القاهرة والخرطوم تسعيان لتهدئة «عاصفة سياسية» تجتاح البلدين

شكري يصل إلى السودان لعقد مباحثات وزارية

شكري ونظيره السوداني أثناء مؤتمر صحافي مشترك لهما عقب اجتماعهما بشأن بحث موضوع مياه النيل (غيتي)
شكري ونظيره السوداني أثناء مؤتمر صحافي مشترك لهما عقب اجتماعهما بشأن بحث موضوع مياه النيل (غيتي)
TT

القاهرة والخرطوم تسعيان لتهدئة «عاصفة سياسية» تجتاح البلدين

شكري ونظيره السوداني أثناء مؤتمر صحافي مشترك لهما عقب اجتماعهما بشأن بحث موضوع مياه النيل (غيتي)
شكري ونظيره السوداني أثناء مؤتمر صحافي مشترك لهما عقب اجتماعهما بشأن بحث موضوع مياه النيل (غيتي)

وصل وزير الخارجية المصري إلى العاصمة السودانية الخرطوم في زيارة ليومين، يجري خلالها مباحثات وزارية مشتركة برئاسة وزيري الخارجية في البلدين، وذلك في أعقاب توتر دبلوماسي وسياسي، يعد الأعنف من نوعه بين البلدين منذ اتهامات القاهرة للخرطوم بالضلوع في محاولة «اغتيال» الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يونيو (حزيران) 1995.
وتأجلت اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة التي كان مقررا لها الانعقاد في الخرطوم في التاسع من الشهر الحالي، وقيل رسميا إن التأجيل كان بسبب عاصفة ترابية حالت دون إقلاع طائرة وزير الخارجية المصري سامح شكري المتجهة للخرطوم، إلا أن تحليلات سياسية أرجعت تأجيل الزيارة لـ«عاصفة سياسية».
ووصل شكري للخرطوم في زيارة تستغرق يومين، يعقد خلالها اجتماعات للجنة المشاورات السياسية بين البلدين على مستوى وزير الخارجية، مواصلة لعمل لجنة المشاورات السياسية المنبثقة من اللجنة العليا المشتركة على المستوى الرئاسي، وعقدت أول اجتماعاتها 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 بالقاهرة.
ووجهت الخرطوم عقب تأجيل الزيارة الأولى اتهامات للقاهرة بأنها طالبت بالإبقاء على العقوبات المفروضة على السودان، بموجب قرار مجلس الأمن «1591». ووصف وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور وقتها هذا الموقف بأنه «شاذ»، وقال إنهم طلبوا من مصر تفسيرا للأمر، وتابع أن «الموقف شذ عن كل المواقف المصرية في مجلس الأمن... وهذا بالنسبة لنا أمر غريب، نتمنى ألا يكون انعكاسا لبعض الخلافات الطفيفة بين البلدين»، وأضاف موضحا: «لأنه حينها سيكون موقفا شاذا عن الموقف الأفريقي والعربي وعن الموقف الثابت الداعم للسودان».
وردت الخارجية المصرية ببيان نفت فيه اتهامات غندور، بل وسربت وثيقة موقعة باسم المندوب الدائم للسودان في الأمم المتحدة السفير عمر دهب، يشكر فيها مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة على بيانه في مجلس الأمن في جلسته التي عقدت في الرابع من أبريل (نيسان) الحالي، التي تناولت تقرير بعثة حفظ السلام المشتركة في دارفور (يوناميد).
ومنذ أشهر تدور ملاسنات في الإعلام بين سودانيين ومصريين، وفي منصات التواصل الاجتماعي.
وقال المتحدث باسم الخارجية السودانية، السفير قريب الله الخضر، إن الوزيرين المصري والسوداني سيجريان جولة مباحثات صباح اليوم بالخرطوم، ويعقدان مؤتمرا صحافيا في نهاية المباحثات، ووجه الدعوة إلى أجهزة الإعلام للتغطية.
ويتوقع أن تتناول المباحثات العلاقات التجارية، وميثاق شرف إعلاميا بين البلدين، ومناقشة العلاقات الثقافية المشتركة، باعتبار العام الحالي عام الثقافة المصرية في السودان وعام الثقافة السودانية في مصر، وذلك وفقا للمتحدث باسم الخارجية المصرية لوسائل إعلام مصرية. ولا يعرف ما إن كانت المباحثات ستتناول القضايا الأكثر حساسية بين السودان ومصر، مثل قضية «مثلث حلايب» المتنازع عليه بين البلدين.
وتفاقمت حدة التوتر المصري - السوداني، على خلفية قرار أصدرته الخرطوم اشترطت فيه حصول الرجال المصريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 سنة، على تأشيرة دخول من السفارة السودانية قبل السفر إلى البلاد، بعد أن كانوا يدخلون البلاد من دونها، وبررت الخرطوم موقفها بأنها تتعامل مع القاهرة بـ«المثل»، لأنها تشترط على السودانيين من الفئة العمرية ذاتها الحصول على تأشيرات دخول، على الرغم من اتفاقية بين البلدين نصت على إعطاء مواطني الدولتين ما عرفت بـ«اتفاقية الحريات» الأربع، وتتضمن الإقامة والعمل والتملك والتنقل لمواطني البلدين كل في الأخرى.
ووفقا لمراقبين، فإن التوتر الذي تشهده علاقات البلدين يعد الأشد من نوعه منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتراوحت الملفات المثيرة للتوتر فيه بين الغضب المصري على تأييد السودان لسد النهضة والتقارب السوداني الإثيوبي، والتقارب القطري - السوداني، واتهامات بإيواء أفراد من جماعة الإخوان المصرية، وحظر استيراد السلع الزراعية المصرية من الجانب المصري.
أما سودانيا فإن الخرطوم اتهمت القاهرة بممارسة أنشطة استفزازية ومزعجة للجيش السوداني من قبل قوات مصرية بالقرب من مثلث حلايب، الذي أعلنه وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف في البرلمان قبل أيام، وذلك عقب اتهام الرئيس عمر البشير لمصر بدعم حكومة جنوب السودان بالسلاح، ومؤسسات مصرية لم يسمها، بأنها تقود التعامل مع السودان بعدائية، وتلميحه أثناء افتتاحه مصنع أغذية إلى أن السودان لن يأكل «أغذية ملوثة» بعد، وذلك في إشارة إلى السلع الزراعية المصرية التي كان السودان يستوردها من مصر، واعتبرتها أكثر من دولة «ملوثة»، مما جعل الخرطوم توقف استيرادها.
لكن كلتا الدولتين حافظت على «شعرة معاوية»، ونقلت تصريحات تصالحية من رأسيي الدبلوماسية في البلدين، ويتوقع أن تنهي مباحثات اليوم حالة التوتر الحاد في علاقة الدولتين، وأن تؤدي إلى وقف الحملات الإعلامية العدائية المتبادلة، بما يوقف «عاصفة الانتقادات» المتبادلة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.