مطالب بمنع تدخل الحكومة في توجيه مسار الانتخابات الجزائرية

أحزاب ترفع شكاوى بعد توظيف المساجد في حملة الاقتراع

جزائري ينظر إلى ملصق لمرشحين في انتخابات البرلمان وسط العاصمة (أ.ب)
جزائري ينظر إلى ملصق لمرشحين في انتخابات البرلمان وسط العاصمة (أ.ب)
TT

مطالب بمنع تدخل الحكومة في توجيه مسار الانتخابات الجزائرية

جزائري ينظر إلى ملصق لمرشحين في انتخابات البرلمان وسط العاصمة (أ.ب)
جزائري ينظر إلى ملصق لمرشحين في انتخابات البرلمان وسط العاصمة (أ.ب)

رفعت أحزاب ومرشحون لانتخابات البرلمان الجزائرية شكوى إلى «الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات»، تطالبها بمنع تدخل وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى في توجيه مسار الاستحقاق.
وخضع الآلاف من أئمة المساجد أمس في خطبة الجمعة لأوامر صارمة من عيسى، تتعلق بالهجوم على معارضين يطالبون الناخبين بمقاطعة الاقتراع، الذي تدخل غدا حملته الأسبوع الثاني.
وتلقى رئيس «الهيئة» عبد الوهاب دربال احتجاجا من «حزب السلام»، يتحدث عن «تورط وزارة الشؤون الدينية في خرق المادة 184 من قانون الانتخابات»، التي تمنع إقحام أماكن العبادة في الدعاية الانتخابية. وطالب الحزب المشتكي من دربال بـ«تفعيل دوركم بصفتكم سلطة مستقلة ملزمة بفرض تطبيق القانون على الجميع، مهما كانت المناصب والمسؤوليات». مشيرا إلى أن الوزير عيسى «أقحم أئمة المساجد في الدعاية الانتخابية بمناسبة خطبة الجمعة، لذا نرجو منكم اتخاذ التدابير اللازمة احتراما لسيادة القانون وحفاظا على هيبة مؤسسات الدولة».
وأبدت أحزاب إسلامية وأخرى تنتمي لما يسمى «التيار الديمقراطي»، استياء من التصرف الذي بدر من عضو الحكومة، المكلف بقطاع الدين.
وذكر عيسى في أوامره التي بلغت للأئمة مكتوبة أن «الدعوات التي يطلقها هؤلاء وأولئك، في مختلف الفضاءات لمقاطعة الانتخابات التشريعية، ستلقى بلا شك من فرسان المنابر سادتنا الأئمة العلماء المواجهة العلمية الشرعية». كما طالبهم بـ«الوقوف ضد الأطراف المشبوهة التي تهدف إلى تعطيل المسار الانتخابي»، و«حث الشعب الجزائري السيد على المشاركة الإيجابية الحرة في هذا المسار الوطني، استكمالا لكل الجهود والإصلاحات المبذولة في تنمية الوطن وخدمة المواطن».
وينتظر أن يسأل دربال من طرف الصحافة، في أول مناسبة يظهر فيها أثناء استمرار مجريات الحملة الانتخابية.
ويمنح القانون الذي استحدث «الهيئة» (آلية تضمنتها المراجعة الدستورية التي جرت العام الماضي)، رئيسها وأعضاءها الـ400 (نصفهم قضاة)، حق ردع أي انحراف قد يحدث خلال العملية الانتخابية. لكن بما أن «الهيئة» برئيسها وأعضائها تتبع للحكومة، ولا تحمل من كلمة «مستقلة» إلا العنوان، فإنه يستبعد أن تأخذ موقفا سلبيا من وزير الشؤون الدينية. وتضع حادثة «الأئمة والدعاية للانتخابات»، الإسلامي المعارض سابقا دربال على المحك، وتختبر مدى صدق تصريحات سابقة تعهد فيها بالاستقالة، إذا تبين أن شروط النزاهة غائبة عن الانتخابات.
وقال عدة فلاحي، برلماني ومستشار وزير الشؤون الدينية سابقا، إن «تعليمات عيسى إلى الأئمة جاءت في ربع الساعة الأخير، وقد تسببت فعلا في إفساد العلاقة بين المواطن والإمام، والسؤال هو هل الإمام مخير أم مسير في تطبيق هذه التعليمات؟ إذ هو نفسه غير مقتنع بها، وقد جعلت منه فارسا للمنبر، وهو في الحقيقة والواقع رهينة للبيروقراطية والابتزاز من طرف بعض مديري الشؤون الدينية بالولايات؟».
وذكر فلاحي، الذي أقاله الوزير بسبب كثافة تصريحاته للإعلام، أنه «كيف يكون الإمام فارسا وفي بعض الأحيان لا يتلقى حتى راتبه الشهري الزهيد في وقته؟ بل ولا بد له من الغدو والرواح إلى مقر الإدارة لتسوية وضعيته الإدارية والمالية، الأمر الذي يضطره إلى تقديم رشوة للإداري المتسلط... فكيف يكون فارسا في بعض المواسم والمحطات فقط، وخارج هذه المواعيد ما هو إلا خادم ودرويش يستدعى عند الطلب؟».
وفي رأي فلاحي «فقد أساء الوزير للمؤسسة الدينية وللمسجد، فلو طلب من الأئمة في وقت سابق التطرق لقضايا الفساد والرشوة والتزوير، وهي ملفات تطعن في مصداقية الانتخابات وفي مؤسسات الدولة، لكان الأمر مقبولا. باختصار إنه الغباء السياسي الذي يضر ولا ينفع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.