أنقرة تسعى لتقريب المواقف مع واشنطن وموسكو حول سوريا

إردوغان يلمح إلى قبول أميركي باستبعاد الأكراد من الرقة

شاب من بلدة الزبداني غرب دمشق التي أخليت أمس مما تبقى من معارضة يجلس فوق درجات بيت تعرض للقصف أثناء المعارك بين فصائل معارضة وحزب الله (أ.ف.ب)
شاب من بلدة الزبداني غرب دمشق التي أخليت أمس مما تبقى من معارضة يجلس فوق درجات بيت تعرض للقصف أثناء المعارك بين فصائل معارضة وحزب الله (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تسعى لتقريب المواقف مع واشنطن وموسكو حول سوريا

شاب من بلدة الزبداني غرب دمشق التي أخليت أمس مما تبقى من معارضة يجلس فوق درجات بيت تعرض للقصف أثناء المعارك بين فصائل معارضة وحزب الله (أ.ف.ب)
شاب من بلدة الزبداني غرب دمشق التي أخليت أمس مما تبقى من معارضة يجلس فوق درجات بيت تعرض للقصف أثناء المعارك بين فصائل معارضة وحزب الله (أ.ف.ب)

تسعى أنقرة إلى تقريب المواقف مع كل من واشنطن وموسكو حول الوضع في سوريا من أجل تحقيق بعض مطالبها، وفي مقدمتها استبعاد القوات الكردية المدعومة من الجانبين وبصورة رئيسية من واشنطن من عملية مرتقبة لتحرير الرقة من «داعش»، وإخراج وحدات «حماية الشعب الكردية» من منبج.
وكشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن سعيه لعقد لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو (أيار) المقبل، سيركز فيه على تنسيق المواقف في سوريا والحرب على التنظيمات الإرهابية إلى جانب العلاقات بين البلدين، وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، أمس، إن اللقاء بين إردوغان وترمب قد يعقد في مايو قبل اجتماع لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وبالتزامن، بحث إردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي، التطورات في سوريا والعمل معاً من أجل تثبيت وقف إطلاق النار.
وقال إردوغان في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية بثت فجر أمس، إن أنقرة ترحب بمواقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وترى أنه من الممكن حل الكثير من القضايا العالقة عبر تعزيز التعاون بين الجانبين على اعتبار أنّهما حليفان استراتيجيان في «الناتو».
وتطرق إلى الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من ترمب مساء الاثنين عقب ظهور النتائج للاستفتاء على تعديل الدستور في تركيا، لافتاً إلى أنه كان مثمراً وبنّاء، وأنه اتفق مع ترمب على ضرورة عقد لقاء ثنائي في أقرب وقت ممكن للتباحث حول الكثير من المسائل الإقليمية والثنائية وجهاً لوجه، وأبلغه ترمب بأنه سيصدر تعليماته في هذا الخصوص لمسؤولي البيت الأبيض كي يحضّروا لهذا اللقاء، وأنه بدوره سيقوم بما يلزم.
وأضاف أن الاتصال كان فرصة للتباحث حول الأزمة السورية والسبل الكفيلة بحلها، مضيفاً: «أبلغت الرئيس ترمب بأن علينا عدم التأخر أكثر، وعقد لقاء ثنائي للتباحث حول الأزمة السورية، ولنطور العلاقات الثنائية القائمة بيننا، وأعتقد أنّ هذا اللقاء سيتم في وقت قريب».
وبالنسبة للحملة المرتقبة على محافظة الرقة السورية، معقل تنظيم داعش، ذكر إردوغان أن الرئيس الأميركي أبلغه بأنه «من غير الممكن التغلب على (داعش) عبر تنظيم إرهابي آخر» (في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية)، وأن وزير الخارجية الأميركي ورئيس المخابرات الأميركية أكدا خلال زيارتيهما إلى أنقرة مؤخراً، أن التحالف الدولي وتركيا يستطيعان إنهاء وجود «داعش» بكل سهولة».
وتطالب أنقرة بمنع القوات الكردية من المشاركة في عملية الرقة كشرط للاشتراك فيها.
في السياق، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي ريكس تيرلسون، مساء أول من أمس الثلاثاء، تم خلاله بحث الترتيبات المستمرة منذ فترة لزيارة إردوغان المرتقبة إلى واشنطن.
وقالت مصادر تركية إن الاتصال تطرق إلى الملف السوري والتطورات الأخيرة في المنطقة.
وصرح جاويش أوغلو، أمس، بأن اللقاء بين إردوغان وترمب سيعقد في مايو (أيار) المقبل قبل اجتماع لحلف الناتو.
بموازاة ذلك، تلقى إردوغان اتصالاً هاتفياً من نظيره الروسي فلاديمير بوتين مساء أول من أمس الثلاثاء، هنأه فيه على فوزه في استفتاء يعزز صلاحياته الرئاسية.
وقالت مصادر رئاسية تركية إن إردوغان وبوتين أكدا أهمية المضي في تطبيع العلاقات بين البلدين التي تأثرت بعد إسقاط تركيا طائرة حربية روسية على الحدود السورية عام 2015 وأنهما أكدا أهمية الحفاظ على وقف إطلاق النار في سوريا برعاية مشتركة بين أنقرة وموسكو، بحسب ما نقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية عن المصادر.
وكانت أنقرة وجهت انتقادات حادة إلى موسكو عقب الهجوم بالأسلحة الكيميائية على بلدة خان شيخون في محافظة إدلب السورية، وطالبتها بالتخلي عن تمسكها ببقاء بشار الأسد ونظامه في السلطة.
وعقد خبراء من روسيا وتركيا وإيران اجتماعاً في طهران أول من أمس الثلاثاء لبحث استئناف اجتماعات آستانة، وتثبيت والحفاظ على وقف إطلاق النار في سوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».