ما زال الرئيس الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادورو يتمتع بدعم كثير من مؤسسات الدولة باستثناء البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة. الجيش إحدى هذه المؤسسات التي يعتمد عليها مادورو في السيطرة على الوضع الأمني في البلاد مع استمرار حالة التوتر والمظاهرات التي تدعو لها المعارضة، التي تطالب باستقالة الرئيس وإجراء انتخابات للرئاسة.
وأعلن مادورو أمس عن نشر جنود في جميع أنحاء البلاد قبل مظاهرات جديدة مقررة اليوم الأربعاء في ذكرى ثورة 1810 التي أفضت إلى استقلال فنزويلا. وقررت المعارضة التي تشكل أغلبية في البرلمان ويعزز الاستياء الشعبي موقفها، انتهاز فرصة هذه المناسبة للدعوة إلى «أم المظاهرات» من أجل المطالبة بانتخابات مبكرة. أما الحكومة فقد دعت إلى «مسيرة للمسيرات» مما يثير مخاوف من مواجهات جديدة. وكانت السلسلة السابقة من المظاهرات التي هزت فنزويلا في 2014، أسفرت عن سقوط 43 قتيلا حسب الحصيلة الرسمية.
بدأت موجة الاحتجاجات هذه في الأول من أبريل (نيسان) بقرار للمحكمة العليا المعروفة بقربها من مادورو، تولي صلاحيات البرلمان مما أثار موجة احتجاج دبلوماسي دفعها إلى التراجع عن قرارها بعد 48 ساعة. ورأت المعارضة أنها محاولة انقلابية، لكن قائد الجيش اتهمها الاثنين بالاعتماد على مجموعات من «اليمين المتطرف» لتنفيذ «برنامج إجرامي» يشمل «أعمالا إرهابية وأعمال شغب ونهب وتخريب وأشكالا مختلفة من العنف».
وحصل الرئيس على دعم «غير مشروط» من الجيش، اللاعب الأساسي على الساحة السياسية في هذا البلد الذي يشهد أزمة سياسية واقتصادية. وقال قائد الجيش ووزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز، كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية، في تجمع لآلاف من مؤيدي مادورو المسلحين الذين يطلق عليهم اسم «الميليشيا البوليفارية» أن «القوات المسلحة الوطنية البوليفارية (...) تؤكد ولاءها غير المشروط للسيد الرئيس».
والجيش الفنزويلي، الذي يضم 165 ألف رجل و25 ألف جندي احتياطي، لاعب أساسي في ميزان القوى السياسية في البلاد، كما يدل وزنه داخل الحكومة. فمن أصل 32 وزارة يتولى عسكريون حاليون أو سابقون 11 حقيبة. وترى المعارضة أن الجيش هو الداعم الأساسي الذي يسمح لمادورو بالبقاء في السلطة.
ويشرف الجيش على إنتاج وتوزيع المواد الغذائية الأساسية بينما تشهد البلاد نقصا خطيرا في السلع، وكذلك على شركة نفطية ومحطة تلفزيونية ومصرف ومصنع لتجميع السيارات وشركة بناء. وقال المحلل بينينيو ألاركون إن الحكومة الاشتراكية التي لم تعد تتمتع بأي شعبية «اشترت ولاء» العسكريين الذين يتيحون لها البقاء في السلطة «بالقوة».
وأضاف الجنرال بادرينو لوبيز الذي كان يتحدث بحضور مادورو أمام القصر الرئاسي ميرافلوريس في كراكاس أن «القوات المسلحة تكن إعجابا عميقا للرئيس التشافي (نسبة إلى الرئيس الراحل هوغو تشافيز الذي حكم البلاد من 1999 إلى 2013)». وقال المحلل لويس فيسينتي ليون لوكالة الصحافة الفرنسية إن «تشافيز أشرك العسكريين في إدارة الحكومة وهذا التوجه تعزز مع مادورو».
وبذلك أزال قائد الجيش الانقسامات التي ظهرت في الأسابيع الماضية في معسكر الرئيس وخصوصا الانتقادات الحادة التي وجهتها النائبة العامة لمادورو. وعبر مادورو الذي كان يعتمر قبعة عسكرية عن امتنانه لهذه الثقة. وقال أمام الحشد الذي صفق له بحرارة إن «الولاء يقابل بالولاء». وتضم «الميليشيا البوليفارية» التي أنشأها تشافيز في 2010 نحو خمسين ألف شخص اليوم.
وقال الرئيس الفنزويلي: «لقد ولى زمن الخونة والخيانات، ولى زمن التردد وليحدد كل شخص موقفه، إما أن نكون مع الوطن أو ضده».
أما المعارضة فتعد بأن تكون مظاهرة الأربعاء «بداية نهاية» تيار تشافيز الذي تريد إخراجه من السلطة معتبرة أنها الوسيلة الوحيدة لإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية. وطلب 11 بلدا أميركيا لاتينيا الاثنين من فنزويلا «ضمان» حق التظاهر سلميا. وردت الحكومة الفنزويلية بوصف هذه الدعوة «بالتدخل الفاضح».
وكتبت وزيرة الخارجية الفنزويلية ديلسي رودريغيز على «تويتر» أن «سياسة الكيل بمكيالين هذه التي تتبعها هذه الحكومات للمصادقة على العنف التخريبي للمعارضة سوقية». وأضافت: «إنها تنتهك القوانين الدولية لتبرر نزعتها التدخلية».
«أم المظاهرات» مقابل «مسيرة للمسيرات» في شوارع كراكاس اليوم
الرئيس الاشتراكي مادورو يحصل على دعم «غير مشروط» من الجيش
«أم المظاهرات» مقابل «مسيرة للمسيرات» في شوارع كراكاس اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة