قرَّرَت الحكومة الموريتانية أنها ستنظم استفتاء شعبياً يوم 15 يوليو (تموز) المقبل، ستعرض خلاله تعديلات دستورية تتضمن تغيير العلم الوطني، وإلغاء مجلس الشيوخ وإنشاء مجالس جهوية للتنمية، بالإضافة إلى إلغاء محكمة العدل السامية التي تختص بمحاكمة رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين في الحكومة.
وجاء تحديد موعد الاستفتاء الشعبي خلال اجتماع عقدته الحكومة الموريتانية بالقصر الرئاسي في نواكشوط، واستمر لعدة ساعات أول من أمس (الخميس)، واختتم بإصدار بيان أعلن أن الحكومة «صادقت على مشروع مرسوم يحدد الإجراءات العملية لتنظيم استفتاء 15 يوليو 2017».
وأوضحت الحكومة الموريتانية في بيانها أن المرسوم الجديد «يهدف إلى تحديد الإجراءات العملية لتنظيم استفتاء 15 يوليو 2017 حول مشروع القانونين الدستوريين الاستفتائيَيْن القاضيين بتعديل دستور 20 يوليو 1991»، ويتعلق المشروعان المذكوران بمراجعة المادة 08 من الدستور من أجل (تحسين العلم الوطني)، ومراجعة بعض الأحكام الدستورية المتفرقة كإلغاء مجلس الشيوخ ومحكمة العدل السامية وإنشاء المجالس الجهوية».
وكانت الحكومة الموريتانية قد قررت نهاية شهر مارس (آذار) الماضي إجراء استفتاءين متزامنين، أحدهما يتم فيه التصويت على تغيير العلم الوطني، بينما يتم التصويت في الآخر على بقية التعديلات الدستورية، وهو الإجراء الذي اقترحته أطراف سياسية في الأغلبية الحاكمة تعتقد أن تغيير العلم سيكون محل رفض واسع من الموريتانيين، وبالتالي فصله سيعطي فرصة للتصويت بـ«نعم» على بقية التعديلات.
وقد بدأت السلطات الموريتانية إجراءات تحضيرية لتنظيم الاستفتاء الشعبي، وهو أول استفتاء شعبي من نوعه في البلاد منذ أن وصل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى الحكم في انقلاب عسكري عام 2008، وفوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2009، إذ إن آخر استفتاء شعبي على تعديل الدستور ينظم في موريتانيا يعود إلى عام 2006، أي بعد عام واحد من الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع، وهو الذي حكم موريتانيا لأكثر من عشرين عاماً.
وشهدت موريتانيا تعديلات دستورية عام 2011، ولكنها مَرَّت عبر مؤتمر برلماني، وهو خيار تمنحه المادة 99 من الدستور الموريتاني لرئيس الجمهورية، فبدل اللجوء للاستفتاء الشعبي المباشر يمكنه عرض أي تعديل دستوري على مؤتمر مشترك لغرفتي البرلمان (الشيوخ والنواب)، يصوتون بشكل سري على أي مشروع لتعديل الدستور صادر من طرف رئيس الجمهورية.
ولكن التعديلات الحالية أثارت الكثير من الجدل، خصوصاً فيما يتعلق بالإجراءات التي اتبعتها السلطات، إذ إن الدعوة للاستفتاء الشعبي تَمت عبر المادة 38 من الدستور الموريتاني، وهي مادة من خارج «باب مراجعة الدستور»، وبالتالي اعتبرت المعارضة أنه لا يمكن من خلالها إجراء أي تعديل دستوري، وهو ما تنفيه الأغلبية التي تؤكد أن المادة 38 «تعطي لرئيس الجمهورية الحق في أن يستشير الشعب في أي قضية ذات أهمية وطنية»، وفق ما تنص عليه المادة.
وتعيش موريتانيا على وقع جدل قانوني ودستوري محتدم، وهو الجدل الذي ارتفع أكثر عندما أصرَّ الرئيس ولد عبد العزيز على عرض مشروع تعديل الدستور على الاستفتاء الشعبي، بعد أن أسقطه مجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان، فيما قال المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في البلاد، إن ما قام به ولد عبد العزيز عندما لجأ إلى تأويل المادة 38 من الدستور «للالتفاف» على تصويت الشيوخ هو «انقلاب دستوري».
ويأتي هذا الاستفتاء الشعبي في ظل أزمة سياسية خانقة تعيشها موريتانيا منذ عدة سنوات، إذ تعثرت محاولات تنظيم حوار وطني تشارك فيه مختلف أطراف المشهد السياسي في البلاد، ووصل خطاب التصعيد إلى ذروته بين معسكري المعارضة والموالاة.
من جهة أخرى، يأتي هذا الاستفتاء الشعبي في الثلث الأخير من المأمورية الثانية للرئيس محمد ولد عبد العزيز، وهي آخر مأمورية يمنحها له الدستور الحالي، وسبق أن أكد عدة مرات أنه لا ينوي تعديل الدستور من أجل الترشح لمأمورية رئاسية ثالثة.
تعديلات على دستور موريتانيا أمام استفتاء في 15 يوليو
أثارت كثيراً من الجدل... والمعارضة اعتبرتها «انقلاباً دستورياً»
تعديلات على دستور موريتانيا أمام استفتاء في 15 يوليو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة