الدفعة الخامسة من مهجري الوعر تنضم إلى 12 مليون سوري مشردين

تفجير الراشدين يعلق «اتفاق المدن الأربع»... ومئات العائلات تعود إلى مضايا

سوريون أصيبوا في تفجير استهدف السبت الماضي مهجري كفريا والفوعة يجلسون داخل خيمة قرب الحدود السورية ـ التركية بعد تلقي العلاج  (أ.ف.ب)
سوريون أصيبوا في تفجير استهدف السبت الماضي مهجري كفريا والفوعة يجلسون داخل خيمة قرب الحدود السورية ـ التركية بعد تلقي العلاج (أ.ف.ب)
TT

الدفعة الخامسة من مهجري الوعر تنضم إلى 12 مليون سوري مشردين

سوريون أصيبوا في تفجير استهدف السبت الماضي مهجري كفريا والفوعة يجلسون داخل خيمة قرب الحدود السورية ـ التركية بعد تلقي العلاج  (أ.ف.ب)
سوريون أصيبوا في تفجير استهدف السبت الماضي مهجري كفريا والفوعة يجلسون داخل خيمة قرب الحدود السورية ـ التركية بعد تلقي العلاج (أ.ف.ب)

خرجت يوم أمس الدفعة الخامسة من مهجري حي الوعر في حمص من أصل عشر دفعات، في وقت علّق فيه خروج مقاتلي فصائل المعارضة من الزبداني بعدما توقّف أيضا إخراج المدنيين من الفوعة وكفريا، إثر تفجير حي الراشدين يوم السبت الماضي.
وبدأت الدفعة الخامسة من مقاتلي وعائلات حي الوعر في الخروج إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشرقي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي قال إن عشرات الحافلات التي تحمل على متنها نحو ألفي شخص من المقاتلين وعوائلهم ومدنيين آخرين، من حي الوعر المحاصر من قبل قوات النظام في مدينة حمص، بدأت بالانطلاق من محيط الحي متوجهة نحو جرابلس في الريف الشمالي الشرقي لحلب، حيث تسيطر القوات التركية والفصائل المعارضة في عملية «درع الفرات». وكان من المقرر خروج هذه الدفعة يوم السبت الماضي، إلا أن لجنة التفاوض أجلت الاتفاق مرتين (لأسباب لوجيستية).
وغادر مسلحو حي الوعر على أربع دفعات، توجهت ثلاث منها إلى مدينة جرابلس وخرجت واحدة إلى محافظة إدلب شمال غربي سوريا، ويقدر عدد الذين غادروا الحي بنحو 6 آلاف و500 شخص بينهم نحو ألف مقاتل.
ويتضمن اتفاق «حي الوعر» خروج عشر دفعات بمعدل دفعة واحدة أسبوعيا، خمسة منها لريف حلب، بمعدل ألفين و400 فرد في كل دفعة، وأربع دفعات لمحافظة إدلب، بمعدل ألفي فرد لكل دفعة، ودفعة واحدة باتجاه ريف حمص الشمالي بمعدل ألفين و500 فرد، وتعد هذه الدفعة الرابعة نحو مدينة جرابلس بعد أن توجهت إحدى الدفعات باتجاه مدينة إدلب.
وفي تقرير لها، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن سكان حي الوعر انضموا إلى 12 مليون سوري أصبحوا مشردين قسرا، يضافون إلى 6 ملايين مواطن سوري نزحوا عن أماكن إقامتهم الأصلية، وتشريد قرابة 7 ملايين خارج سوريا تحولوا إلى لاجئين في دول الجوار والعالم.
وأشار التقرير إلى أن النظام السوري وحليفيه الإيراني والروسي يتصدرون ما لا يقل عن 85 في المائة من عمليات التشريد القسري في سوريا، يليهم تنظيم داعش، ثم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، لأسباب طائفية وإثنية في كثير من الأحيان. ويشكِّل هذا التشريد وفق التقرير خرقا صارخا لاتفاقيات جنيف، ويرقى إلى جريمة ضد الإنسانية. وأوضح التقرير «أنه لا يُمكن تبرير معظم عمليات التشريد بأسباب عسكرية أو بهدف حماية المدنيين، لأنَّ هذه الجهات ما زالت حتى الآن تمنع عودة من تشردوا، بل إن معظمهم مهددون بخطر الملاحقة والقتل، وذلك خلافا للقاعدة 132 من القانون الدولي الإنساني العرفي».
وأوضح أن جميع الهدن والمصالحات طُبِّقت على حساب إلغاء القانون الدولي الإنساني، وتحت القهر والقمع وانتهاك القانون الدولي الإنساني، عبر الحصار والقصف العشوائي والتجويع ومنع دخول وخروج المساعدات والسكان المدنيين، لافتا إلى أنه بات القبول بالهدن والمصالحات أهون الشرور بالنسبة إلى المدنيين، مذكرا بأنه في عام 2016 طبقت هذه الهدن في عدة مناطق في ريف دمشق، مثل مدينة داريا وبلدتَي المعضمية وخان الشيخ في ريف دمشق، والأحياء الشرقية في مدينة حلب.
في سياق آخر يتصل بالتهجير السكاني، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الحافلات الأربع التي كانت مخصصة لنقل المقاتلين ومن تبقى من المدنيين من الزبداني إلى الشمال السوري، خرجت من المدينة، مساء أول من أمس، فارغة، رغم أنه كان من المقرر أن تقوم بنقل نحو مائتي مقاتل وعدد من المدنيين المتبقين في المدينة لاستكمال الجزء الثاني من المرحلة الأولى من اتفاق التغير الديموغرافي، مشيرا إلى أن قوات النظام عادت لرفع السواتر في محيط الزبداني. من جهتها، قالت مصادر من مضايا لـ«الشرق الأوسط»، إن «الغموض بات يحيط بمصير الاتفاق بعد توقف خروج أهالي الفوعة وكفريا بإدلب ومضايا وعدم إخراج المقاتلين من الزبداني بريف دمشق»، مشيرة إلى «خروج نحو ألف شخص من المقاتلين وعائلاتهم من مضايا ضمن الدفعة الأولى فيما توقف خروج الدفعة الثانية بعد تفجير الراشدين، في وقت كان يتوقع أن يغادرها ما يقارب الثلاثة آلاف شخص». وتؤكد المصادر أن «مئات العائلات بدأت تعود إلى مضايا منذ بدء تنفيذ الاتفاق على غرار المصالحات التي قام بها النظام في ريف دمشق، بحيث سجّل في الأيام الماضية عودة ما يقارب ثلاثة آلاف شخص هم من العائلات التي كانت قد خرجت من المدينة إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام». في موازاة ذلك، تلفت المصادر إلى أن «النظام يعمد إلى اعتقال الشباب من هم ما بين 18 و45 عاما لإجبارهم على الانضمام إلى قواته، بينهم المطلوب للخدمة العسكرية، وبينهم من يفرض عليه القتال على الجبهات حتى من دون الخضوع إلى دورات تدريبية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».