سامح شكري لـ «الشرق الأوسط» : واشنطن تتفق مع القاهرة في رؤيتها الشاملة لمكافحة الإرهاب

وزير الخارجية المصري: اتفقنا مع السودان على علاقة استراتيجية... ولدينا آلية تشاور مع إثيوبيا كل شهرين

سامح شكري
سامح شكري
TT

سامح شكري لـ «الشرق الأوسط» : واشنطن تتفق مع القاهرة في رؤيتها الشاملة لمكافحة الإرهاب

سامح شكري
سامح شكري

أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري في حوار خاص «لـ«الشرق الأوسط» على أهمية إنهاء الصراعات التي تعاني منها المنطقة العربية وفي مقدمتها ما يحدث في سوريا, وما تعاني منه ليبيا واستعادة الاستقرار لليمن, مشيرا إلى أن هناك إمكانية لمحاصرة الإرهاب من خلال الأجهزة الاستخباراتية الضخمة لدى الدول الغربية بحيث لا تقتصر فقط على العمليات العسكرية.
وقال شكري إن المصانع التي تمد التنظيمات الإرهابية ببعض العتاد والأدوات معروفة وحتى الجهات التي تدعمها بالمال والتعليمات, داعيا إلى تعاون جاد وفعال في هذا المجال. ولفت إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة تتفق مع الرؤية المصرية والعربية لمكافحة الإرهاب وفق منظومة شاملة, كما تحدث عن الوضع الإقليمي في المنطقة, وضرورة احتكامه للضوابط والأسس التي تمنع التدخلات وإعطاء الفرص لشعوب الدول التي تعاني من الصراع لحسم وحل مشكلاتها.
* هل ترى بوادر للحل في اليمن؟
- بالتأكيد نحن نرصد الكثير من الحراك على مستوى المبعوث الأممي والدول الفاعلة وفقا لمحددات وأسس متفقين عليها مثل دعم الشرعية ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وبالتالي تكثيف التواصل والحوار والعمل من خلال المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ.
* انطلاقا من مكافحة الإرهاب هل من جديد على خلفية ما حدث في كنيستي طنطا والإسكندرية بالنسبة للدول الراعية للإرهاب؟
- من دون شك فإن موقفنا لم يتغير بالنسبة للأسلوب الشامل لمقاومة الإرهاب وضرورة أن نتعامل مع التنظيمات الإرهابية بنفس الجدية ونتناول كل القضايا المرتبطة بالتمويل والدعم والظروف السياسية, لكن بالتأكيد هناك مسؤولية ونحن نرى اتساع رقعة الإرهاب لأن ما تم من جهد دولي لم يؤد إلى انحصار للإرهاب باستثناء ما تم في العراق مؤخرا, بيد أن الأوضاع في سوريا وليبيا معقدة وهناك انتشار للجماعات الإرهابية في القارة الأفريقية بالإضافة إلى تكرار الأعمال الإرهابية في الساحة الأوروبية وفي مصر وسيناء وكلها دليل على استمرار هذه التنظيمات الإرهابية في الاستهداف وفي الانتشار واختلاف أسلوب عملها, من هنا على المجتمع الدولي أن ينظر للأمر بمصداقية فلا يعقل أن ما تتلقاه هذه التنظيمات من أسلحة ومعدات وموارد بعيد عن الأجهزة الاستخباراتية الغربية, المعروفة بتطورها ولا تعلم من وراء هذا الدعم لأن الضربات العسكرية محددة, وبالتالي إذا كانت هناك عزيمة دولية حقيقية لمكافحة الإرهاب فيجب البدء في تحديد كيفية حصول هذه التنظيمات على العتاد والأسلحة المتطورة, وحتى العربات المعروف ماركاتها ومصانعها وليس من المعقول أن تكون كل هذه الأجهزة الاستخباراتية عاجزة عن تتبع كل هذه الخيوط وعدم تحديد الجهات والدول وهذا أمر مهم حتى تكون هناك مصداقية لمن يقول: إنه يكافح الإرهاب.
* الرئيس عبد الفتاح السيسي زار أميركا ماذا تتوقعون من ترمب وكيف ترى السياسة الأميركية الجديدة؟
- السياسية الأميركية ما زالت في طور بلورة مواقفها لأننا قمنا بالزيارة بعد تولي ترمب في فترة وجيزة, ولكن هناك محددات بالنسبة لمقاومة الإرهاب والقضاء عليه, تتوافق مع الرؤية المصرية والعربية, وأيضا فيما يتعلق باستمرار المنطقة والاعتماد على الدول العربية للاضطلاع بمسؤولياتها في تحقيق الاستقرار الإقليمي, كما أن العمل مع أميركا هو عمل مؤسساتي قائم منذ أربعة عقود, ومتعدد الأوجه والمجالات, وقد جرى حوار صريح حول العلاقة الثنائية ومكوناتها وكيفية دعم التوجهات المصرية الاقتصادية, كما كان هناك تفهم كبير من قبل واشنطن, وإدراكها أنها تسير في المنحى السليم والذي يستحق الدعم الأميركى.
* هل تستمر مصر في محاولات جمع الأطراف الليبية الثلاثة؟
- مصر لم تتوقف وهي مستمرة, وتعمل منذ عام مع الأطراف وساهمت معهم في وضع خريطة طريق, عبر حوار معهم وهناك ثلاث مؤسسات، هي المجلس الرئاسي, ومجلس النواب, ومجلس الدولة, للاتفاق من خلال اللجنة للتوافق على صياغة التعديلات المطلوبة على اتفاق الصخيرات ومن ثم السير نحو إقرار مؤسسات الدولة وهذا الجهد متواصل ومستمر مع كل القيادات الليبية التي تأتي للقاهرة مع الأجهزة المصرية حتى تثمر في المستقبل القريب.
* ما أسس التعامل مع الدول الإقليمية من أجل إقامة علاقات طبيعية معها؟
- نحن نسعى دائما لإقامة علاقات طبيعية ولكن وفق أسس وضوابط محددة, وهي عدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل لسيادة للدول وعدم اللجوء إلى التأثير لخدمة مصالح سياسية, وعدم دعم التنظيمات التي تدعم الإرهاب وتقوض الإرادة الشعبية.
* كنت في الخرطوم منذ أيام كيف ترى نتائج هذه الزيارة؟
- هي نتائج إيجابية, واتفق على اعتماد آلية الحوار السياسي والتي أتاحت فرصة لاستعراض شامل للعلاقات الثنائية, ومراجعة ما أسفر عن نتائج اجتماعات اللجنة العليا المشتركة, من اتفاقيات وكيفية زيادة وتيرة العمل المشترك وإزالة أي عقبات تعترض التنفيذ الكامل وقد بحثنا الأوضاع الإقليمية, وحتى في العلاقات الثنائية أحيانا يعتريها سوء الفهم أو التقدير والانزلاق للأسف من بعض وسائل الإعلام, ما يخرج عن السياق الطبيعي للعلاقة وروابط الصداقة والأخوة التي تربط الشعبين.
* هل تم طي صفحة الماضي؟
- نحن أكدنا التزامنا بالعلاقة الاستراتيجية التي تفوق العلاقة الخاصة وليس لنا أي مصلحة إلا مصلحة الشعبين المصري والسوداني وأكدنا أن مصر لا تتآمر على أحد ولا تتدخل في شؤونه.
* هل طالبت الخرطوم بشيء محدد؟
- طالبوا وطالبنا, أن نزداد صلة وقربا وتنسيقا, وأن تكون وتيرة اللقاءات أفضل حتى تنعكس على طبيعة العلاقة, وحتى يفهم الرأي العام أن هناك طرحا للأمور بكل صراحة وشفافية يقتضيها عمق العلاقات.
* العلاقات مع إثيوبيا أيضا تتحسن بعد زيارة مسؤولين رفيعين للقاهرة... هل أنتم راضون عن المستوى الحالي؟
- بالتأكيد نقل وزير الخارجية الإثيوبي رسالة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من رئيس وزرائه, وكان هناك تأكيد على تلبيته للدعوة الموجهة إليه من الرئيس السيسي لزيارة مصر, وكانت هناك فرصة للحوار والمكاشفة والصراحة تم في الحوار فيما بيننا حول أهمية العلاقة المصرية الإثيوبية والتي تقوم على مبدأ الاحترام وعدم التدخل والمصالح المشتركة وقد أكد الوزير الإثيوبي بشكل علني عدم التوجه بأي شكل من الأشكال للإضرار بالمصالح المصرية, ونحن أكدنا له اهتمامنا البالغ بجهود إثيوبيا التنموية بل واستعدادنا للمشاركة فيها من خلال الاستثمارات المصرية, ودفع الكفاءات والقدرات بما لدينا من مجالات وقدرة في هذا الشأن واتفقنا على الحوار والتواصل ووجود آلية مستمرة للقاء كل شهرين حتى لا تترك الأمور لسوء الفهم أو التقدير يجعلنا ننساق في تكهنات ليست سليمة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».