حدد القضاء التونسي موعد انطلاق محاكمة المتهمين في الهجوم الإرهابي على منتجع سياحي في مدينة سوسة ليوم 26 مايو (أيار) المقبل، وقال سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، إن «المحاكمة المتعلقة بالاعتداء على فندق (إمبريال مرحبا) ستبدأ في 26 مايو المقبل».
ووجهت التهمة إلى 33 تونسيا في الهجوم الإرهابي الذي استهدف المنطقة السياحية بسوسة الذي وقع يوم 26 يونيو (حزيران) 2015، وخلف 38 قتيلا، بينهم نحو 30 سائحا بريطانيا. ومن بين المتهمين ستة من رجال الأمن التونسي متهمين بعدم مساعدة شخص في حالة خطرة.
وإثر مرور نحو سنتين من إغلاق الفندق الذي تعرض للهجوم الإرهابي، أعيد فتحه أمام النشاط السياحي يوم 18 أبريل (نيسان) الحالي، وقالت التونسية زهرة إدريس، مالكة الفندق الذي تأسس عام 1994، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكن أن ننسى. يوم أعدنا فتح الفندق كان الضحايا وعائلاتهم في أذهاننا. لكن شعورا بالأمل والثقة في الحياة شجّعنا على الانطلاق من جديد».
وبقي الفندق مغلقا نحو 18 شهرا، وأنفقت صاحبته نحو 6 ملايين دينار (أكثر من مليوني يورو) ليكتسي حلة جديدة. وتضيف قولها: «عملنا على تغيير كل شيء تقريبا، الألوان والأثاث والديكور والحديقة، لكي نشعر بأننا نولد من جديد. واختارت الإدارة الجديدة للفندق اسم (ستينبيرجر خليج القنطاوي) عوضا عن اسم فندق (إمبريال)».
وكشف هادي المجدوب، وزير الداخلية التونسية، عن منع السلطات الأمنية منذ 2012 أكثر من 27 ألفا من الشبان التونسيين المشتبه بهم من السفر إلى مناطق النزاعات المسلحة في الخارج. واعتبر أن منع المشتبه بهم من السفر من أهم الحلول التي اعتمدتها الداخلية التونسية للحد من سفر الشباب إلى بؤر التوتر والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية.
وتمكنت أجهزة الأمن التونسي في 2016 من تفكيك 245 خلية تسفير للشباب إلى بؤر التوتر خارج تونس، بينما كان العدد في حدود مائة خلية فحسب في 2013، كما أوقف الأمن 517 عنصرا متورطا في هذه الخلايا.
وأفاد المجدوب، في جلسة استماع أمام لجنة تحقيق برلمانية حول شبكات التسفير المتورطة في تجنيد تونسيين للقتال في الخارج، بأن ليبيا المجاورة شكلت أبرز وجهة استقطاب للعناصر الإرهابية التي قررت الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وذلك قبل انتقالهم لاحقا إلى تركيا ومن هناك إلى سوريا.
وعاد إلى تونس نحو 800 إرهابي، وقد أودعت وزارة الداخلية التونسية 190 منهم في السجون، ووضعت 137 إرهابيا رهن الإقامة الإجبارية، كما صفت أجهزة الأمن جسديا نحو 55 إرهابيا في مواجهات مسلحة، إثر عودتهم إلى تونس، فيما يخضع البقية للمراقبة الإدارية والمتابعة الأمنية.
وقدم وزير الداخلية التونسية معطيات تفصيلية مهمة حول الإرهابيين التونسيين في الخارج، فأكد أن عددهم مقدر بنحو ثلاثة آلاف عنصر؛ 60 في المائة منهم في سوريا، و30 في المائة في ليبيا المجاورة، فيما تتوزع البقية على عدة بؤر توتر. ومن بين العدد الإجمالي للعناصر الإرهابية هناك 90 في المائة من الذكور، و10 في المائة من الإناث. ولقي نحو 760 إرهابيا تونسيا حتفهم في المعارك المسلحة الدائرة في بؤر التوتر.
أما عن توزيعهم حسب الفئات العمرية، فإن ما لا يقل عن 1148 إرهابيا تتراوح أعمارهم بين 29 و39 سنة، فيما يقدر عدد من تتراوح أعمارهم بين 24 و28 سنة، نحو 953 عنصرا إرهابيا.
على صعيد متصل، كشف سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أن القضاء التونسي فصل في 1430 قضية تتعلق بجرائم إرهابية، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2017. وأكد خلال يوم إعلامي حول «جهود تونس الأمنية وآليات التصدي للإرهاب والتطرف» نظمته أمس وزارة الداخلية التونسية بالتعاون مع وزارة الخارجية، أن 2252 قضية تمت إحالتها إلى دوائر الاتهام في تونس. وأشار السليطي إلى أن ما لا يقل عن 3317 محضرا أحيلت إلى النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب منذ تركيزه.
وبشأن ملف الإرهابيين التونسيين العائدين من بؤر التوتر، فقد أكد السليطي تطبيق تونس القانون في هذا المجال، وهو ما أفضى إلى إحالتهم مباشرة إلى القضاء، وذلك وفق ما تنص عليه أحكام قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال المصدق عليه سنة 2015 الذي يجرم السفر للانضمام إلى المجموعات الإرهابية.
وأعلنت تونس خلال بداية هذه السنة، عن استراتيجية وطنية لمقاومة الإرهاب والتطرف سيقع تنفيذها قبل نهاية السنة الحالية، وهي تشمل خططا لإدماج العائدين من مناطق النزاعات بعد عرضهم على أنظار القضاء، إلا أن عدة أحزاب سياسية ومنظمات من المجتمع المدني وهياكل نقابية تمثل المؤسسة الأمنية ترفض عودتهم بصفة قطعية، ونادى البعض منهم بسحب الجنسية التونسية منهم ومحاكمتهم فوق أرض النزاع وقضاء مدة سجنهم هناك.