منتدى في بروكسل للتعريف بفرص الاستثمار في تونس

بحضور وزراء من الجانبين ومستثمرين

منتدى في بروكسل للتعريف بفرص الاستثمار في تونس
TT

منتدى في بروكسل للتعريف بفرص الاستثمار في تونس

منتدى في بروكسل للتعريف بفرص الاستثمار في تونس

تنظم الغرفة التجارية العربية البلجيكية في بروكسل اليوم الخميس، منتدى للتعريف بفرص الاستثمار في تونس بحضور وزير الصناعة والتجارة التونسي زيد العذاري وسيسيل جودون وزير دعم التجارة الخارجية في حكومة بروكسل.
ويتناول النقاش، استعراض الاستراتيجية التي قدمتها تونس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي خلال مؤتمر تونس 2020. وجمعت خلاله أكثر من ألف شركة محلية ودولية، فضلاً عن شرح خطة التنمية التونسية 2016-2020، وكذلك خلق بيئة ملائمة للأعمال التجارية ولجميع أنواع الاستثمارات.
وقالت الغرفة التجارية العربية البلجيكية: «مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتنوع اقتصاد السوق استطاعت تونس تحقيق نجاحات رغم الظروف التي مرت بها خلال السنوات الماضية، ولا تزال تمثل مصدر جذب وسوقا حيوية للاستثمارات الخارجية»، مشيرة إلى القطاعات الرائدة في هذا الصدد ومنها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسياحة والطيران والسيارات والأغذية الزراعية وتطوير البني التحتية والموانئ والنقل والخدمات اللوجيستية والنفط والغاز والمنسوجات والأزياء.
وقال قيصر حجازين الأمين العام للغرفة التجارية العربية البلجيكية لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر الندوة رفيعة المستوى فرصة للمشاركين على التعرف بفرص الاستثمار والالتقاء مع أعضاء الوفد التونسي وجها لوجه والاستماع إلى الشرح والتوضيح حول الفرص الاستثمارية والأعمال ومجالات التعاون».
يذكر أنه في الأسبوع الأول من مارس (آذار) الماضي، أعلن وزير الشؤون الخارجية البلجيكي ديدييه رايندرس، أن بلجيكا ستقوم بتحويل 11.5 في المائة من القيمة الإجمالية لديونها لدى تونس (ما قيمته 3 ملايين يورو) إلى مشاريع تنموية.
وأضاف في تصريح عقب لقائه رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، أن هذا القرار يمثل خطوة أولى على درب التزام بلاده بدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في تونس، بما يتماشى مع مخططها التنموي.
وأكد أن تونس بصدد ضبط ديونها، قائلا إن الجهود حاليا منكبة على ضبط المشاريع ذات الأولوية التي يجب إطلاقها لا سيما في مجالات الصحة والتربية والبنية التحتية والتشغيل والطاقات المتجددة وتطوير المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وتنشط في تونس 160 مؤسسة بلجيكية وفق رايندرس.
ولاحظ الوزير البلجيكي أن الوضع على المستوى الأمني تحسن بشكل كبير، خاصة في الموانئ والمطارات والنزل والمواقع الحساسة على الحدود التونسية الليبية. وقال: «إن قرار رفع حظر السفر إلى تونس، بصفة جزئية، قد تم اتخاذه استنادا إلى تقارير لأجهزة أمنية أجنبية»، مؤكدا أن الرفع الكلي لهذا الحظر، سيتم تدريجيا بالتوازي مع تحسن الوضع الأمني في جهات أخرى.
وأوضح في هذا الصدد أن بلاده لم تمنع رعاياها من السفر إلى تونس بل أوصتهم بتوخي الحذر اللازم خاصة في المناطق الحدودية.
وبين المسؤول الدبلوماسي البلجيكي، أن اللقاء مع رئيس الحكومة كان مناسبة لتدارس واقع العلاقات بين تونس ودول البينلوكس (بلجيكيا وهولندا ولوكسمبرغ) وبين تونس وبلدان الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى التطرق إلى مواضيع الانتخابات البلدية واللامركزية والحريات الفردية ووسائل النهوض بالتعاون في المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية.
وفي النصف الأول من الشهر الجاري أعلنت وزيرة السياحة التونسية، سلمى اللومي، أن قطاع السياحة في البلاد حقق في الربع الأول من العام الجاري نمواً بنسبة 33.5 في المائة على أساس سنوي. وجاء ذلك بعد أن استأنفت عدة دول أوروبية ومنها بلجيكا تسيير الرحلات السياحية إلى تونس.
ووفق أرقام وزارة السياحة التونسية، يقدّر عدد السياح الوافدين إلى تونس في الأشهر الثلاثة الأولى من 2016 بنحو 831 ألفاً و991، ما يعني أن عدد سياح الربع الأول من العام الجاري، بلغ 1.1 مليون سائح. وقالت اللومي، في تصريح لوسائل الإعلام «حققنا حتى مارس الماضي، نمواً بـ33.5 في المائة مقارنة مع 2016. يعود بالأساس إلى تطوّر معاملاتنا في هذا القطاع مع الأسواق التقليدية مثل فرنسا وألمانيا، علاوة على السوق الجزائرية».
وأضافت، مفسّرة أسباب النمو السياحي المسجّل في بلادها «هناك دول أوروبية رفعت حظر سفر سيّاحها إلى تونس، مع أن بلدانا أخرى مثل بريطانيا تواصل الحظر، إلى جانب الجهود المبذولة من قبل الدبلوماسية التونسية بهذا الاتجاه».
ومنذ منتصف 2015، حظرت الكثير من البلدان الأوروبية على مواطنيها السفر إلى تونس، في أعقاب الهجمات الإرهابية التي استهدفت متحف باردو وسط العاصمة تونس، ومدينة سوسة الساحلية (شمال شرق)، وأودت بحياة عشرات السياح الأوروبيين.
في المقابل، استأنفت كل من فرنسا وروسيا وبولندا وبلجيكا وألمانيا، منذ مطلع العام الجاري، رحلاتها إلى تونس، مدفوعة بتحسّن الوضع الأمني في البلاد، فيما لا تزال بريطانيا متحفّظة على هذا الأمر.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.