جدد الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال خطابه بمناسبة اليوم الوطني للجيش، أمس، مطالبة القوات المسلحة بالابتعاد عن «الألاعيب السياسية»، لافتا إلى أن تدخل الأجهزة العسكرية في «الهواجس الاقتصادية» يبعدها عن الأهداف الأساسية، وفي الوقت ذاته دافع عن برنامج التسلح الإيراني، مشددا على أن أهدافه «دفاعية وليست هجومية». وفي المقابل، وجه منافسه ومرشح التيار المحافظ المدعي العام إبراهيم رئيسي رسالتين انتقد فيهما ضمنيا حملة روحاني الانتخابية مطالبا منافسه بالعمل «وفق الضوابط الأخلاقية».
ودشن روحاني بخطابه الاستعراض السنوي لوحدات الجيش الإيراني وسط حضور قادة الأركان والجيش والحرس الثوري، وشاركت في الاستعراض الوحدات الصاروخية والقوة الجوية ومروحيات، فضلا عن وحدات القوات الخاصة والبرية والبحرية. واستعرضت إيران للمرة الأولى أنظمة صواريخ «إس 300» و«إس 200» وأنظمة صواريخ «كروز» وناقلات جنود ودبابات وزوارق سريعة تابعة للقوات البحرية.
واختار روحاني الثناء على علاقة الشعب بالقوات المسلحة مدخلا للتذكير بما قال إنها «وصايا المرشد الإيراني الأول الخميني والمرشد الحالي علي خامنئي» لتوجيه رسالة صريحة للقوات المسلحة، بما فيها الحرس الثوري، نظرا لقرب بدء الحملات الانتخابية بعد أيام قليلة، قائلا: «يجب أن تكون قواتنا المسلحة بعيدة عن الألاعيب السياسية، وفق ما قاله الإمام (الخميني)؛ كلما ابتعدت القوات المسلحة عن اللعبة السياسية، زادت قوة، واقتربت من الشعب». ومن دون الإشارة إلى الحرس الثوري الذي يعد القوة العسكرية الأولى في البلاد، أوضح روحاني أن «الجيش والقوات المسلحة على مدى 30 عاما عملوا بالتوصيات ولم يتدخلوا، هذا مهم».
في بداية مارس (آذار) الماضي، قال قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، إن «أياً من قادة الحرس الثوري ومنتسبيه لا يحق لهم التدخل السياسي والحزبي في الانتخابات». وجاءت تصريحات جعفري بعد أسبوع من تحذيرات أطلقها روحاني في مؤتمر اللجان التنفيذية للانتخابات في 25 فبراير (شباط)، طالب فيها بالاحتجاج على «القوات العسكرية والأمنية» إذا ما تدخلت في الانتخابات.
كذلك حذر روحاني من انشغال القوات العسكرية بما وصفها بـ«الهواجس الاقتصادية»، محذرا من تأثير النشاط الاقتصادي على «الأهداف الأساسية» للقوات المسلحة.
ويعد الحرس الثوري أقوى المنافسين للحكومة في داخل إيران على الصعيد الاقتصادي، وبحسب التقارير الإيرانية، فإن الحرس الثوري والمؤسسات التابعة له تسيطر على نحو 40 في المائة من الاقتصاد الإيراني بما فيه مجال الطاقة واستخراج النفط.
واستغل حسن روحاني المناسبة للتذكير بدور الجيش في إيران، وقال في هذا الصدد إن «الدستور يكلف الجيش صراحة بحراسة السيادة والاستقلال والنظام في إيران».
في الوقت نفسه، نفى روحاني ضمنا وجود خلافات بين الجيش والحرس الثوري والأجهزة الأمنية عبر إشادته بالتعاون بين القوات العسكرية الإيرانية.
ويعاني الجيش منذ صعود «الحرس الثوري» بصفته قوة عسكرية في إيران من التهميش وتراجع الإمكانات. وفي إشارة إلى تعزيز ترسانة الأسلحة الإيرانية، قال روحاني إن القوات العسكرية «جاهزة اليوم» أكثر من أي وقت مضى. وزعم أن أولوية القوات العسكرية الإيرانية «ليست تهديد الآخرين» وقال: «القوات المسلحة خطوتها الأولى ليس تشجيع الصدام العسكري مع أي بلد آخر. أي خطوة منا هي الابتعاد عن الصدام والتوتر، لكن بالوقت نفسه يجب الحفاظ على اليقظة مقابل مؤامرات الآخرين»، حسبما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية.
وفي رسالة موجهة إلى دول المنطقة، بخاصة جيران إيران، قال: «على جيراننا أن يطمئنوا إلى أن قواتنا المسلحة تدافع عن كل منطقة الشرق الأوسط»، مضيفا أن «على الدول الأخرى الاطمئنان بأن قدرتنا دفاعية ورادعة وليست هجومية».
جاءت تصريحات روحاني بعد يوم من حوار قائد القوات البرية في الجيش، العميد كيومرث حيدري مع وكالة أنباء «فارس» الذي كشف فيه عن توجه لتغيير جذري في بنية القوات البرية تتحول بموجبه إلى «قوات هجومية متحركة»، مشددا على أن قواته لن تأخذ القضايا الدفاعية بعين الاعتبار في التحول من الدفاع إلى الهجوم وفق «أوامر المرشد الإيراني علي خامنئي».
في غضون ذلك، أصدر المدعي العام في محكمة رجال الدين ورئيس العتبة الرضوية إبراهيم رئيسي رسالتين احتجاجا على نشاط روحاني الانتخابي، وفي الرسالة الأولى الموجه إلى روحاني قال: «قبل أن نكون حقوقيين، لنا الفخر بارتداء ملابس رجال الدين، وهذا الانتماء يلزمنا برعاية الضوابط الأخلاقية أكثر من أي شخص آخر».
وأعرب رئيسي عن أسفه من أن يؤدي التنافس «من أجل خدمة الشعب» إلى «التلوث بشوائب المسرحيات الانتخابية» حسب ما نقلت وكالة «فارس»؛ المنبر الإعلامي للحرس الثوري.
وتعد هذه المرة الأولى التي يوجه فيها رئيسي رسالة مباشرة إلى روحاني بعد دخوله رسميا إلى السباق الانتخابي. وكان كل من روحاني ورئيسي تقدم بطلب الترشح للانتخابات الرئاسية بفاصل زمني قليل في اليوم الرابع من إطلاق عملية التسجيل. ويملك رئيسي الحظ الأوفر لتمثيل التيار المحافظ في الانتخابات الرئاسية. وبحسب إجماع الأوساط الإيرانية، فإنه المنافس الحقيقي لروحاني في الانتخابات نظرا لإجماع المحافظين على ضرورة دعم مرشح واحد في الانتخابات.
وفي رسالة ثانية احتج رئيسي على هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، في رسالة موجهة إلى رئيس الهيئة علي عسكري. وفي تحذير ضمني من انحياز الهيئة لروحاني، قال: «من المتوقع أن تراعي وسائل الإعلام الوطنية العدالة في الدعاية الانتخابية من أجل تنفيذ انتخابات سليمة ونزيهة وتنافسية».
روحاني يطالب العسكريين بتجنب «الألاعيب السياسية» و«الهواجس الاقتصادية»
مرشح المحافظين يدعو الرئيس الحالي إلى التزام الأخلاق في السباق الرئاسي
روحاني يطالب العسكريين بتجنب «الألاعيب السياسية» و«الهواجس الاقتصادية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة