مهجّرو البلدات الأربع عالقون بانتظار تنفيذ مجمل الإتفاق

الزبداني المنطقة الثانية بعد داريا التي هجّر سكانها بالكامل

مقاتلون من بلدة الزبداني قرب دمشق ينتظرون في الراموسة بحلب أمس استكمال إجراءات نقلهم بحسب اتفاق البلدات السورية الأربع الذي تعطل أكثر من مرة (أ.ف.ب)
مقاتلون من بلدة الزبداني قرب دمشق ينتظرون في الراموسة بحلب أمس استكمال إجراءات نقلهم بحسب اتفاق البلدات السورية الأربع الذي تعطل أكثر من مرة (أ.ف.ب)
TT

مهجّرو البلدات الأربع عالقون بانتظار تنفيذ مجمل الإتفاق

مقاتلون من بلدة الزبداني قرب دمشق ينتظرون في الراموسة بحلب أمس استكمال إجراءات نقلهم بحسب اتفاق البلدات السورية الأربع الذي تعطل أكثر من مرة (أ.ف.ب)
مقاتلون من بلدة الزبداني قرب دمشق ينتظرون في الراموسة بحلب أمس استكمال إجراءات نقلهم بحسب اتفاق البلدات السورية الأربع الذي تعطل أكثر من مرة (أ.ف.ب)

لا تزال قافلة المهجرين من الزبداني في ريف دمشق، عاقلة في منطقة الراموسة في الطرف الغربي لمدينة حلب الواقعة تحت سيطرة النظام السوري وحلفائه، كما بقيت قافلة المهجّرين من الفوعة وكفريا في ريف إدلب متوقفة في منطقة الراشدين الواقع تحت سيطرة فصائل المعارضة، وذلك بعد 24 ساعة على انطلاق القافلتين من البلدات المذكورة، المشمولة باتفاق التغيير الديموغرافي، الذي أبرم بين «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) وحركة «أحرار الشام» من جهة، وبين الجانب الإيراني.
وينتظر المهجّرون قسراً، تنفيذ بند الإفراج عن 750 معتقلاً ومعتقلة من أبناء محافظة إدلب، من أصل 1500 معتقل موجودين في سجون النظام، تقرر الإفراج عنهم من ضمن الاتفاق المشار إليه، على أن يتم الإفراج عن الباقين في المرحلة الثانية مما بات يعرف بـ«اتفاق البلدان الأربع». غير أن تعليق الاتفاق بدا مرتبطاً بعدم التزام الجانب الإيراني بمجمل الاتفاق.
وأعلن المرصد السوري أن «قافلة الزبداني تضم نحو 300 شخص غالبيتهم الساحقة من المقاتلين، فيما تضمّ قافلة الفوعة وكفريا 3 آلاف شخص، بينهم نحو 700 من المسلحين الموالين للنظام متوقفة في منطقة الراشدين»، مؤكداً أنه «في حال تم تنفيذ بند الإفراج عن المعتقلين تنطلق القوافل، حيث تتجه قافلة الفوعة وكفريا إلى داخل مدينة حلب، بينما تتجه قافلة الزبداني مع المعتقلين المفرج عنهم إلى إدلب».
عضو «حركة العمل الوطني» السورية المعارضة عبد القادر علاف، عزا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، تعطيل تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق البلدات الأربع، لـ«أسباب إقليمية، منها نكوث الجانب الإيراني بتنفيذ الشقّ المتعلّق بالمعتقلين.
وعادت مسألة التهجير لتطرح أسئلة عن أسبابها وخلفياتها، خصوصا أن ما سرى على الزبداني لجهة أفراغ المدينة من كل سكانها، وقطع الطريق على أي أمل لهم بالعودة إلى أرضهم ومنازلهم، أعاد بالذاكرة إلى ما شهدته مدينة داريا قبل أكثر من عام. واعتبر عضو «مجلس الثورة» في ريف دمشق إسماعيل الداراني، أن «هناك الكثير من الأسباب التي حملت حزب الله على تدمير الزبداني بعد عجزه عن احتلالها، ومن ثم تهجير أهلها بالكامل». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهم هذه الأسباب هو أن الزبداني كانت أول بلدة سورية أعلن تحريرها من النظام، بالإضافة إلى موقعها الحساس، حيث كانت ممراً للسلاح الذي يصل إلى الثوار في القلمون والريف الغربي لدمشق، عدا عن قربها من الحدود اللبنانية، وما تشكله من إزعاج لهذا الحزب»، مشيراً إلى أنها الزبداني هي «المنطقة الثانية في ريف دمشق بعد داريا، التي هجّر سكانها بالكامل، خصوصا أن الحسم العسكري فيها كان مستحيلاً، لا سيما بعدما حوّل الثوار الأبنية المهدمة فيها إلى خنادق».
وشدد الداراني على أن «تهجير أبناء الزبداني كان قراراً إيرانياً بحتاً، لا علاقة لنظام الأسد فيه، لأن الإيرانيين هم من أداروا المفاوضات وأبرموا اتفاق البلدات الأربع، بغياب تام للنظام». وكما للزبداني أسباباً موجبة برأي الإيرانيين، كان الوضع مماثلاً لداريا، التي لا يسمح لأهلها الموجودين على أطرافها بالعودة». ولفت الداراني إلى أن داريا «كانت شوكة في خاصرة نظام الأسد، لكونها تبعد 4 كيلومترات فقط عن القصر الجمهوري، وبسبب قربها من مطار المزّة العسكري، وتقع على طريق إمداد حزب الله بسبب قربها من أتوستراد دمشق بيروت».



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».