الحكومة اليمنية تلاحق نجل شقيق صالح في باريس

الحكومة اليمنية تلاحق نجل شقيق صالح في باريس
TT

الحكومة اليمنية تلاحق نجل شقيق صالح في باريس

الحكومة اليمنية تلاحق نجل شقيق صالح في باريس

كشفت مصادر دبلوماسية يمنية لـ«الشرق الأوسط» عن مطالبة يمنية للسلطات الفرنسية باحتجاز العميد يحيى محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي صالح، الموجود، حالياً، على الأراضي الفرنسية، ليقوم بأنشطة مؤيدة للانقلاب والانقلابيين. وقال الدكتور رياض ياسين، سفير اليمن في باريس، إن قيادة السفارة التقت بالمسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية، أول من أمس، حيث «تم إطلاعهم على التحركات المشبوهة والمحمومة من قبل المدعو يحيى صالح، وتاريخه السيئ ودعمه للانقلاب وتهريبه للأموال ودعمه الانقلابيين».
وفي الوقت الذي يرعى فيه يحيى صالح تنظيم فعاليات مؤيدة للانقلاب في باريس برعاية بعض الصحافيين العرب، فقد أكد سفير اليمن في باريس لـ«الشرق الأوسط» أن المسؤولين الفرنسيين «أكدوا لنا أنهم يؤيدون الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي»، مشيراً إلى أن «السفارة بدأت في إجراءات الملاحقة القانونية، كما تم فتح ملف لمتابعة تحركات المذكور»، وإلى أن «السلطات الفرنسية تتابع الآن السيارات التي تحمل أرقاماً دبلوماسية يمنية ليست تابعة للسفارة، حالياً، حيث توجد أرقام دبلوماسية يستخدمها يحيى صالح وصادق الصعر وغيرهما مُنحت لهم، سابقاً، إبان عهد المخلوع صالح، ورفضوا إعادتها بحسب طلب السلطات الفرنسية».
في السياق ذاته، قالت مصادر دبلوماسية أخرى إن «يحيى صالح اسم ارتبط بالجرائم التي ارتبطت بنظام الرئيس السابق (عمه صالح)، وعلاقته بقمع اليمنيين، وكان يرأس وحدات أمنية تورطت في انتهاكات وقمع للثورة الشبابية الشعبية في عام 2011، كما قام بأنشطة انقلابية باعتباره أحد أركان الانقلاب على الحكومة الشرعية في نهاية 2014 وتحالفه مع الميليشيات الحوثية».
وكشفت تلك المصادر، التي رفضت الإشارة إلى هويتها، أن يحيى صالح «كلف بالتحرك الخارجي لدعم الانقلاب وإدارة أموال أسرة صالح إلى جانب ابن عمه خالد صالح الذي يدير شبكات مالية بمليارات الدولار في دول ومناطق من ضمنها منطقة الكاريبي»، وأكدت المصادر أن «لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن تعمل على تعقُّب أرصدة وتحويلات المذكور الذي يتخفى بحماية تنظيمات إرهابية دولية وتجار أسلحة معروفين، تحت حماية حزب الله في لبنان، ولدينا شكوك حول مساعدته في نقل أموال لدعم الانقلاب».
وكان العميد يحيى محمد عبد الله صالح قائدا لأركان قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي - سابقاً)، لكنه كان القائد الفعلي لتلك القوات التي أسسها والده وظل قائداً حتى وفاته، وخلال العقدين والنيف الماضيين، برز اسم يحيى صالح كرجل مال وأعمال، إلى جانب عمله العسكري، حيث يمتلك كثيراً من الشركات في اليمن وخارجه.
ويرى المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن «يحيى صالح صاحب الدور والأداء غير المألوفين والشخصية المتحررة ظاهرياً بالنسبة لعائلة تقليدية احتكرت السلطة ومارست الجبروت والنفوذ الداخليين بأدوات قمع وتسلط متعددة، يفتح نشاطه المتنامي على الصعيد الخارجي كثيراً من الأسئلة حول مضاعفات السكوت عن دوره ومهامه الخطيرة حتى الآن»، ثم يضيف لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من أنه تحرَّر من مهامه الأمنية الميدانية بعد سقوط نظام عمه، فإنه ظل يؤديها على المستوى الخارجي وبصورة ناعمة للغاية، لينهض بدور المنسق الخارجي لتحالفات المخلوع صالح، في إطار ما يُعرَف بـ«الهلال الشيعي - روسيا»، مسخراً ثروة تقدر بالمليارات هي نفسها الثروة التي يتقاسمها مع عمه المخلوع صالح طيلة العقود الثلاثة من حكم العائلة للبلاد، في شراء الأسلحة وفي بناء التحالفات وتأسيس اللوبيات».
ونظمت السفارة اليمنية في باريس، الأسبوع الماضي، ندوة حول الأوضاع في اليمن، وشارك فيها مسؤولون بارزون، بينهم وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، ومستشار وزير الدفاع السعودي العسكري المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن اللواء أحمد عسيري، وقد حققت الندوة نجاحاً كبيراً، وبمشاركة العشرات من المفكرين والسياسيين الفرنسيين والعرب، حيث شرحت الوضع القائم في اليمن، والدور الإيراني.
وأوضحت الأوراق التي قدمت جانباً كبيراً من جرائم ميليشيات الحوثي وصالح المدعومة من طهران.
وبهذا الخصوص، قال رياض ياسين، سفير اليمن في باريس إن الندوة «تميزت بالحضور والإقبال والاهتمام، حيث حضرها أكثر من 20 سفيراً وأكثر من 70 دبلوماسياً، بالإضافة إلى عدد كبير من المهتمين بالشأن اليمني من المسؤولين الفرنسيين والأكاديميين والإعلاميين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.