولا الرحيل عن ملعب نادي برمنغهام سيتي بعد أن باتت جملة «زولا يجب أن يرحل» تتردد في أذنيه، وبالتحديد بعد خسارة فريقه على ملعبه أمام بورتون ألبيون المتواضع والذي يصارع من أجل البقاء في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي. وقال زولا إنه «أقال نفسه» بعد أربعة أشهر غير سعيدة بالمرة، قاد خلالها المدير الفني الإيطالي برمنغهام وهو في المركز السابع في جدول ترتيب دوري الدرجة الأولى الإنجليزي وتركه وهو في المركز العشرين وعلى بعد ثلاث نقاط فقط من منطقة الهبوط.
وكان زولا قد تولى قيادة الفريق في ديسمبر (كانون الأول) عقب إقالة المدير الفني الشهير غاري رويت، في تغيير نابع من رغبة مالك النادي الجديد، بول سوين شو هونغ، في تحسين الأداء والنتائج. وكان رويت مدافعا قويا ونجح في تحقيق بداية قوية في مسيرته بعالم التدريب مع نادي بورتون. وعقب توليه قيادة برمنغهام في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 نجح في قيادة الفريق من المركز الحادي والعشرين إلى المركز العاشر في نهاية الموسم الأول. وبعد أشهر قليلة ونجاحه في الصعود بالنادي لمراكز أعلى، أقيل من منصبه.
وفي المقابل، جاء زولا إلى النادي ولديه سجل قياسي في الفشل المتوالي منذ دخوله عالم التدريب عام 2008. في البداية، تولى المدير الفني الإيطالي قيادة نادي وستهام بعقد يمتد لمدة أربعة أعوام، لكنه رحل عن النادي بعد 12 شهرا بعدما أصبح الفريق في المركز السابع عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. وبعد ذلك، تولى قيادة واتفورد ووصل بالفريق للمباراة الفاصلة للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه أقيل من منصبه بعد خمس هزائم متتالية في بداية الموسم التالي. وعاد زولا إلى إيطاليا عبر بوابة كالياري هذه المرة، لكنه لم يستمر مع الفريق سوى شهرين ونصف الشهر قاد خلالها الفريق في 10 مباريات. وفي نهاية الموسم الذي قضاه مع نادي العربي القطري طُلب منه الرحيل بعدما أصبح النادي في المركز الثامن في بطولة الدوري التي تضم 14 فريقا.
إن فشل زولا في مجال التدريب خلال العقد الأخير يلقي الضوء على الصعوبات التي يواجهها كثير من أفضل لاعبي العالم الذين يعتقدون أنه بإمكانهم النجاح بالصورة نفسها في عالم التدريب.
ويتضح ذلك جليا في مسيرة عدد من أفضل لاعبي الساحرة المستديرة عبر تاريخها، بدءا من البرازيلي زيكو وفشله مع نادي كاشيما أنتلرز الياباني عام 1999 وإف سي غوا عام 2016. ومسيرته التدريبية المتواضعة مع ثمانية أندية ومنتخبين (اليابان والعراق)، مرورا ببوبي تشارلتون وهبوطه مع نادي بريستون نورث إند عام 1974. وصولا إلى المسيرة التدريبية السيئة للهولندي رود خوليت، بعد بدايته الواعدة مع تشيلسي، في كل من نيوكاسل وفينورد ولوس أنجليس غالاكسي، وحتى مع نادي تيريك غروزني. ولا يجب أن ننسى أيضا المسيرة التدريبية المتواضعة لأسطورة كرة القدم الأرجنتينية والعالمية دييغو أرماندو مارادونا مع نادي مانديو دي كورينتس الأرجنتيني ونادي راسينغ ونادي الوصل (حقق 10 انتصارات من 55 مباراة مع تلك الأندية)، وكذلك تجربة ميشال بلاتيني مع منتخب فرنسا وخروجه من دور المجموعات في كأس الأمم الأوروبية 1992.
ويتزامن رحيل زولا مع إصدار كتاب جديد للكاتب إيان هيربيرت عن المدير الفني الأسطوري لنادي ليفربول بوب بيزلي، الذي فاز بكأس الاتحاد الأوروبي ثلاث مرات والدوري الإنجليزي ست مرات مع ليفربول. ووصف الكتاب بيزلي بأنه «أعظم مدير فني في كرة القدم البريطانية». وعلى عكس مديرين فنيين كبار مثل تشابمان وفيرغسون وبرايان كلوف الذين نجحوا مع أكثر من ناد، كان بيزلي محظوظا لأنه تسلم قيادة ليفربول من بيل شانكلي عام 1974 ولديه الأساس المتين الذي يمكنه أن يبني عليه. لكن من بين الفقرات التي لا تنسى في هذا الكتاب تلك الفقرة التي تصف النجاح الذي حققه بيزلي في مركز الجناح المهاجم عندما لعب 253 مباراة مع ليفربول خلال الفترة بين عامي 1939 و1954. وقالت تلك الفقرة إنه كان يقدم كرة قدم شاملة وسلسلة تتسم بالقوة والمتعة لكونه كان مهاجما.
ويجب أن نشير أيضا إلى أن شانكلي كان جناحا هو الآخر، والأمر نفسه ينطبق على كل من بيل نيكلسون وجوي ميرسر، في حين كان ألف رامسي مدافعا وكان مالكوم أليسون لاعب خط وسط. وإذا نظرنا إلى أول عشرة أندية في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز الآن لوجدنا أن خمسة من المديرين الفنيين الذين يقودون هذه الأندية كانوا لاعبي خط وسط أو مدافعين، (أنطونيو كونتي وجوسيب غوارديولا وجوزيه مورينيو وكلود بويل وولتر ماتزاري)، وكان ثلاثة مديرين فنيين مدافعين (ماوريسيو بوكتينيو ورونالد كومان وتوني بوليس)، ومدير فني واحد كان مهاجما تحول لمدافع (يورغن كلوب)، وآخر كان لاعب خط وسط تحول لمدافع (آرسين فينغر). وحتى نصل للمركز الحادي عشر في جدول الترتيب لن نجد مديرا فنيا كان يلعب مهاجما.
هناك بالطبع بعض الاستثناءات - لكنها ليست كثيرة - مثل مات بسبي، الذي كان يلعب كجناح ولكن بقدرات وفنيات صانع ألعاب، وكذلك تيري فينابلز وغلين هودل. وربما يكون المدير الفني الحالي لريال مدريد زين الدين زيدان مثالا آخر على ذلك، حيث حقق نجاحا كبيرا مع النادي الملكي وتأهل للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا على حساب بايرن ميونيخ الألماني، بغض النظر عن أداء التحكيم في تلك المواجهة.
ويبدو السبب وراء فشل اللاعبين العظماء في عالم التدريب في أن هؤلاء اللاعبين الأفذاذ لديهم رؤية داخل الملعب تستند على مجموعة من الغرائز التي يكون من المستحيل تعليمها ونقلها للآخرين. وما حدث مع زولا لا يقلل منه كقيمة كبيرة في عالم كرة القدم ولكن يثبت أنه لاعب عظيم يملك من القدرات والفنيات ما لا يمكن ترجمته ونقله للآخرين.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».