هناك صحافيون كثيرون اشتهروا بأسئلتهم المحرجة حيث كان على السياسي الذي يواجههم أن يستعد بشكل كامل للمقابلة. لكن الإعلامي الفرنسي جان جاك بوردان هو «البعبع» الذي يسعون جميعهم للظهور في مقابلاته التي تبث من الإذاعة والتلفزيون في وقت واحد، رغم أن الجلوس أمام الميكرفون في برنامجه الصباحي امتحان عسير بات يحمل اسم «مقابلة الوظيفة»، أي تلك اللحظات التي يمر بها المتقدم لمهنة ما ويكون عليه إقناع المدير بكفاءته من وسط عشرات المتقدمين غيره.
بوردان (67 عامًا)، الذي لم يكمل دراسته الجامعية، بدأ محررا رياضيا قبل أن ينتقل للعمل في راديو مونت كارلو (الفرنسي) ويصبح مديرا له. وقد تخصص في تقديم الفترة الصباحية ومن ضمنها مقابلة يومية سريعة مع شخصية لها دور في الأحداث. وهي المقابلة التي يجري بثها، أيضًا، من قناة «إم تي في» الإخبارية التي يتابعها الملايين.
للمقابلة طقس يفرضه الصحافي المذيع على ضيفه. حيث يجلسان متقابلين على طاولة صغيرة لا يفصل بينهما سوى متر واحد. ويركز بوردان عينيه في عيني الضيف ويلقي عليه الأسئلة بإيقاع سريع وبنبرة لا تخلو من جرأة وإلحاح، حيث يبدو المشهد وكأنه صراع ديكة. وغالبًا ما تتناقل القنوات الأخرى وقائع ما يجري في مقابلة الصباح. وكان مبرمجًا أن يكون مرشح اليمين فرنسوا فيون، صباح الثالث عشر من الشهر الحالي، آخر ضيوف بوردان قبل الدورة الأولى من التصويت التي تجري بعد غد، لكن المذيع أعلن أن المرشح رفض دعوته. وجاء الرد من فيون في مقابلة مع برنامج آخر في القناة ذاتها، وصف فيها بوردان بالكذاب، وقال إنه لم يرفض بل كانت له شروط محددة تخص الأسئلة، لأنه يرفض «الخضوع لامتحان الوظيفة».
في سن السادسة عشرة بدأ بوردان حياته ناشطًا يلصق الإعلانات على الجدران في الحملة الرئاسية لعام 1965، للدعاية لمرشح أقصى اليمين جان لوي تيكسييه فينيانكور، بصحبة والده الذي كان من أنصار البقاء على الجزائر مستعمرة فرنسية. وبعد ذلك عمل في مهن مختلفة، سائقًا يوصل الطلبات للمكاتب وبائع عقود تأمين ومراقبًا تجاريًا. وكان حلمه أن يكتب في صحيفة «ليكيب»، أشهر جرائد الرياضة في فرنسا، لكنه فشل. ونجح بفضل وساطة، في دخول إذاعة «آر تي إل» مذيعا رياضيا وبقي فيها 25 سنة قبل أن يتحول إلى الصحافة السياسية وتقديم نشرات الأخبار.
مع اشتداد السباق «السوريالي» للحملة الرئاسية الحالية، ازداد لمعان بوردان وهو يدعو المرشحين كافة للتعاقب على الجلوس أمامه، على «كرسي الاعتراف». وإذا كان هناك من اعتراض على الخضوع للاستجواب العنيف، فإن بوردان ينفي عن نفسه تهمة طول اللسان أو الخروج على قواعد اللياقة والرغبة في مغازلة المستمعين، أي الشعبوية. ويقول ببساطة: «لست قليل أدب لكنني أطرح الأسئلة التي تدور في بال العامة ولا يجرؤ غيري على طرحها». وقد نجح في استقطاب اهتمام المشاهدين وفرض نفسه بصفته إعلاميا «مستقلا». لذلك يأخذ على غيره من الصحافيين أن بعضهم يقيم علاقات صداقة مع الوسط السياسي، ويؤكد أنه يرفض كل دعوات الغداء والعشاء الكثيرة التي يوجهها له السياسيون، ويرى أن على المشتغل بمهنة المتاعب أن يعرف كيف يقول «لا».
بوردان صحافي فرنسي فرض على مرشحي الرئاسة «امتحان الوظيفة»
اكتسب لقب «البعبع» الذي يسعى الجميع للظهور في مقابلاته
بوردان صحافي فرنسي فرض على مرشحي الرئاسة «امتحان الوظيفة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة